دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الأربعاء 1 مايو/أيار 2024، إلى "فضح جرائم الاحتلال" الإسرائيلي بحق العمال الفلسطينيين، وحثت عمال النقل والموانئ على عدم التعامل مع "شركات الشحن الصهيونية".
وبمناسبة اليوم العالمي للعمال في 1 مايو/أيار سنوياً، قالت "حماس" عبر بيان: "لا يزال العمال الفلسطينيون يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب والملاحقة والحصار والعنصرية والتضييق والمنع من أبسط الحقوق".
وتابعت: "وارتفعت وتيرة هذه الجرائم والانتهاكات في ظل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال النازي على شعبنا".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، وبموازاتها صعَّد الجيش ومستوطنون اعتداءاتهم بحق فلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس.
ودعت "حماس" المنظمات الأممية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى "فضح جرائم الاحتلال بحق العمال الفلسطينيين".
كما دعتها إلى "التحرك لرفع الحصار الظالم على قطاع غزة، والذي يضيّق على العمال في أرزاقهم وحريتهم، وضرورة إعطائهم حقوقهم المشروعة في العمل والعيش بحرية وكرامة على أرضهم".
ومنذ 17 عاماً تحاصر إسرائيل قطاع غزة، وأجبرت حربها الأخيرة نحو مليونين من سكانه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية.
وحثت "حماس" الحركات والنقابات والاتحادات العمالية عبر العالم على "تنظيم تظاهرات وفعاليات تضامنية تدعم حقوق عمال فلسطين (…) وترفض وتجرّم وتفضح كل أشكال الإجرام والظلم الذي يتعرّضون له، وتدعو إلى وقف العدوان وإنهاء الاحتلال".
ودعت الحركات العالمية في العالم، "خصوصاً العمال في قطاع النقل والموانئ، إلى عدم التعامل مع شركات الشحن الصهيونية، وتكثيف كل أشكال المقاطعة للاحتلال".
وشددت على أن الاحتلال "يرتكب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي على مدار أكثر من نصف عام ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، شكّلت امتداداً لجرائمه المستمرة ضد شعبنا منذ أكثر من ستة وسبعين عاماً".
الحرب فاقمت الأزمة
وفقد مئات الآلاف من العمال والموظفين في القطاعات الخاصة والحكومية مصادر دخلهم في غزة، بسبب الحرب الإسرائيلية وتداعياتها وأصبحوا يواجهون مصيراً مجهولاً.
وقُتل العشرات من العمال ولا سيما الذين كانوا متواجدين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، أثناء اندلاع الحرب على غزة، وذلك خلال ملاحقتهم والتنكيل بهم من قبل السلطات الإسرائيلية، واحتجازهم بمراكز عسكرية خاصة أقيمت في النقب والقدس والضفة الغربية.
يقول العامل أبو خالد، فضل عدم الكشف عن هويته: "أوضاع عمال قطاع غزة كارثية للغاية بعدما فقدوا أعمالهم ومصادر دخلهم وأصبحوا عاطلين عن العمل، بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 شهور".
ويضيف أبو خالد (56 عاماً) وهو أحد العمال الفلسطينيين في الجانب الإسرائيلي: "بعد اندلاع الحرب بأيام اعتُقلت من السلطات الإسرائيلية، وأُخضعت لتحقيق وتعذيب قاسٍ استمر لمدة شهر تقريباً، ثم قاموا بترحيلي إلى غزة بعد مصادرة أموالي ومقتنياتي الشخصية".
ومنذ ذلك الوقت، يعيش أبو خالد وعائلته المكونة من 7 أفراد والتي نزحت إلى رفح جنوبي قطاع غزة، ظروفاً مادية صعبة للغاية بعدما فقد عمله في قطاع الإنشاءات، في ظل عدم وجود أي بدائل أخرى أو عمل آخر حالياً.
ويتابع لمراسل الأناضول: "نحن اليوم لا مصدر دخل نعيش من خلاله في ظل حالة النزوح المستمر والتنقل من مكان لآخر، وإن لم نمت بالقصف فإننا سنموت جوعاً".
ويشكو من غلاء الأسعار وقلة المساعدات الإنسانية والإغاثة المخصصة لهذه الفئة من العمال، متمنياً أن تنتهي الحرب الإسرائيلية بأسرع وقت وعودة الحياة إلى طبيعتها والبدء بعملية إعمار غزة وفتح مجال لكل الفئات للعمل مجدداً.
ولا تختلف ظروف الشاب سامح شعبان (39 عاماً)، عن أبو خالد خاصة أنه فقد عمله كإداريٍّ في إحدى الجامعات الخاصة في غزة، بعد أن اتخذت إدارة الجامعة قراراً بتسريح كافة العاملين الأكاديميين والإداريين بسبب الحرب الإسرائيلية.
يقول شعبان: "الحرب جعلتنا عاطلين عن العمل، ولا نجد اليوم مصدر رزق لنا ولعائلاتنا، وأصبحنا نعيش على المساعدات الإنسانية والإغاثة التي نتحصل عليها من المؤسسات والمنظمات الإغاثية، وبالكاد تكفي لسد جوعنا".
الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، يقول إن الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة ألقت بظلال قاتمة على العمال الفلسطينيين في شتى المجالات، لا سيما أن العمال والموظفين يعيشون منذ 7 أشهر تقريباً في "إجازة قسرية" بسبب الحرب وحالة القتل والدمار الذي أتى على كل منافذ العمل الخاص والحكومي في غزة.
ويوضح أبو جياب أن يوم العمال يأتي في ظل ظروف "معقدة واستثنائية في قطاع غزة، فلا مكان للأعياد والاحتفالات ولا مكان للعمل أيضاً، حيث سجلت نسبة البطالة في غزة الآن أكثر من 90%، بعدما كانت قبل الحرب تصل إلى 48%".
ويضيف أن العمال أصبحوا في تعداد البطالة الحقيقية بعد تدمير إسرائيل القطاعات الزراعية والصناعية والخدماتية وتكنولوجيا المعلومات والبرمجة وكل القطاعات الإنشائية وغيرها.
وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن العمال يعانون أشد معاناة ويفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية وفي مقدمتها المأوى، وهم مشغولون بحالة النزوح من مكان إلى آخر للحفاظ على حياتهم وعائلاتهم
ويختم حديثه بأن "يوم العمال هذا العام هو عيد دموي عيد للفقر والبؤس والنزوح والموت والخوف، أكثر منه عيداً للعمال".
أما مدير شبكة المنظمات الأهلية والمختص الاجتماعي أمجد الشوا، فيؤكد أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العمال والموظفون بسبب فقدان أعمالهم، تخلق مشاكل اجتماعية وضغوط نفسية.
ويوضح الشوا لمراسل الأناضول، أن الأوضاع الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون بسبب حالة الفقد سواء لأعمالهم أو عائلاتهم أو ممتلكاتهم، تجعلهم دائماً عرضة للصدمات النفسية.
ويبين أن معظم سكان قطاع غزة فقدوا مصادر دخلهم، وفي مقدمتهم العمال والموظفون، وباتوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية والإغاثة بشكل أساسي.
ويحل يوم العمال العالمي هذا العام في ظل ظروف إنسانية قاسية يعانيها الفلسطينيون وضمنهم العمال الذين فقدوا أعمالهم بشكل شبه كلي وباتوا لا يجدون أي مصدر دخل بسبب تداعيات الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من نصف عام.
ووفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد العمال يبلغ 983 ألفاً حتى نهاية الربع الثالث من 2023، حيث بلغ العدد في الضفة الغربية 697 ألف عامل، مقابل 286 ألف عامل في قطاع غزة.
وخلّفت الحرب على غزة أكثر من 112 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة ونحو 10 آلاف مفقود تحت أنقاض دمار هائل، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، ورغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
فيما أسفرت اعتداءات الجيش ومستوطنين إسرائيليين في الضفة عن مقتل 492 فلسطينياً، وإصابة نحو 4 آلاف و900، واعتقال حوالي 8 آلاف و535، وفق مؤسسات فلسطينية معنية.