طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بتحرك دولي فوري للتحقيق في الجرائم المرتبطة بوجود مئات المقابر الجماعية والعشوائية في قطاع غزة، والتي تضم جثامين آلاف الضحايا الفلسطينيين منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتابعت الفرق الميدانية للمرصد الأورومتوسطي عن كثب انتشال مئات جثامين القتلى من مقابر جماعية بعضها تم اكتشافه في مشافي قطاع غزة المختلفة، وفق لتقرير نشره المرصد، الخميس 25 أبريل/نيسان 2024.
وقال الأورومتوسطي، إن حجم المقابر وعدد الجثامين التي تم انتشالها والتي ما تزال لم تُنتشل بعد مُفزع ويستوجب تحركاً دولياً عاجلاً، يشمل تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة على نحو عاجل، للتحقيق في ظروف إقامة هذه المقابر وملابسات مقتل الضحايا الذين دفنوا فيها.
وأشار لوجود دلائل حول تعرض العديد منهم للقتل العمد والإعدامات التعسفية والخارجة عن نطاق القضاء بشكل مباشر وهم معتقلون ومقيدو الأيدي.
أضاف أن ظروف دفن هؤلاء تتطلب تشكيل لجنة فنية من خبراء لمعاينة الضحايا الذين يتم انتشالهم، والتحقق من سبب مقتلهم، ووضع نظام يتيح إمكانية التعرف على هوياتهم سواء حالياً أو في المستقبل.
انتشال مئات الجثامين
وأشار الأورومتوسطي إلى أن انتشال فرق الدفاع المدني مئات الجثامين من مقابر جماعية في مستشفى "ناصر"، وما سبق ذلك من انتشال مئات الجثامين من مجمع "الشفاء" الطبي نموذج لهذه المقابر التي تشكل صفحة سوداء في سجل الانتهاكات التي اقترفتها القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبيّن الأورومتوسطي أن فرقه الميدانية واكبت انتشال عشرات الضحايا من المقابر الجماعية في مجمع الشفاء الطبي، وعاينت استخراج جثامين ضحايا مقيدي الأيدي وآخرين جرحى لم تقدم لهم الرعاية الصحية، وجرى إعدامهم رغم حالتهم الصحية.
وأكد أن جثث الضحايا التي انتشلت تبين أنها متحللة، وجزء منها كان عبارة عن أشلاء وأجساد ممزقة وأخرى دون رؤوس بعد دهسها بالجرافات الإسرائيلية.
ووثق الفريق الميداني للأورومتوسطي استخراج جثامين لبعض المرضى، بدليل وجود قسطرات بولية أو جبائر التي كانت لا تزال متصلة بجثامينهم وقت استخراجها، فضلاً عن وجود ملفات طبية خاصة بالجرحى والمرضى، دفنت معهم واستخرجت من حفرتين في مجمع الشفاء الطبي.
وذكر أن غالبية الجثامين المنتشلة كانت بدأت تتحلل نتيجة طول المدة، وبعضها كان واضحاً أنهت تعرضت للنهش من القطط والكلاب، بعدما أعاقت القوات الإسرائيلية طوال الأشهر الماضية انتشالها.
"أكثر من 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين"
وبيّن الأورومتوسطي أن غالبية الجثامين المنتشلة حديثاً كانت إما في الشوارع أو في بنايات بسيطة مكونة من طابق واحد، في حين أن هناك صعوبات كبيرة في انتشال جثامين القتلى من أسفل المباني متعددة الطوابق، وفق التقرير ذاته.
ودعا المرصد الأورومتوسطي كافة الجهات الدولية المختصة بالتعاون والمشاركة في تحديد هوية الجثامين التي دفنت في هذه المقابر الجماعية ممن لم يتم التعرف عليهم حتى الآن.
ودعا الأورومتوسطي إلى تشكيل ضغط دولي حاسم على إسرائيل لتأمين عمل الأشخاص والطواقم العاملة في إزالة هذا الركام، بما في ذلك طواقم الدفاع المدني، بالإضافة إلى الكشف عن مصير آلاف المفقودين من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة ممن تحتجزهم قوات الجيش الإسرائيلي، بمن في ذلك من ارتكبت بحقهم جرائم الاختفاء القسري والقتل والإعدام غير القانونية في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية.
وأكد أن تقديراته تشير إلى وجود أكثر من 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض، أو قتلى في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسراً في سجون ومراكز اعتقال إسرائيلية، وبعضهم تعرض للقتل داخلها.
وشدد الأورومتوسطي على ضرورة وجود تحرك سريع لانتشال الجثامين، محذراً من أن استمرار بقائها بالشكل الحالي ينذر بنشر المزيد من الأوبئة وستكون له تداعيات خطيرة جداً على الصحة العامة والبيئة، وهي أمور بدأت تلمس منذ عدة أشهر.