تكشف ملامح فلسطينيين مفرج عنهم مؤخراً من سجون الاحتلال، فظاعة ما يعانيه الأسرى داخل المعتقلات الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتقول مؤسسات تعنى بشؤونهم إن هذا التاريخ "شكل محطة فرضت تحولات جذرية على واقعهم".
نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، تداولوا صوراً ومقاطع فيديو، تظهر مشاهد قاسية لأسرى أفرج عنهم مؤخراً، وتبرز تنوع العذابات التي لحقت بهم في سجون الاحتلال.
فيما تشير المعطيات إلى "تعمد" التعذيب والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين، وتذكر المؤسسات التي تعنى بشؤونهم، أن الاحتلال قتل العشرات منهم داخل السجون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عُرف منهم 16 اسماً فقط.
ويُحيي الفلسطينيون هذا العام يوم الأسير الذي يصادف تاريخ 17 أبريل/نيسان من كل عام، في ظل موجة "انتهاكات متصاعدة" بحق الأسرى تزامناً مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
صور ومشاهد قاسية لأسرى مفرج عنهم
ومؤخراً أفرجت قوات الاحتلال عن نائب رئيس الوزراء السابق، والأكاديمي الفلسطيني المعروف ناصر الشاعر، بعد أشهر من اعتقاله، وأظهرت الصور مفارقة كبيرة بين ما قبل وبعد اعتقاله، حيث خرج نحيلاً فاقداً لوزنه.
فيما أفرجت سلطات الاحتلال عن الأسير مجاهد عمارنة، والذي أمضى 5 سنوات داخل السجون، عانى خلالها من الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب النفسي الذي أوصله لحالة صعبة جداً.
وخرج الأسير عمارنة من بلدة يعبد غرب جنين، عشية يوم الأسير الفلسطيني بحالة صحية ونفسية سيئة، وبملابس قديمة غير صالحة، حافي القدمين.
عائلة عمارنة كشفت أنه في الفترة الأخيرة التي سبقت الإفراج عنه وخاصة الـ6 أشهر الأخيرة، ساءت حالته الصحية والنفسية، نتيجة التعذيب والإهمال الطبي.
وروت عائلة الأسير المحرر عمارنة أنه عند إطلاق سراحه تعرّف عليه بعض المواطنين في منطقة الظاهرية حيث استقبلوه إلا أنه لم يكن قادراً على التعرف على أحد ولا يستطيع الحديث.
كما قارن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بين حالة الأسير المحرر معتصم المصري، والمفرج عنه مؤخراً، قبل اعتقاله وبعد إطلاق سراحه، حيث ظهر بلحية كثيفة ووزن مفقود، تبرز الحالة الصعبة التي عانى منها داخل السجون.
في قطاع غزة، أدلى فلسطينيون كانوا محتجزين لدى قوات الاحتلال بشهادات عن هول ما عانوه من تعذيب مستمر، وتحقيق ميداني، وحرمان من الطعام والنوم.
وتتحدث الصورة لوحدها عن الأسير المحرر من غزة سفيان أبو صلاح (43 عاماً)، والمفرج عنه من سجون الاحتلال، الإثنين 15 أبريل/نيسان 2024، وخرج بقدم واحدة.
أبو صلاح أوضح في مقطع الفيديو أن قدمه تعرضت للالتهاب، ورفض جنود الاحتلال إرساله إلى المستشفى، وخلال سبعة أيام انتشر الالتهاب، وتم إجراء عملية بتر لساقه.
كما أكد أنه لم يكن يعاني من أي أمراض قبل اعتقاله، مضيفاً: "اعتقلت بقدمين وأفرج عني بقدم واحدة".
بدوره، روى الطفل نمر النمر، والذي اعتقلته قوات الاحتلال، خلال محاولته الحصول على بعض الأعشاب في شمال غزة الذي يتعرض للمجاعة، ظروف اعتقاله القاسية، مشيراً إلى أنه تعرض للتحقيق في سجن عسقلان.
الطفل نمر (12 عاماً)، والذي أبعده الاحتلال إلى رفح جنوبي القطاع، أطلقت عليه قوات الاحتلال 5 رصاصات من نقطة الصفر؛ ما أسفر عن إصابته في مناطق الكلى والظهر والقدم والفخذ.
الطفل نمر بعد الإفراج عنه، قال بحرقة: "سأدعس على رأسه مثل ما دعس على راسي.. أنا طفل ما ذنبي؟".
في شهادات أخرى، روى أحد المفرج عنهم، ظروفاً قاسية خلال عملية اعتقاله، وتعرضه وآخرين للضرب والإهانة، فيما أظهر مقطع فيديو تعرض أحد المسنين المفرج عنهم للضرب بالعصى على أذنه وفمه وظهره.
بدوره، قال فلسطيني من غزة، أفرج عنه، إن الأسرى يتعرضون للتنكيل والتعذيب والتجويع، وفي عيادة السجن يتم الاعتداء عليهم.
الاحتلال اعتقل 5 آلاف فلسطيني من غزة بعد 7 أكتوبر
مكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قال في بيان، الأربعاء 17 أبريل/نيسان 2024، إن جيش الاحتلال اعتقل أكثر من 5 آلاف فلسطيني منذ أن بدأ حربه المدمرة المتواصلة على القطاع قبل أكثر من 6 أشهر.
في بيانه، أوضح الإعلام الحكومي أن "الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لأبشع أنواع الإجراءات الانتقامية، والتي تهدف إلى حرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية".
وأفاد بأن "الاحتلال الإسرائيلي اعتقل خلال الحرب أكثر من 5000 أسير من قطاع غزة لوحده، ليقارب عدد الأسرى داخل سجون الاحتلال الـ10.000 أسير".
الأسرى في أرقام
بحسب معطيات لنادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، تعتقل دولة الاحتلال 9500 فلسطيني (لا يشمل الرقم أسرى قطاع غزة)، بينهم 80 سيدة، منهم 3 أسيرات رهن الاعتقال منذ ما قبل 7 أكتوبر، و200 قاصر.
المعطيات تشير إلى أن 3660 معتقلاً إدارياً في السجون الإسرائيلية (دون تهمة) بينهم 22 سيدة و40 طفلاً، وتلفت إلى أن سياسة الاعتقال الإداري تصاعدت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويبلغ عدد المعتقلين الذين تم تصنيفهم (بالمقاتلين غير الشرعيين) وفقاً لمعطى إدارة السّجون، (849) وهذا المعطى حتى بداية أبريل/نيسان 2024.
أما أعداد المعتقلين المرضى، فقد تصاعدت بعد السابع من أكتوبر، "فهناك المئات من المرضى والجرحى، وأعدادهم في تصاعد مستمر جراء الجرائم والسياسات والإجراءات الانتقامية الممنهجة التي فرضها الاحتلال على الأسرى، وأبرزها التّعذيب والجرائم الطبيّة"، وفق نادي الأسير.
كما تعتقل سلطات الاحتلال 56 صحفياً منهم 45 اعتقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما زالوا رهن الاعتقال، من بينهم 4 صحفيات.