في ظرف 6 أشهر، ومنذ 7 أبريل/نيسان 2023، استطاع الاحتلال الإسرائيلي تحويل مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة إلى ساحة من الدمار، الذي لحق بعدد كبير من مساكن الفلسطينيين الذين نزحوا إلى الجنوب بعد دخول جيش الاحتلال.
وخلال عودة الفلسطينيين إلى منازلهم التي هُجروا منها بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، اكتشفوا حجم الخراب الذي لحق بالمنازل والمرافق التي سُوي أغلبها بالأرض بسبب قنابل وصواريخ الاحتلال.
وحصل "عربي بوست" على صور خاصة من مدينة خان يونس تكشف حجم الدمار الذي لحق بالأحياء، والتي تحتاج ربما لخمس سنوات أو أكثر لإعادة الإعمار كي تصبح صالحة للعيش.
وفي 7 أبريل/نيسان 2024 أعلن الجيش الإسرائيلي انسحابه من خان يونس بعد 4 أشهر على إطلاق عملية برية فيها كانت تهدف إلى استعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس، إلا أنه خرج من المدينة دون تحقيق أهدافه.
وأثرت العملية العسكرية الإسرائيلية في المدينة بشكل كبير، حيث خلفت دماراً واسعاً في الطرق والمنازل والبنية التحتية.
الدمار في خان يونس
لم تكن الفلسطينية روان تتوقع أن يكون منزل أسرتها الذي بنته بعناء وجهد طوال السنوات الماضية، قد دُمر تماماً وسُوي بالأرض، خلال عودتها إلى مدينة خان يونس.
فبعد أيام من انسحاب الجيش الإسرائيلي من مدينة خان يونس، ذهبت روان لتفقد منزلها والبقاء فيه كما كانت تخطط مع أسرتها التي نزحت لمدينة رفح (جنوب) ريثما تنتهي الحرب الإسرائيلية التي خلفت دماراً واسعاً.
وبصدمة كبيرة، عاينت الفلسطينية منزلها والكثير من منازل جيرانها، واطلعت على حجم الدمار الواسع الذي حل بالمنطقة، فأُحبطت آمالها وأحلامها في العودة إليه لأنه لم يعد صالحاً للعيش.
وقالت روان للأناضول: "تعبنا من النزوح بعيداً عن منزلنا، وعندما انسحب الجيش بعد أيام قررنا العودة لتفقده والسكن فيه، لكنني انصدمت لما رأيته من دمار واسع، لا يوجد بيت، ولا حتى أثر له، ولم يكن هناك مكان يصلح للعيش".
وحالة روان هي نموذج واحد فقط عن حال الكثير من الفلسطينيين الذين عادوا ليسكنوا في منازلهم، فوجدوها مدمرة جراء الحرب الإسرائيلية، كما هو الحال مع سعيد عبد الرحمن الذي قال للأناضول: "ذهبت لتفقد منزلي لأعيش فيه، ولكني وجدت ركاماً فقط ولم أجد منزلاً".
وقال عبد الرحمن لـ"وكالة الأناضول" بعد عودته للحي الذي كان يسكن فيه: "هنا في مدينة خان يونس بعد انسحاب الجيش، لا يوجد شيء، لا مياه ولا مسكن، لذلك سنعود إلى مكان النزوح في مدينة رفح".
العودة للنزوح
ونقل "عربي بوست" مشاهد من داخل مدينة خان يونس تُظهر تأثير الصواريخ الإسرائيلية على المنازل، إذ إن أغلب العمارات التي تسكنها أكثر من عائلة لم يصمد منها سوى الإطار.
يقول خالد لـ"عربي بوست": "كنت أنا وعائلتي نازحين في خيمة في رفح على الحدود المصرية، وبعد انسحاب جيش الاحتلال قررت العودة إلى المنزل، كنت أعلم أنه قصف لأن ابني استشهد فيه، لكن بعد مغادرتنا تم قصفه مرات أخرى".
وتساءل المتحدث: "لماذا يقصف الاحتلال بيتاً أكثر من مرة؟ لقد فتشوا البيت وأخرجونا منه ولم يجدوا أسرى ولا أنفاقاً تحته، لكنهم استمروا في قصفه مرات أخرى، ما الغرض من ذلك؟".
وأشار إلى أن بيته كباقي بيوت خان يونس كلها غير صالحة للعيش، حتى إذا توقفت الحرب لن يستطيع أحد العيش في هذه البيوت المدمرة، والواقف منها معرض للانهيار في أي لحظة.
وقال خالد: "لم نشهد حرباً مثل هذه، كان الاحتلال يشن حروباً على غزة لكننا كنا نعود إلى بيوتنا فور انتهاء الحرب، نجد البعض منها قد سقط، فتبدأ عملية إعادة الإعمار التي تستغرق بضعة أشهر، لكن هذه المرة سيحتاج الأمر ربما لسنوات كثيرة".
وبعد تفقد منزله ومنزل أهله قرر خالد العودة إلى خيمته في رفح هو ومن بقي من أسرته وعدد كبير من سكان مدينة خان يونس، إلى حين توقف الحرب وبدء عملية إعادة الإعمار.
ومن بين المشاهد التي وثقتها كاميرا "عربي بوست" بقايا الصواريخ الإسرائيلية وقنابل الاحتلال الإسرائيلي المنتشرة في كل مكان من خان يونس بأعداد كبيرة.
وكان الفلسطينيون في مدينة خان يونس قد نزحوا من منازلهم خلال العملية البرية الإسرائيلية، إلى مناطق قريبة من مدينة رفح ومناطق الوسط في دير البلح، حيث لجأوا للسكن في خيام وفي أماكن للنزوح مثل مراكز ومدارس ومستشفيات.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة، خلفت أكثر من 100 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب على قطاع غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فوراً، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".