قالت صحيفة The Times البريطانية، الأحد 14 أبريل/نيسان 2024، إن وابل الصواريخ والطائرات المُسيَّرة الذي خرج ولمدة خمس ساعات من طهران إلى تل أبيب، أدى إلى تغيير الأوراق الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وكانت إيران فخورة بقدرتها على إرباك الدفاعات الجوية المتطورة بأعداد هائلة من الصواريخ والمُسيَّرات.
كما قالت الصحيفة إنه في الواقع، أظهر القتال ليلة السبت 13 أبريل/نيسان، أنَّ إسرائيل لا تملك سوى اكتفاء ذاتي محدود في المسائل الأمنية وكانت تعتمد على الاستخبارات الأمريكية لتحديد توقيت الهجوم، وتحديد العديد من مواقع إطلاق النار، وكذلك على المساعدة الأمريكية والبريطانية والفرنسية في إسقاط الذخائر القادمة.
تنسيق الرد على الهجوم الإيراني على إسرائيل
إذ ذهب مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، إلى إسرائيل مقدماً؛ لتنسيق الرد على الهجوم المتوقع. ولم تخِف إيران تحذيراتُ الرئيس بايدن بالامتناع عن أي هجوم، كما لم تبدُ خائفةً من المواجهة مع القوات الإسرائيلية. وربما كانت فاتورة المعدات الإيرانية المستخدمة في الهجوم منخفضة بقيمة ملايين الدولارات؛ مقابل أكثر من مليار دولار قيمة الدفاع عن إسرائيل. وكانت لدى طهران القدرة على إرسال ما هو أكثر من الموجة التي أطلقتها، لكنها اختارت عدم فعل ذلك حتى الآن.
وكانت إدارة بايدن قد وعدت بضمان أمني "صارم" لإسرائيل. ويمكن الاستدلال من صياغة هذا الوعد على أنَّ الإسرائيليين لم يعودوا واثقين كما كانوا في السابق بقوة نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية" لحمايتهم من أسراب الصواريخ قصيرة المدى. ومنذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت هناك حاجة إلى الطمأنينة. والنتيجة: شبكة أوسع من الحلفاء تقف على أهبة الاستعداد، والتي تشمل الأردن ودولاً عربية أخرى.
تحالف جيوسياسي جديد
قد يكون هذا بداية لتحالف جيوسياسي جديد. ويقف على أحد جوانبه أعضاء "CRINKs"- الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية- الذين يرون أنَّ وضعهم يتحسن مع انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وخارجه.
وتزود إيران، روسيا بطائرات مُسيَّرة وصواريخ كروز لاستخدامها في أوكرانيا، في حين تزود كوريا الشمالية بالذخيرة. وتساعد هذه الدول بعضها بعضاً على تفادي العقوبات الغربية.
ويستخدم جميع أعضاء تحالف CRINK كراهية إسرائيل وسيلةً لحشد دعم الجنوب العالمي في المحافل الدولية. وصارت العزلة الدبلوماسية لإسرائيل جزءاً من طقوس انطلاق هذا النادي.
بينما يشمل حلفاء إسرائيل دول أوروبا الغربية؛ على الرغم من أنَّ بعضهم مثل إسبانيا مؤيدون صريحون لإقامة دولة دبلوماسية للفلسطينيين بحلول شهر يوليو/تموز، وبدأ كثيرون آخرون في المطالبة بحظر تصدير الأسلحة إليها. ومن بين الحلفاء أيضاً الموقعون على اتفاقيات أبراهام– البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة– الذين يحافظون على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وكذلك الأردن ومصر اللتان لديهما بالفعل تلك الروابط، وهؤلاء تربطهم بإسرائيل الكراهية المشتركة لجماعة الإخوان المسلمين ورفيقتها حماس.
عندما تنتهي الحرب، وتُخصَّص الغنائم لإعادة بناء غزة اقتصادياً وسياسياً، فستبدأ الرهانات مرة أخرى. وبحلول ذلك الوقت، ربما يكون اللاعبون قد نسوا كيف أفرجت إدارة بايدن ذات القبضة الحديدية ذات مرة عن 16 مليار دولار من الأموال الإيرانية المُجمَّدة وضمن ذلك 6 مليارات دولار، لدفع ثمن إطلاق سراح خمس رهائن.
كان ذلك قبل أسابيع من عملية طوفان الأقصى، وربما هذا ما شجَّع حماس على احتجاز أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين، وسيتعين على الجميع أن يتعلموا دروساً من الحرب الحالية، وأن يراجعوا تقديراتهم الخاطئة، خاصةً في ما يتعلق بافتراضات استعداد إيران للتخلي عن برنامجها النووي. لقد حان الوقت لإعادة التفكير: إنَّ الخوف من إيران المعادية عسكرياً خوف حقيقي، لكن لا يمكن التعامل معه باعتباره المبدأ التنظيمي المركزي للمنطقة بأكملها.