مع انقضاء شهر رمضان المبارك، وانتهاء أيام الصوم الطويلة والمجهدة، عادة ما يشيع في بعض البلدان العربية تناول وجبات الفسيخ والرنجة في عيد الفطر، وهي أصناف من الأسماك المملحة والمطهية عن طريق التمليح والتدخين.
وعلى الرغم من شعبية هذه الوصفات، لكن غالباً ما تصاحبها محاذير صحية عديدة، وذلك بسبب احتمالية تسببها في ارتفاع نسب الأملاح بشكل خطير في الجسم، علاوة على احتمالية تعرض من يتناولونها من مصادر غير موثوقة بالتسمم الغذائي ومضاعفاته الخطيرة.
محاذير صحية عند تناول الفسيخ والرنجة
في هذا الصدد، يقول استشاري التغذية العلاجية، بهاء ناجي، لموقع الكونسلتو الطبي، إنه يجب تناول الأسماك المملحة، مثل الرنجة والفسيخ، بحرص وبكميات محدودة، وذلك لأن الإفراط فيها قد يعرضك لمخاطر صحية عديدة.
ولفت ناجي، إلى أن الإفراط في تناول الفسيخ والرنجة، قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بشكل حاد، لاحتواء هذه الأصناف على الكثير من الصوديوم، ما يزيد أيضاً من خطر الإصابة بفشل عضلة القلب والسكتة الدماغية.
وبسبب كميات الأملاح المرتفعة في هذه النوعية من الأسماك، فهي محظورة بشكل قاطع على مرضى الضغط المرتفع.
وحذّر استشاري التغذية العلاجية من أنه في حال ارتفاع معدل الضغط عن 180/110، على المريض التوجه فوراً لعيادات الطوارئ، أو إلى الطبيب المتابع، وتناول الأدوية الخاصة بالضغط قبل فوات الأوان.
مخاطر التسمم والإصابة بمرض البوتيليزم
علاوة على اضطرابات الجهاز الهضمي والحموضة والنزلات المعوية الحادة التي يمكن للشخص التعرض لها عند تناول أصناف السمك المخلل مثل الفسيخ والرنجة، المُباع في المحلات والأماكن غير الموثوقة أو المُعتمدة، يمكن أيضاً أن تسبب هذه الأسماك الإصابة بمرض البوتيليزم الخطير.
إذ يهاجم هذا المرض الخطير جهاز الأعصاب عند المصاب، وينتج عنه ازدواج الرؤية، وصعوبة الكلام وضعف الأطراف العليا للجسم، وقد يصيب عضلات الجهاز التنفسي، ويحدث هذا المرض نتيجة الطريقة الخطأ في حفظ الأسماك المملحة التي تؤدي إلى نشاط معين من البكتيريا، والذي قد يفضي أحياناً للوفاة.
وقال مركز السموم الإكلينيكي بجامعة عين شمس في مصر، إن تسمم الفسيخ يعرّض المصاب لمرض البوتيليزم بسبب بكتيريا التسمم الغذائي.
وهذه البكتيريا عادة ما تنمو في الأغذية المعلبة، لأنها بيئة تخلو من التهوية، وهي الطريقة التي يعتمد عليها تصنيع الفسيخ.
وأوضح المركز أن هذه السموم لا تؤثر على لون أو طعم أو رائحة الفسيخ، كما أنها سموم قوية لا تتأثر بالخل أو الليمون، والتخلص منها يحتاج إلى التسخين المباشر عند درجة حرارة 100 درجة مئوية ولمدة 10 دقائق متواصلة، وهو أمر لا يحدث في الفسيخ لأنه يعتمد على الطهي من خلال التمليح فقط لا التعرض للحرارة.
عند التأثر بهذه البكتيريا السامة، يبدأ المريض في الشعور بجفاف الحلق والازدواج في الرؤية وصعوبة في البلع أو الكلام أو التنفس. وفي حالة عدم التدخل بشكل سريع للعلاج وتلقي الدعم بأجهزة التنفس الصناعي، قد يؤدي سم تلك البكتيريا إلى ضعف عضلات التنفس والوفاة.
وقد تظهر هذه الأعراض الخطيرة بعد تناول الفسيخ والرنجة في مدة تتراوح من 12 ساعة وحتى أسبوع كامل.
أمراض وحالات صحية أخرى بسبب تناول السمك النيء
1- الديدان الشريطية: يعتبر تناول الأسماك دون تعريضها للحرارة العالية أحد طرق الإصابة بالديدان، مثل الديدان الشريطية، التي تعتبر أحد أخطر أنواع الديدان، نظراً لأن طولها قد يبلغ 15 متراً في جسم الإنسان.
ويؤدي تناولها في الأطعمة الملوثة إلى الشعور بالتعب وعدم الراحة في المعدة والمعاناة من الإسهال أو الإمساك. وعادة ما تتغذى الديدان الشريطية على فيتامين ب12 في الجسم، ما يؤدي إلى انخفاض مستويات الفيتامين عند المصاب.
2- الصداع: يؤدي تناول الفسيخ والرنجة بكميات كبيرة إلى الإصابة بالصداع، نظراً لمحتوى هذه الأسماك المخللة العالي من الصوديوم.
3- الانتفاخ وآلام القولون: يحتوي الفسيخ والرنجة والأسماك المملحة الأخرى مثل السردين، على كميات مرتفعة من الصوديوم، ما يؤدي لاحتباس السوائل داخل البطن والجسم، الأمر الذي يسبب الشعور بانتفاخ البطن وآلام القولون.
نصائح للاستمتاع دون أمراض
وبحسب خبير التغذية بهاء ناجي، يُفضَّل تناول الرنجة بعد عصر الليمون ووضع الزيت والخل عليها، مع تناولها بكميات قليلة، وضرورة تناول المياه بكثرة بعدها لغسل المعدة من تأثيرات الملح الزائد.
ولفت الطبيب إلى أهمية الحرص على الإكثار من تناول الخضراوات الورقية المختلفة، مثل الخس والبقدونس والبصل الأخضر والشبت والجرجير والكرفس، نظراً لاحتوائها على نسبة عالية المياه والمعادن التي تساعد الجسم على التخلص من السموم والأملاح الزائدة.