تعدُّ ملابس العيد في المغرب الكبير جزءاً لا يتجزأ من احتفالاتهم بعيد الفطر، حيثُ يفضّل المغاربة ارتداء الملابس التقليدية لإضفاء الفرح والبهجة على أعيادهم ومناسباتهم مثل القندورة المغربية والجلابة والكراكو الجزائري العاصمي والجبة التونسية التي تحظى بشعبية كبيرة خلال موسم الأعياد، وتتميز بتفاصيلها الدقيقة وتطريزاتها الفاخرة، وتعكس تراثاً ثقافياً غنياً.
وتختلف ملابس العيد في المغرب الكبير من بلد لآخر وحتى من منطقة لأخرى داخل البلد نفسه، وبين الرجال والنساء، حيث يميل الرجال إلى ارتداء الجلابية التقليدية مع الجبة والسروال الواسع، بينما تختلف خيارات الملابس للنساء بين الجلابيات الفخمة والفساتين الطويلة والملابس التقليدية الأخرى.
في هذا التقرير سوف نحدثكم عن القطع الرئيسية لملابس العيد التقليدية في المغرب، وكيف تختلف ملابس العيد للرجال عن تلك المخصصة للنساء، والإكسسوارات التي ترافقها.
ملابس العيد في المغرب
تتميز ملابس العيد في المغرب بتعددها وتنوعها، وتختلف قليلاً بين المناطق والمجتمعات، لكنها تشترك في تصاميمها التي تعتمد على التطريزات اليدوية الجميلة، والتي تعكس المهارة الفنية للحرفيين المحليين، وتضيف لمسة فخامة وأناقة إلى الملابس.
الجلابة المغربية
يعرّف كتاب "معلمة المغرب" الجلابة أو الجلابية بوصفها عباءة واسعة عريضة، تتألف من ثلاثة أجزاء رئيسية، يندمج بعضها البعض عن طريق الخياطة اليدوية، بالإضافة إلى غطاء الرأس، ويسمى "القُب"، وغطاء اليدين يُعرّف بالأكمام، وغطاء البدن ويدعى "الكسدة".
وقد كان الجلباب في بداية أمره لباساً خاصاً بالذكور، ثم انتقل استعماله إلى عالم النساء، ويصنع من أقمشة الصوف الدافئة، خاصةً الوبر في الفصول الباردة، ومن قماش "المليفة" الخفيف، أو القطن أو الكتان في الفصول المعتدلة.
وبحسب "عربي بوست" يشير لغز مغربي شائع إلى الجلباب بالقول: "حاجيتك على اللي تبدأ بالجيم والجيم صنعوها الفهام، ودارو لها سبع فام (أفواه) بحال (مثل) جهنم".
ويقصد بسبع أفواه أن له سبع فتحات "فتحة القُب، والعنق، ومدخل اليد اليمنى واليسرى، وفتحة في الجانب الأيسر والأيمن، وفتحة الأسفل".
وقد كان الجلباب في بداية أمره واسعاً فضفاضاً، ثم أصبح فيما بعد أكثر اقتراباً من الجسم دون أن يحدد تفاصيله أو يحصرها.
وتذكر كل المصادر التاريخية دون استثناء أن رداء "الجلابة" بشكله المعروف اليوم لم يكن متداولاً بين الناس قبل القرن التاسع عشر، ويؤكد البعض أن انتشاره بين عموم الناس لم يبدأ إلا في نهاية القرن المذكور.
وخلال مرحلة الحماية الفرنسية، أصبح الجلباب رمزاً أساسياً من رموز الهندام المغربي، لذلك استعملته الحركة الوطنية في معركة معاكسة الاستعمار كوسيلة من وسائل المقاومة وصيانة الهوية الوطنية والدفاع عن الذات.
وفي عيد الفطر وعيد الأضحى في المغرب تأخذ الجلابة المغربية مكانةً خاصةً كزيّ مميز يرتديه الناس خلال هذه المناسبات الدينية والاجتماعية المهمة، فالجلابة جزء لا يتجزأ من تقاليد الاحتفال بالعيد في المغرب، وتُعتبر رمزاً للأناقة والرقيّ.
القندورة المغربية الرجالية
تعتبر القندورة جزءاً أساسياً من مظهر الرجل المغربي في عيد الفطر، وحتى عيد الأضحى.
وتتميز القندورة المغربية الرجالية بتصميمها البسيط والأنيق في الوقت ذاته، وتصنع عادةً من أقمشة عالية الجودة مثل الصوف أو القطن أو الحرير، حسب الموسم والمناسبة، كما تأتي القندورة بألوان متنوعة، وغالباً ما يتم تزيينها بتطريزات خفيفة أو نقوش هندسية.
ويتكون تصميم القندورة عادةً من قطعتين رئيسيتين: الجلبة (القميص) والسراويل، يمكن أن يكون تصميم الجلبة مستقيماً أو فضفاضاً، ويتميز بياقة دائرية أو مربعة، في حين تكون السراويل عادةً واسعة ومريحة، وقد تتميز بعض القنادر الرجالية بتفاصيل إضافية مثل الجيوب الزخرفية أو الأزرار المزخرفة.
ملابس العيد في تونس
رغم ميل الكثير من التونسيين إلى الملابس العصرية في يوم العيد، فإن الملابس التونسية التقليدية تهيمن على أيام العيد، خصوصاً في المدينة العتيقة، فـ"الجبة" هي الأكثر انتشاراً بالنسبة للرجال، و"الفرملة" هي الزي التراثي للمرأة.
الجبة التونسية
بحسب موقع maghreb magazine الجبة التونسية هي قطعة لباس تقليدية للرجال والنساء في تونس، وهي جزء لا يتجزأ من الهوية التونسية التي تحتفظ بها البلاد عبر الأجيال، حيث تعتبر الجبة رمزاً للتقاليد والثقافة التونسية، وقد ارتبطت بتاريخها وتراثها على مر العصور.
وتصنّف الجبة التونسية عموماً كعباءة تغطي الجسم، باستثناء الساقين واليدين، حيث يرتدي الرجل تحتها من الأعلى قميصاً، ومن الأسفل جوارب وحذاءً، ويمكن ارتداء سروال تقليدي تحت الجبة لمن يرغب في ذلك.
وتضمّ الجبة التونسية فتحةً مطرزةً بأشكال ورموز محددة تميزها، وقد يكون بعضها مستوحى من التراث القرطاجي، والبعض الآخر من التراث الإسلامي العتيق، وذلك من جهة الرقبة، بالإضافة إلى فتحتين لليدين وفتحة سفلية تسمح بحركة الساقين.
وتتميز الجبة بأنها تُصنع عادةً من القماش والحرير وتُطرز بخيوط التطريز، وتحظى بقبول واسع من قبل التونسيين من جميع الأجيال، خاصةً في الأعياد والمناسبات الدينية وحفلات الزواج والختان، وبطبيعة الحال العيد الصغير.
السورية والفرملة التونسية
- السورية التونسية: وتعني باللهجة التونسية القميص، وهي من الأزياء التقليدية التونسية العريقة، وتعتبر قطعةً أساسيةً لا يمكن الاستغناء عنها، لكونها تُلبس تحت العديد من القطع كالفرملة مثلاً.
- الفرملة
هي لباس فوقي يُصنع عادةً من القطن أو الصوف، ويتميز بقصر الأكمام وتزيينه بطوق مزخرف من الخيوط الذهبية بأشكال متنوعة، مثل الأزهار والفراشات والأوراق.
وتتميز كل منطقة تونسية بفرملتها الخاصة، فمنها الفرملة الحمامية التي ترتديها العروس في منطقة الحمامات، والفرملة المهدوية التي تزخر بالعدس والكنتيل، والكرّدية التي تُعتبر عباءة كبيرة تلبسها العروس في السواحل، ويحبّ التونسيون ارتداء السورية والفرملة بالعيد، تعبيراً عن اعتزازهم بتراثهم وتشبثهم بتقاليدهم.
البرنس
وهو عبارة عن زيّ تقليدي تونسي يُصنع يدوياً من قِبل النساء من صوف الخراف أو الإبل، وهو عبارة عن معطف طويل مفتوح له غطاء للرأس، ويرتديه الرجال عادةً في الشتاء للوقاية من البرد، عبر وضعه على الأكتاف، ليغطي كامل الجسم، غير أنّه درج في السنوات الأخيرة كموضة ترتديها النساء في العيد، وتدلّ على فخامة ورقيّ ذوق من يلبسها.
ملابس العيد في الجزائر
تشتهر ملابس العيد الجزائرية بتنوعها وثراء تفاصيلها، وتعكس تراثاً غنياً وتنوعاً ثقافياً في البلاد، وأشهرها:
الكاراكو الجزائري العاصمي
يعتبر واحداً من أبرز الملابس التقليدية في الجزائر، وهو يمثل رمزاً للأناقة والجمال النسائي.
وترتدي الجزائريات هذا الكاراكو في مختلف مناطق البلاد، ويعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر، حيث كانت ترتديه نساء الطبقة الأرستقراطية في العاصمة الجزائرية في المناسبات الخاصة مثل الأعراس وحفلات الختان، وكان يُعبر عن النفوذ والعظمة للمرأة في تلك الحقبة.
ويتألف الكاراكو من قطعتين رئيسيتين، الأولى مصنوعة من قماش القطيفة ومطرزة بشكل فريد بخيوط ذهبية، بينما الثانية مصنوعة من قماش الساتان وتكمل الزي بشكل أنيق وجميل، ثمّ يتم استكمال الكاراكو بوضع "الفوطة" على الرأس، وزخارف ومجوهرات تزين الزي لإضفاء لمسة من الفخامة والجمال على المرأة الجزائرية في العيد بحسب ما ذكره لنا موقع medium.
الجبة القبائلية الأمازيغية
تعد هذه الجبة واحدةً من أبرز الأزياء التقليدية في الجزائر، وتشتهر بشكل خاص في مناطق القبائل مثل تيزي وزو وبجاية.
ويُعتبر ارتداء الجبة في العيد جزءاً أساسياً من الثقافة والتقاليد في هذه المناطق، وتتكون الجبة من قطعة رئيسية تحيط بالجسم وفوطة تُشد على الخصر، بالإضافة إلى منديل ومجموعة من الإكسسوارات المزخرفة بمثل الأساور والقلادات والأقراط الفضية.
وتتنوع ألوان الجبة بين الأبيض والأسود ومجموعة متنوعة من الألوان الأخرى، وتختلف حسب تفضيلات كل امرأة وذوقها الشخصي.
وتمتد تاريخية الجبة في الجزائر لقرون طويلة، حيث كانت تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من ثقافة القبائل قبل الفتح الإسلامي للمغرب الكبير.
القندورة الجزائرية
هي بلا شكّ من التقاليد القديمة التي تميزت بها المرأة الجزائرية في شرق البلاد قبل الحقبة الاستعمارية.
كانت هذه القندورة تمثل رمزاً للطبقة الأرستقراطية في المدينة، ولزوجات البايات والنساء ذوات الطبقة الراقية، بفضل دلالاتها الرمزية وجمالياتها المميزة.
وفقاً لأبحاث الأستاذ حيدر رواق، الخبير في التراث والأنثروبولوجيا في جامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، فإن القندورة القسنطينية تتميز بتنوعها، حيث تختلف حسب الزخارف التي تحملها، وتشمل هذه الأنواع "المجبود" و"التارزي"، التي تتميز بتصاميمها الفريدة التي تشبه المرش أو القناوية أو الدودة.
ويُعتبر الحفاظ على هذه القندورة التقليدية أمراً مهماً، حيث لا تزال تُعتبر رمزاً للأناقة والتقاليد في شرق الجزائر في الأعياد والمناسبات، ولم يتم استبدالها بأزياء أخرى رغم التطورات الحديثة في مجال الموضة، لتظلّ تعبيراً مميّزاً عن الهوية والجمال الثقافي للمرأة الجزائرية.