تلقت الحكومة البريطانية مشورة من محاميها تفيد بأنَّ إسرائيل انتهكت القانون الإنساني الدولي في غزة لكنها لم تفصح عنها، وفق تسجيل مسرب لسياسية بريطانية، بحسب صحيفة "الغارديان".
وتتعارض هذه التعليقات، التي أدلت بها رئيسة المحافظين للجنة المختارة للشؤون الخارجية بمجلس العموم، أليسيا كيرنز، في حفل لجمع التبرعات لحزب المحافظين في 13 مارس/آذار، مع النفي المتكرر من الحكومة البريطانية والتهرب من الأسئلة المتعلقة بهذه القضية.
في مساء السبت 30 مارس/آذار، أكدت كيرنز، المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية ووزارة الدفاع، تعليقاتها، داعيةً الحكومة إلى تصحيح موقفها. وكانت كيرنز قد ضغطت مراراً وتكراراً على الوزراء، ومن ضمنهم وزير الخارجية ديفيد كاميرون، بشأن الحديث عن المشورة القانونية التي تلقوها من محاميهم.
وقالت: "ما زلت مقتنعة بأنَّ الحكومة قد أكملت تقييمها المُحدَّث حول ما إذا كانت إسرائيل تلتزم بالقانون الإنساني الدولي أم لا، وأنها خلصت إلى أنَّ إسرائيل لا تُظهِر هذا الالتزام. الشفافية في هذه المرحلة أمر بالغ الأهمية، لأسباب ليس أقلها دعم النظام الدولي القائم على القواعد".
تسجيل مسرب لسياسية بريطانية يضع سوناك تحت ضغوط شديدة
فيما سيضع هذا الكشف اللورد كاميرون ورئيس الوزراء ريشي سوناك، تحت ضغوط شديدة، لأنَّ أية نصيحة قانونية من هذا القبيل ستعني أنه يتعين على المملكة المتحدة وقف جميع مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل دون تأخير.
من جهتهم، قال خبراء قانونيون إنَّ امتناع الحكومة البريطانية عن هذه الخطوة سيخاطر بتوريط المملكة المتحدة نفسها في انتهاك القانون الدولي؛ إذ سيُنظر إليها على أنها تساعد وتحرّض على جرائم الحرب التي ترتكبها دولة، تصدر الأسلحة إليها.
ورداً على أسئلة في حفل استضافه أعضاء حزب المحافظين لمنطقتي ويست هامبستيد وفورتشن غرين في لندن، قالت كيرنز: "تلقت وزارة الخارجية مشورة قانونية رسمية، مفادها أنَّ إسرائيل انتهكت القانون الإنساني الدولي لكن الحكومة لم تعلن ذلك".
كما أوضحت: "لم يفصحوا عن ذلك، ولم يوقفوا صادرات الأسلحة. لقد فرضوا بعض العقوبات الصغيرة جداً على المستوطنين الإسرائيليين، والجميع على المستوى الدولي متفقون على أنَّ المستوطنين غير شرعيين، وأنه لا ينبغي لهم فعل ما يفعلونه، ولا ينبغي الاستثمار في تلك المستوطنات".
واستطردت في الإشارة إلى أنَّ تصرفات إسرائيل تُعرِّض أمنها وأمن المملكة المتحدة على المدى الطويل للخطر.
وأضافت: "أشعر بالاندهاش من أنَّ مستوى التهديد الوطني لدينا لم يرتفع، ويؤلمني أنني أعلم أنه كان من الممكن التعامل مع هذا الوضع بطريقة مختلفة".
فيما قال المحامي والقاضي البريطاني السير جيفري نيس، الذي كان المدعي العام الرئيسي في محاكمة الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش من عام 2002 إلى عام 2006، إنه لن يفاجأ على الإطلاق إذا قدَّم محامو الحكومة حقاً مثل هذه المشورة، ودعا إلى الإفصاح عنها.
وأضاف السير نيس أنَّ هذه المشورة القانونية- في حال تلقتها الحكومة فعلاً- "تعني أنه سيتعين على المملكة المتحدة، على أقل تقدير، أن تراجع مسألة مبيعات الأسلحة لإسرائيل برمتها؛ وإلا فستُوقع نفسها في منطقة المساعدة والتحريض. وهذا موقف صعب للغاية".
وتابع: "الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة قد تكون الآن متواطئة في حرب إجرامية. ينبغي إخبار الجمهور بما تقوله المشورة القانونية".
كما قال المستشار اللورد السابق تشارلز فالكونر، إنَّ التقييم القانوني بأنَّ إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي سيمنع أيضاً المملكة المتحدة من تبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل.
حيث أضاف: "لا يمكن للحكومات التي تلتزم بسيادة القانون أن تتجاهل الأدلة المتزايدة على الانتهاك، إذ من شأن ذلك وضع تلك الحكومات نفسها في موقف المُنتهِك إذا واصلت المساعدة".