كشفت مصادر مطلعة حول المذكرة السرية التي وسَّعت نطاق تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أمريكا وإسرائيل، المُوقَّعة عقب عملية "طوفان الأقصى"، أنَّ هذا التعاون المُوسَّع يفاقم المخاوف في واشنطن بشأن ما إذا كانت المعلومات الأمريكية تُسهم في مقتل مدنيين.
صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، نقلت الأحد 31 مارس/آذار 2024، عن مصار، أن هذه المخاوف تشمل غياب رقابة مستقلة كافية للتأكد من أنَّ المعلومات الاستخباراتية التي توفرها الولايات المتحدة لا تُستخدَم في الضربات التي تقتل المدنيين دون داعٍ أو تلحق الضرر بالبنية التحتية.
فقد حظيت اتفاقية تبادل المعلومات الاستخباراتية السرية بين أمريكا وإسرائيل بانتقادات عامة أقل من مبيعات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل، لكنها تثير تساؤلات متزايدة من المُشرِّعين الديمقراطيين وجماعات حقوق الإنسان، في الوقت الذي يتصاعد فيه القلق داخل إدارة بايدن حول الكيفية التي تدير بها إسرائيل حملتها العسكرية في غزة.
مخاوف من تبادل المعلومات الاستخباراتية
تعكس المخاوف بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية في جزءٍ منها القلق بشأن تزويد إسرائيل بالأسلحة الأمريكية، بينما يتزايد عدد القتلى في غزة، وقد ترك الرئيس بايدن إمكانية حجب بعض الأسلحة عن أقرب حليف له في الشرق الأوسط مفتوحة.
توضح الصحيفة الأمريكية في تقريرها أن هذا الاحتمال لم يُطرَح مع الاستخبارات، لكن إمكانية مساهمته في سقوط ضحايا من المدنيين تخضع للنقاش داخل البيت الأبيض وفي الكابيتول هيل.
حيث قال عضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، النائب الديمقراطي من كولورادو جيسون كرو، في مقابلة: "ما يقلقني هو التأكد من أنَّ تبادل المعلومات الاستخباراتية يتوافق مع قيمنا ومصالح أمننا القومي".
كما أعرب كرو، الذي كتب في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز، للحصول على تفاصيل حول ترتيبات المشاركة، عن قلقه من أنَّ "ما نشاركه الآن من استخبارات لا يخدم مصالحنا".
أضاف كرو أنه التقى بشكل منفصل مع شخصية عسكرية إسرائيلية كبيرة ومسؤولين في المخابرات الأمريكية، وأشار إلى وجود "بعض التناقضات الكبيرة" في روايات الجانبين عن الخسائر البشرية.
وفي مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 28 مارس/آذار، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاغاري إنَّ التعاون الاستخباراتي والعسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة لم يصل، طوال 30 عاماً خدمها في الجيش الإسرائيلي، لمستوى أعلى مما هو عليه الآن. وأكد: "نشهد مستويات غير مسبوقة من التنسيق الاستخباراتي".
ما الذي توفره الاستخبارات الأمريكية؟
كما أشار مسؤولون أمريكيون ومصادر أخرى مطلعة على تبادل المعلومات الاستخباراتية، إلى أنَّ الولايات المتحدة تتقاسم ما يعرف بالمعلومات الاستخبارية الأولية، مثل لقطات الفيديو الحية من الطائرات بدون طيار لجمع المعلومات الاستخبارية فوق غزة، مع وكالات الأمن الإسرائيلية.
فيما قال مسؤولون أمريكيون مطلعون على المذكرة السرية إنَّ إسرائيل مطالبة بضمان عدم استخدام المعلومات الاستخباراتية الأمريكية بطرق تؤدي إلى خسائر غير مقبولة في صفوف المدنيين، أو إلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية.
مع ذلك قال مسؤولون إنَّ إسرائيل مسؤولة عن توثيق امتثالها لهذه الضمانات، وفي بعض الحالات تفعل ذلك شفهياً. وأشاروا أيضاً إلى أنه من الصعب معرفة كيفية استخدام المعلومات الاستخبارية المقدمة من الولايات المتحدة، بمجرد دمجها مع البيانات الإسرائيلية الخاصة.
في هذا السياق، قالت سارة ياغر، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش، إنَّ ترتيب تبادل المعلومات الاستخبارية لا يتضمن سوى القليل من القواعد والقيود و"بالأساس يفتح كنز المعلومات الاستخباراتية الأمريكية أمام إسرائيل".
بينما تدرس الإدارة الأمريكية، بشكل منفصل، الضمانات التي تقدمها إسرائيل بأنَّ الأسلحة الأمريكية تُستخدَم وفقاً للقانون الإنساني، ولا تمنع تسليم المساعدات الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة، حسبما قال مسؤولون أمريكيون.
لكن في مذكرة مشتركة، بتاريخ 19 مارس/آذار، إلى الإدارة الأمريكية، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش وأوكسفام، وهي مؤسسة خيرية بريطانية إنَّ هذه التأكيدات "ليست ذات مصداقية"، ودعت إلى التعليق الفوري لعمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل.