لَطالما حلمت كلُّ واحدةٍ من الفتيات بالزوج المثالي، غير آبهة بالواقع الحقيقي وبمتطلباتها كزوجة تكون النصف الآخر لرجُلها، والأم والمربية لأطفالها.
كثيراً ما صُدمت العديد من الفتيات عندما انتهى كل ذلك الكلام المعسول في فترة الخِطبة، وأصبحت حياتها بعد الزواج مملة وروتينية. فكيف ينبغي أن تفكر الفتيات قبل الزواج؟ وكيف يتعاملن مع واقع الزواج؟
قبل الزواج نجد أن هناك شريحة من الفتيات يفكرن بشكل إيجابي أكثر من اللازم، فتجدها تحلم وترسم في مخيلتها فارساً على حصان، يحمل في داخله أنبل المعاني، أحلاماً وأماني، ورومانسية الأفلام، وهناك شريحة من الفتيات يفكرن بشكل سلبي مطلق؛ حيث يرين أن الزواج عبارة عن كتل من المشكلات والظلام وسجن موصد تكون المرأة ضحيته والطلاق نهايته.
لكل فتاة نظرتها للمجتمع وللزواج، وأغلب هذه الأفكار التي تكون ناتجة عن أفكار مرت أمامهن، أو أفلام ترسَّخت في عقولهن، أو روايات عشق فاسدة نسجت كلماتها بيوتاً في قلوبهن، لكن التفكير الصائب هو تفكير وسطي وواقعي؛ إذ إنه يجب على الفتاة أن تنظر إلى الزواج نظرة إيجابية معتدلة، أن تنظر إليه كأمر شرعه الله لنا ليكمل بعضنا البعض رجلاً وامرأة.
الزواج هو سنة الحياة، يحمل في طياته السعادة، كما الحزن، الأمل كما الألم، يحمل المشكلات مع الحلول، تلك المشكلات التي تكسر روتينية الحياة، التي هي في نظري مِلح الحياة، فلولاها لما رأينا أموراً كثيرة على حقيقتها، خصوصاً عندما تحمل معها حلولاً ترسخ رسوخاً لا يمسه النسيان.
نظرتنا قبل الزواج يجب أن تكون نظرة بناء لحياة مع شخص آخر، نتوكل فيها على أنفسنا، ونتعاون مع من اختاره الله لنا، ألا ننتظر من السماء أن تمطر وروداً وأحلاماً.
نأتي الآن إلى مسألة مهمة، وهي فترة الخطوبة، فترة الرومانسية والوعود الجميلة والأحلام التي لا تنتهي، هذا أمر طبيعي، فكل واحد منا يحمل في داخله أحاسيس جميلة ومشاعر راقية يعبر عنها كيفما شاء، لكن الزواج ليس كلاماً ورومانسية فحسب، هذا ما يجب أن تفكر فيه كل فتاة كي لا تصدم بعد ذلك، من الطبيعي أن نحلم، لكن لا يجب أن نطلق العنان لمخيّلتنا، فتصبح هي المسيطر علينا لا نحن.
الزواج بناء له أساسه، وأعمدته، وجدرانه وسقفه، فما الذي يلزم على كل إنسان فعله قبل دخول هذا البناء؟ ماذا سيحمل معه؟ وما دوره داخل هذا البناء؟ كل عمل نشرع في القيام به نحدد نيتنا وغايتنا من خلاله، هذا أمر بديهي، إذاً فقرار الزواج مرتبط مسبقاً بنية أو نيات عدة، علماً أن النية تعظم الشيء وتعطيه قيمة، لكن للأسف أغلب الناس يدخلون بناء الزواج بلا نية، سواء لجهلهم بهذا الأمر أو لتجاهلهم له، لكن الإنسان العاقل الواعي قبل أن يدخل بناء الزواج يحدد نيته أو نياته، ومن نيات الزواج:
- الزواج محبة لله عز وجل.
- التحصن من الشيطان.
- غض البصر.
- قلة الوساوس.
- ترويح النفس وأنسها بالمجالسة.
- إراحة القلب.
- التقوية على العبادة.
على كل إنسان قبل أن يدخل هذا البناء حمل ما يلزمه ويلزم شريكه من مودة ورحمة وسكن، التي هي أصل المشاعر في العلاقات الزوجية، فالسكن اطمئنان، والمودة والرحمة تشملان الحب والرفق والكثير من المشاعر الجميلة، قال الله عز وجل في سورة الروم، الآية 21: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".
في هذا البناء العظيم للمرأة دور كما للرجل، فدور المرأة هو الحافظية، قال الله تعالى: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله"، يعني حافظات لأنفسهن حال غياب الزوج، وهذه الحافظية لا تقتصر فقط على شغل البيت وإرضاء الزوج، بل تنطلق من إرضاء الله -عز وجل- وترجع إليه.
أما دور الزوج فهو القوامة، وهي ليست بالمفهوم الخاطئ السائد، فالقوامة كما جاء في لسان العرب، هي: مِن قولهم قمت بأمرك، أي أن الرجال متكفلون بأمور النساء، معنيون بشؤونهن.
واعلم أيها الإنسان أن شريكك في الحياة هو الذي:
- تريد أن تشاركه كل متع الحياة ومشكلاتها.
- تريد أن تواجه معه الحياة.
- تريد أن ترعاه ويرعاك.
- حين يكون همك أن تكون معه مجرد أن تكون معه وفقط.
- حين لا تملّ صحبته مهما طالت مدة الزواج.
- حين تكون تزوجته لأنك أحببته، وأحببته لأنك تزوجته.
وفي النهاية يبقى للزوجين حرية تأثيث ذلك البناء وتزيينه، بما جادت عليهما الحياة من جمال.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.