تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، السبت 16 مارس/آذار 2024، مقطع فيديو مؤثراً لطفل فلسطيني بجنوب رفح، وقد اعتلى أحد أعمدة الكهرباء في المنطقة ليوجّه رسالة إلى جنود الجيش المصري الموجودين على الجهة الأخرى من الحدود مع قطاع غزة.
رسالة إلى جنود الجيش المصري
مقطع الفيديو وثّق صعود الطفل إلى عمود الكهرباء دون أن يعبأ بمصيره، وقد حاول بعض الشبان الموجودين بجوار عمود الكهرباء إقناعه بالنزول خوفاً عليه من الموت، لكنه صمّم على الصعود، ليوجه رسالة إلى جنود الجيش المصري في شهر رمضان، مطالباً إياهم بإدخال المساعدات الغذائية إلى فلسطين.
الطفل، وحسبما ظهر في الفيديو، يقول للجيش المصري من فوق عمود الكهرباء: "بدنا ناكل بدنا نعيش.. بدي أموت أنا.. مافيش أكل نوكّل إخوتنا.. مافيش أكل .. مافيش أكل.. بدنا حاجة ناكلها.. يا سادة".
في سياق متصل لم يعد أمام الفلسطينيين في قطاع غزة خيار لتوفير الطعام لأطفالهم خلال شهر رمضان، إلا جمع البقوليات والأرز من بين الرمال والحصى، بعد أن تناثرت هذه الحبوب من حمولة طائرة ألقت مساعدات فوق شمالي القطاع، ولكنها سقطت في البحر.
ورصدت "الأناضول"، السبت، قيام مجموعة من الفلسطينيين على شاطئ بحر شمالي القطاع، يقومون بجمع حبوب الأرز والعدس والمعكرونة من بين الرمال والحصى، وفصلها بواسطة غربال (وعاء من الشبك) صغير.
وقال أحد هؤلاء الفلسطينيين إن طائرة ألقت شحنة مساعدات في سماء شمالي غزة، ولكنها سقطت في البحر، ولم نتمكن من الحصول عليها.
وأضاف: "بعض حمولة هذه الطائرة من الأرز والعدس والمعكرونة تطايرت وتناثرت قرب الشاطئ، فقررنا جمعها وتنظيفها من الرمال والحصى الصغيرة بواسطة هذا الغربال، لنعدّ طعام إفطارنا اليوم".
وتابع: "بعد إخراج الحبوب من الغربال نحصل عليها ممتزجة بالشوائب والحصى الصغيرة، فنقوم بإفراغها في وعاء وننظفها في عملية تستمر عدة ساعات حتى نحصل بالنهاية على حفنة بحجم كف اليد من البقوليات".
وبينما يجمع رزق أفراد أسرته، قال الشاب الفلسطيني: "رسالتي للمسلمين والعرب: أين نخوة الإسلام؟ بدلاً من إلقاء المساعدات من الطائرات أدخلوها عبر المعابر حتى نحصل عليها بشكل كريم وآمن". وتساءل: "ماذا تنتظرون؟ لماذا لا يقف العرب يداً واحدة لمساعدتنا؟".
وأشار الشاب الفلسطيني إلى أنه خرج أمس الجمعة، قبل شروق الشمس لجمع المعكرونة المكسرة، ليطهو حساء لأطفاله.
غزة على شفا مجاعة
جراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة، ولا سيما محافظتي غزة والشمال، على شفا مجاعة، وسط شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون، عدد سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً.
وحل شهر رمضان هذا العام، بينما تواصل إسرائيل حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في حق الفلسطينيين.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة، وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
سوء تغذية في غزة
في سياق متصل، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الجمعة، عن تضاعف سوء التغذية الحاد بين الأطفال خلال شهر واحد في شمال قطاع غزة الذي يتعرض للهجمات الإسرائيلية.
جاء ذلك في بيان، حول فحوصات التغذية التي أجرتها مع شركائها في غزة خلال فبراير/شباط 2024.
وقالت المنظمة: "يعاني 31%، أو 1 من كل 3 أطفال دون سن الثانية، في شمال قطاع غزة من سوء التغذية الحاد، وهو ارتفاع مهول مقارنة بـ 15.6% في يناير/كانون الثاني".
وأوضحت أن سوء التغذية بين الأطفال ينتشر بسرعة، ويصل إلى مستويات مدمرة وغير مسبوقة في قطاع غزة بسبب الآثار واسعة النطاق للحرب والقيود المستمرة على توصيل المساعدات. وبحسب المنظمة، ارتفع معدل انتشار سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في الشمال من 13% إلى 25%.
تقديم مساعدات إضافية
قالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، إن "السرعة التي تطورت بها أزمة سوء التغذية الكارثية هذه في غزة صادمة، خاصة عندما تكون المساعدة التي تشتد الحاجة إليها جاهزة على بعد أميال قليلة".
وأضافت راسل، في البيان: "حاولنا مراراً وتكراراً تقديم مساعدات إضافية ودعونا مراراً وتكراراً إلى معالجة تحديات الوصول التي واجهناها لأشهر". وأردفت "بدلاً من ذلك، فإن وضع الأطفال يزداد سوءاً يوماً بعد يوم".
وتابعت راسل، "إن جهودنا في تقديم المساعدات المنقذة للحياة تتعرقل بسبب القيود غير الضرورية، والتي تكلف الأطفال حياتهم".
وذكرت المنظمة أن الفحوصات التي أجريت لأول مرة في خان يونس، في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، أظهرت أن 28% من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد، وأكثر من 10% منهم يعانون من الهزال الشديد.
وأكدت أنه حتى في رفح، المنطقة الجنوبية التي تتمتع بأكبر قدر من الوصول إلى المساعدات، تضاعفت نتائج الفحوصات بين الأطفال دون سن الثانية من 5% ممن كانوا يعانون من سوء التغذية الحاد في يناير إلى حوالي 10% بحلول نهاية فبراير".
وأشارت المنظمة إلى "ارتفاع الهزال الشديد بمقدار 4 أضعاف؛ من 1% إلى أكثر من 4% خلال الشهر".
يُذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودماراً هائلاً بالبنية التحتية، ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".