كل عام والجميع بخير وعافية، وكلنا نصوم كل عام بحمد الله، ونعلم أحكام الصيام الأساسية، وإنما جاء هذا المقال للتذكير بأهم أحكام الصيام، وكل ما يجب عليك معرفته في هذا العصر، وفيه بعض المسائل الصغيرة التي يُسأل عنها كل رمضان، والتي يظن الكثيرون أنها من المفطرات، وهي ليست كذلك.
وأما تعريف الصيام وأركانه، والمطلوب من الصائم والصائمة، فيتمثل في أمرين فقط:
1- الإمساك عن المفطرات
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أي عما يدخل الجوف من طعام ومن شراب، والامتناع عن العلاقة بين الزوجين (ويشير لها الفقهاء بشهوتي البطن والفرج).
2- النية
وهي ركن ومهمة، ولكنها تكون بالقلب ولا تحتاج للنطق، ومجرد التفكير بأن غداً رمضان، وبأنه لن يكون هناك وجبة غداء، فهذا من النية، و الاستيقاظ للسحور "نية".
ولا يلزم تجديد النية كل يوم، تكفي نية واحدة لرمضان كله.
وصيام رمضان فرض، ومن صامه إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ويستحب إكثار العبادة، والدعاء: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
ويعرف دخول الشهر برؤية الهلال، ولو بواحد عدل (وقيل ولو برؤية امرأة واحدة وفيها خلاف)، أو إكمال عدة شعبان 30 يوماً؛ وفي كل عام تحدث خلافات على هذا الأمر، وخير ما قيل فيه، هو اعتماد الرؤية، مع الحساب.
وعند الجمهور لا عبرة باختلاف المطالع:
فإذا رآه أهل بلد وجب الصوم على جميع البلاد، ومن الفقهاء من أفتى بأن يلتزم أهل كل بلد ببلدهم.
وأما بالنسبة للذين يقيمون في الغرب، فلا بأس عليهم باتباع أي دولة مسلمة يرتاحون لها، شرط أن يكون صومهم معها وفطرهم معها.
وأيضاً وفي كل عام تطرح وفي البلاد العربية والإسلامية فكرة "مواعيد الشروق والغروب" ومقدار دقتها.
والأسلم أن نهمل هذه الخلافات، ونمشي مع توقيت البلد الذي نقيم فيه إذا كان دولة مسلمة، وإذا لم تكن فهناك المراكز الإسلامية الموثوقة والتي تعنى بهذا الأمر، فامشوا مع تقاويمها فهي مدروسة ومضبوطة، ولا تلتفتوا لهذه الخلافات المشتتة.
ويجب الصيام فقط على المسلم، البالغ، العاقل، الصحيح، المقيم، وبالتالي هناك أصحاب أعذار يحق لهم الفطر، وهم:
أولاً- صنف يحق لهم الفطر كل رمضان، وعليهم فقط الفدية (ولا قضاء عليهم):
– الكبير العاجز، والمرأة المسنة جداً.
– المريض مرضاً مزمناً، ولا يُرجى برؤه، ويضره الصيام: سواء أعلم ذلك بالتجربة الحية، أو بإخبار الطبيب الثقة، فهذا يأثم لو صام، وليس من التقوى ولا من الاحتياط أن يضر نفسه ويصوم، بل يجب عليه أن يفطر.
– أصحاب الأعمال الشاقة جداً والمتعبة؛ إذا كان الصيام يجهدهم.
– وألحق بهم ابن عمر وابن عباس الحامل والمرضع، وخالفهما الجمهور.
وقيمة الفدية:
إطعام مسكين عن كل يوم، واختلف الفقهاء في مقدارها على أقوال. أشهرها: مُدٌ من طعام لكل مسكين، والمد بالأوزان المعاصرة يعادل 750 جراماً تقريباً وهناك من قال 600غ، ويمكن تسليم القيمة بالمال للجمعيات الخيرية، وهي تنوب عنك في شراء الطعام وتوزيعه.
ثانياً- صنف يرخص لهم بالفطر، ويجب عليهم القضاء:
– من غلبه الجوع والعطش حتى خاف الهلاك.
– المريض الذي يرجى برؤه، أي إذا كان المرض مؤقتاً، فيفطر وعليه القضاء فقط (على الصحيح)، ولو تأخر الصوم عدة سنوات.
– المسافر.
– ونقل كتاب المغني عن بعض السلف، أنه يجوز الفطر حتى من وجع الإصبع، والضرس.
– الحامل والمرضع عند الجمهور.
ومن مفسدات الصوم التي توجب فقط القضاء
– نية الفطر ولو بقي صائماً.
– الأكل والشرب عمداً.
– أكل ما ليس بطعام أو ما ليس بغذاء: كدواء أو ملح (أو الورق).
– القيء عمداً.
– الحيض والنفاس.
– الاستمناء.
ثالثاً – ومن مفسدات الصوم المختلف عليها:
– الأكل والشرب لمظنة أنه لم يطلع الفجر أو للظن بأنه قد غربت الشمس، ففيه خلاف. وعند الجمهور عليه الإعادة، وذهب ابن حزم والبصري أنه لا عليه.
رابعاً- مفسدات توجب القضاء والكفارة
أمر واحد فقط، وهو الجماع (شرط أن يكون عالماً بالتحريم، ومتعمداً ومختاراً). وكفارته صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فالإطعام.
وأما الزوجة فاختلف فيها، فقال الشافعي ليس عليها الكفارة، وهناك من فصل فإذا كانت راضية، فعليها، وإذا كانت مكرهة فلا شيء عليها.
وبالنسبة لصيام الصغار:
من الفقهاء من عامل الصوم معاملة الصلاة، فقال: مروهم لسبع.
ومنهم من قال: الصيام أشق على الصغير من الصلاة، فيبدأ الأمر به من العاشرة لكي يتعود الطفل.
وبالحقيقة الطفل لن يتعود، لأنه سيمر عام فينسى، والمنطقي هو قول الحنابلة إن: المعول على القدرة وعلى الطاقة، فإذا كان الصبي يطيق الصيام أُمر به.
ولذلك قالت المالكية: لا يؤمر الصبيان بالصوم بخلاف الصلاة، فلا صيام عليه حتى يحتلم الغلام وتحيض الفتاة.
وسنن الصوم باتت معروفة
– السحور، مع تأخيره.
– السواك، وبديله اليوم فرشاة الأسنان.
– تعجيل الفطر.
– والدعاء عنده.
– الاشتغال بالعبادة، أي عبادة: قراءة قرآن، واستغفار، وصدقة… خاصة بالعشر الأخير، ويمكن للمرأة فعل كل هذا، ولو كانت حائضاً أو نفساء (على الصحيح).
– تفطير صائم، ويقصد به إطعام الفقراء وليس تضييع رمضات بالمطبخ والعزايم والتفنن بإعداد الطعام، ولا بأس بدعوة المقربين، وتقوية الصلات العائلية، ووصل الأرحام، فهذا مطلوب في رمضان.
– كف الجوارح واللسان عن المحرمات، وانتبهوا جداً: فالغيبة والنميمة والغضب يأكل الحسنات. و"رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش"؛ لدرجة أن الظاهرية اعتبروا من يفعله وكأن لم يصم.
مكروهات الصيام:
– الفصد والحجامة.
– جمع الريق ثم بلعه.
– القبلة واللمس.
– المبالغة بالمضمضة.
ما لا يفسد الصوم حسب كتاب "فقه السنّة الميسّر" والذي درّسته لطالباتي، حيث كان مقرراً عليهن في معاهد جدة:
– الأكل والشرب والجماع ناسياً، أو مخطئاً، أو مكرهاً.
– بلع ما بقي بين الأسنان من بقايا طعام (دون الحمصة).
– مضغ العلك الخالي تماماً من السكر والمنكهات.
– تذوق الطعام ثم لفظه، شرط الاحتراز من البلع، ولا يفطر إلا إذا شعرت بطعمه في حلقك.
– الحبة تحت اللسان.
– السواك، وبديله اليوم الفرشاة والمعجون الذي يجوز استعماله ولا يُفطر، شرط ألا يدخل شيء منه للجوف، ولا يتم الشعور بطعمه في الحلق.
– مرطب الشفاه.
– المضمضة والاستنشاق.
– الاغتسال والسباحة.
– بخاخ الربو، والأوكسجين.
– القطرة والاكتحال بالعين، لأنه ليس لها منفذ للحلق، وكذلك قطرة الأذن وغسولها لمن كانت الطبلة عنده سليمة.
– الاحتلام بلا فكر ولا نظر.
– والرعاف لا يفطر، شرط ألا يدخل للحلق.
– سحب الدم للفحص الطبي، وأيضاً التبرع بالدم.
– الحجامة.
– شم العطر، والتعرض للدخان والغبار ولو كان كثيفاً، ومثله بلع النخامة والمخاط.
– الذهاب لطبيب الأسنان والتخدير ومعالجة السن، أو خلع الضرس.
– المنظار ولو كان للمعدة، شرط ألا يصحبه سوائل، وألا يدخل الجوف أي مادة.
– حقنة بالإحليل.
– غسيل الكلى، لا يفطر (وفيه خلاف)، ولكن الأولى لمريض الكلى ألا يصوم، وأن يفدي حفاظاً على سلامته.
– غلبة القيء.
– الحقنة في العضل وتحت الجلد وفي الوريد، سواء كانت للعلاج أو التخدير، لأنها لم تدخل من المنفذ المعتاد (ومنها إبر الأنسولين).
واختلف الفقهاء في المغذية منها، وإن مجموعة من الفقهاء، ودار الإفتاء المصرية يرون أن الإبر المغذية لا تفطر.
– المراهم والمرطبات الجلدية الخارجية.
– الحقنة الشرجية.
مسائل يكثر السؤال عنها:
– هل يجوز الأكل بعد الأذان الأول؟ والجواب نعم يجوز، لأنه للتنبيه.
– إذا أذن وفي فمي طعام، هل ألفظه أم أبتلعه؟ هذا تابع لدقة الأذان، فإذا كان على الوقت، فيجب الإمساك فوراً، وإذا كان الإمام يحتاط، فيمكن بلع اللقمة، ويعرف ذلك من التقويم ومن الساعة المضبوطة.
– ويجوز للجنب وللحائض التي طهرت أن تؤخر اغتسالها لما بعد أذان الفجر.
ويجوز للمراة أن تأخذ أدوية لمنع نزول الدورة، شرط أن تتأكد أنها لا تضرها.
– ولا مشكلة من قضاء يوم رمضان بالنوم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.