بعد 3 أيام من اللقاءات المؤثرة، ودَّع كوريون من الشمال والجنوب ينتمون إلى عائلات فرَّقتها الحرب منذ عقود بعضهم البعض، الأربعاء 22 أغسطس/آب 2018، وهم يدركون أنه قد يكون الوداع الأخير.
وتفوق أعمار القسم الأكبر من المشاركين في هذه اللقاءات التي نظمت منذ الإثنين في محطة جبل كومغانغ الكورية الشمالية، الثمانين عاماً، وقد انفصلوا عن عائلاتهم منذ نحو 70 عاماً. ولا شيء يبدو أنهم يأملون في مستقبل قريب في حرية التنقل في شبه الجزيرة.
وصباح الأربعاء، خلال اجتماع أخير قبل لحظات الوداع، أجهش كيم بيونغ – أوه (88 عاماً) بالبكاء عندما انضمت إليه شقيقته الأصغر منه سناً.
وفيما كانت تمسك بيده قالت له: "لا تبكِ يا أخي. لا تبكِ". لكن دموعه لم تتوقف، ولم تتمكن شقيقته في النهاية من حبس دموعها، وطوال 10 دقائق، تعانقا دون أن يقولا كلمة.
وقال ابن بيونغ – أوه: "لم أكن أعتقد أن والدي يبكي إلى هذا الحد".
وأجهش كثيرون بالبكاء عند بث إعلان في القاعة الكبرى عبر مكبرات الصوت يشير إلى انتهاء اللقاء.
وقد انفصل ملايين الكوريين عن أفراد عائلاتهم بسبب الحرب من 1950 إلى 1953 التي رسخت انقسام شبه الجزيرة.
ولأنه لم يتم توقيع أي معاهدة سلام، لا يزال الشمال والجنوب، تقنياً، في حالة حرب. والاتصالات المدنية ممنوعة منعاً باتاً، والرحلات من الجانب الآخر للمنطقة المنزوعة السلاح نادرة جداً وتخضع لرقابة مشددة.
"إلى اللقاء بعد إعادة التوحيد"
وبعدما استقلّ كل الكوريين الجنوبيين الحافلات التي ستنقلهم عبر الحدود، سمح لأقربائهم الكوريين الشماليين بالخروج لوداعهم ومصافحتهم.
وفيما تمسك بعضهم بأيادي أقربائهم في الحافلات، ركض آخرون إلى جانب الحافلات في وداع أخير.
وقال أحدهم: "إلى اللقاء في بيونغ يانغ بعد إعادة التوحيد".
منذ 2000، نظم الجانبان 20 سلسلة من اجتماعات العائلات، بفضل تحسّن علاقاتهما الثنائية.
لكن الوقت بات ضاغطاً. فمن أصل 130 ألف كوري جنوبي قدموا طلبات للمشاركة في هذه الاجتماعات، لا يزال أقل من 60 ألفاً منهم على قيد الحياة.
وخلال اجتماعات نظمت هذه السنة، وهي الأولى خلال ثلاث سنوات، كان عميد السن بايك سونغ-كيو، في السنة الاولى بعد المئة من عمره.
وتتوافر للأحياء الذين تتاح لهم فرصة اختيارهم -89 عائلة منذ الإثنين، وعدد مماثل في نهاية الأسبوع- فإن الأمر يعني لهم ثلاثة أيام يضعون خلالها الانفصال جانباً.
وتمكن لي-سو نام، وهو كوري جنوبي في السابعة والسبعين من عمره، من أن يلتقي شقيقه البكر الذي يعيش في الشمال. ولتسهيل التفاهم، طلب من ابن أخ كوري شمالي أن يكتب له أسماء جميع إخوته وأخواته. وقال: "طلبت منه الأسماء حتى أتذكرها طالما أنا على قيد الحياة".
وأضاف: "لا يسعني وصف ما أشعر به الآن". وتساءل: "متى نستطيع أن يرى بعضنا بعضاً من جديد؟ لا أحد يعرف. ويا ليت كنا أصغر سناً".
"سعيد للغاية"
لكنه قال إنه "سعيد للغاية" لأنه تمكن من المشاركة في هذا الاجتماع.
وأضاف "الآن، أستطيع أن أذهب إلى قبر أهلي وأقول لهم: "أبي، أمي، التقيت أخي جونغ سونغ ورأيته حياً. أشكركما. هذا بفضل صلواتكم".
ويعرب كثيرون عن سعادتهم؛ لأنهم شاركوا في هذه الاجتماعات، حتى لو أنها لم تستمر سوى نحو عشر ساعات إجمالاً.
وتمكن لي بيونغ-جو، وهو كوري جنوبي في الـ90 من عمره، من لقاء ابن أخ وابنة أخ، ابني شقيقه الكبير المتوفّى مؤخراً.
وقال: "عندما التقيتهما، تبدد كل الألم الذي كنت أشعر به طوال حياتي".
وأضاف: "لديّ أجوبة على كل الأسئلة التي كنت أطرحها. الآن، أشعر بارتياح، لقد استعدنا جذورنا".
وسلسلة اللقاءات هذه تشكل دليلاً إضافياً على أجواء التهدئة السائدة بين الشمال والجنوب بعد سنوات من التوتر الحاد بسبب البرامج النووية والبالستية الكورية الشمالية.
وقد قرر عقد هذه اللقاءات الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال قمّتهما في أبريل/نيسان. وتلاها في يونيو/حزيران لقاء تاريخي بين الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الأميركي دونالد ترمب.