قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون يوم الجمعة 8 مارس/آذار 2024 إن بلاده ستتعاون مع الولايات المتحدة لفتح ممر بحري لتوصيل المساعدات لغزة قادماً من قبرص، وأضاف على وسائل التواصل الاجتماعي "إلى جانب الولايات المتحدة، تعلن بريطانيا وشركاؤها فتح ممر بحري لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة".
وتابع: "نواصل حث إسرائيل على السماح لمزيد من الشاحنات بالدخول إلى غزة باعتبارها أسرع وسيلة لتوصيل المساعدات إلى من يحتاجون إليها".
ممر بحري لتوصيل المساعدات لغزة
تزامنت تصريحات وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون مع تصريحات لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قالت فيها إنها تتوقع بدء تشغيل ممر مساعدات بحري بين قبرص وغزة بداية الأسبوع المقبل (خلال أيام) لتوصيل المساعدات التي يحتاجها الفلسطينيون في القطاع بشدة.
وأضافت أن أول مساعدات غذائية عبر هذا الممر قد تغادر قبرص الجمعة من ميناء لارنكا في تجربة للأمر. والمساعدات جمعتها مجموعة خيرية وتدعمها الإمارات.
جاءت تصريحات بريطانيا والمفوضية الأوروبية، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في خطابه لـ"حالة الاتحاد"، الخميس 7 مارس/آذار 2024، إنه وجّه الجيش الأمريكي لقيادة "مهمة طارئة" من أجل إنشاء ميناء بحري مؤقت على ساحل غزة؛ لاستقبال سفن المساعدات الإنسانية الكبيرة.
وأوضح بايدن أن الرصيف البحري المؤقت سوف يتيح زيادة هائلة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل غزة، مضيفاً أنه يواصل العمل كل يوم "دون توقف" من أجل التوصل إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، سيستمر 6 أسابيع.
ووجّه بايدن رسالة حادة للقادة الإسرائيليين، طالبهم فيها بعدم عرقلة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين لأغراض سياسية، قائلاً: "للقيادة الإسرائيلية أقول: المساعدات الإنسانية لا يمكن أن تكون أمراً ثانوياً أو ورقة مساومة.. حماية وإنقاذ أرواح الأبرياء يجب أن تكون أولوية".
العمل على وقف إطلاق النار
وتابع: "وبينما نتطلع إلى المستقبل، فإن الحل الحقيقي الوحيد لهذا الوضع هو حل الدولتين"، مضيفاً: "أعمل دون توقف للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار يستمر لستة أسابيع"، مكرراً "السياسة الأمريكية"، لكنه استخدم "وقف إطلاق النار" الذي كانت إدارته تتجنب استخدامه.
ويواجه بايدن ضغوطاً متزايدة من أعضاء حزبه الديمقراطي بشأن دعمه للهجوم الذي أطلقته إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
جدير بالذكر أن المتحدث باسم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد سبق أن قال قبل أيام ، إن "دير لاين"، ستسافر إلى قبرص في وقت لاحق، وذلك في الوقت الذي يعمل فيه الاتحاد الأوروبي على فتح ممر إغاثة محتمل عبر الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط لدعم سكان غزة.
أضاف المتحدث في إفادة صحفية: "تتركز جهودنا على التأكد من قدرتنا على تقديم المساعدة للفلسطينيين.. نتمنى جميعاً أن يُفتح هذا (الممر) قريباً جداً".
وقال متحدث باسم الحكومة في نيقوسيا: "ستزور (أورسولا فون دير لاين) يوم الجمعة، مع الرئيس القبرصي، البنية التحتية المتعلقة ببعض مراحل الخطة".
وتقع قبرص على بعد نحو 370 كيلومتراً شمال غربي غزة، وهي أقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى المنطقة. وتشن حملة منذ عدة أشهر لإنشاء طريق بحري مستدام في اتجاه واحد يحمل المساعدات إلى القطاع مباشرة.
إسرائيل تتنصل من مسؤوليتها عن مجزرة الطحين
يأتي الحديث الغربي عن فتح ممر بحري لإدخال المساعدات إلى غزة، بعد عدة مرات قامت فيها دول مثل مصر والأردن وفرنسا وأمريكا والإمارات بإنزال جوي لمساعدات إلى شمال غزة، أثار بعضها سخرية الفلسطينيين بعد نزول بعض تلك المساعدات في البحر ونزول بعضها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في المقابل تواجه غزة أزمة كبيرة بسبب نقص الغذاء والأطعمة في ظل الحصار الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي على القطاع منذ بدء الحرب في اكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد تسبب الحصار الإسرائيلي في أزمة غذائية كبيرة، وقد حاول الفلسطينيون في فبراير/شباط 2024، التجمع في جنوب مدينة غزة للحصول على مساعدات إنسانية في شارع الرشيد، فقام الاحتلال بقصفهم؛ ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى.
في المقابل وبدلاً من الاعتراف بمسؤوليته، جدد جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، تنصله من المسؤولية عن "مجزرة الطحين" في مدينة غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 100 فلسطيني كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية شمال قطاع غزة نهاية فبراير/شباط 2024.
جاء ذلك وفق نتائج تحقيق أولي أجراه جيش الاحتلال الإسرائيلي وعرضه على رئيس هيئة الأركان العامة، هرتسي هليفي، وأشار إلى تنفيذ القوات الإسرائيلية إطلاق نار لكن بداعي وجود عناصر مشتبه بها تشكل "تهديداً" باقترابها من قوات الجيش.
وفي 29 فبراير/شباط 2024، أطلقت قوات إسرائيلية النار على مئات الفلسطينيين خلال تجمعهم جنوب مدينة غزة في انتظار الحصول على مساعدات إنسانية في شارع الرشيد، لا سيما الطحين (قمح)؛ ما خلَّف 118 قتيلاً و760 جريحاً، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
بيان الاحتلال بخصوص مجزرة الطحين
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان: "قدم قائد القيادة الجنوبية، اللواء يارون فينكلمان، الثلاثاء، إلى رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء هرتسي هليفي، نتائج تحقيق القيادة فيما يتعلق بتسلسل الأحداث التي وقعت خلال العملية الإنسانية لإدخال قوافل الإمدادات إلى شمال قطاع غزة ليلة 29 فبراير/شباط".
وزعم أن التحقيق يكشف "أن قوات الجيش الإسرائيلي لم تطلق النار على القافلة الإنسانية نفسها، بل على عدد من المشتبه بهم الذين اقتربوا من القوات القريبة والذين شكلوا تهديداً لهم".
وأشار إلى أن التحقيق يظهر أيضاً "أنه بينما كانت الشاحنات متجهة نحو مراكز التوزيع، نشأ حولها تجمع عنيف ضم حوالي 12 ألفاً من سكان غزة، وقاموا بنهب المعدات التي كانت تنقلها".
وأضاف زاعماً: "في سياق عمليات السرقة، لوحظت حوادث نهب ألحقت أضراراً جسيمة بالمدنيين في المناطق المزدحمة، بينما رصد عمليات دهس".
وتابع جيش الاحتلال الإسرائيلي: "بالإضافة إلى ذلك، اقترب العشرات من سكان غزة خلال تجمعهم إلى مسافة بضعة أمتار من قوات الجيش الإسرائيلي، وشكلوا بذلك تهديداً حقيقياً للقوة المتواجدة في تلك النقطة". وأردف: "في هذه المرحلة، نفذت القوات إطلاق نار دقيق لصد عدد من المشتبه بهم، ومع استمرار اقتراب المشتبه بهم، أطلقت القوات النار للقضاء على التهديد"، بحسب البيان ذاته.
وأعلن جيش الاحتلال أنه "سيستمر في التحقيق في الحادث من قبل آلية التحقيق التابعة لهيئة الأركان المشتركة، وهي هيئة تفتيش مستقلة مكلفة بالتحقيق في الأحداث غير العادية التي وقعت أثناء القتال والتي ستقوم بشكل مستقل بفحص النتائج والتحقيق وصياغة نتائجها فيما يتعلق بالحادث".
ولم تعلق "حماس" أو المؤسسات الدولية فوراً على بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي. وفي وقت سابق، وجهت "حماس" والسلطة الفلسطينية والعديد من المؤسسات الدولية الاتهام إلى الجيش الإسرائيلي بالمسؤولية عن المجزرة.
جدير بالذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن حرباً مدمرة على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، خلفت حتى الخميس، "30 ألفاً و800 شهيد و72 ألفاً و298 إصابة، معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.