يواصل حجاج بيت الله الحرام، الأربعاء 22 أغسطس/آب 2018، رمي جمرات العقبة بمشعر مِنى في أول أيام التشريق الثلاثة، وذلك بعد أن بدأ أكثر من مليوني حاج رمي جمرات العقبة في مشعر مِنى، الثلاثاء 21 أغسطس/آب 2018، في أول أيام عيد الأضحى المبارك.
وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تأتي عقب يوم النحر، وهي أيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، حيث يأتي عيد الأضحى في اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو ما يُعرف بيوم النحر، ثم تليه أيام التشريق الثلاثة، كما تُعرف هذه الأيام الثلاثة باسم "الأيام المعدودات".
ماذا يفعل الحجاج في أيام التشريق؟
في هذه الأيام يقوم الحجاج برمي الجمرات الثلاث الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى على الترتيب، ففي اليوم الحادي عشر وهو أول أيام التشريق، يرمي الحجاج الجمرات الثلاث متعاقبة، بدءاً من وقت الزوال وحتى غروب الشمس، وفي كل مرة يرمي الحاج سبع حصيات ويكبر مع كل حصاة، ثم يقف للدعاء، ويقضي الحاج ليلته في مِنى، وكذلك الحال في ثاني وثالث أيام التشريق.
بعد انتهاء الرمي ثاني أيام التشريق يجوز للحجاج المتعجلين الخروج من مِنى قبل غروب الشمس والتوجه إلى مكة، ويسمى ذلك بالنفر الأول، أما من تأخر في الخروج من منى؛ فعليه أن يقضي ليلته، ويرمي الجمرات في ثالث أيام التشريق ويخرج بعد ذلك، ويسمى ذلك النفر الثاني.
وتدفق أكثر من مليوني حاج من 165 دولة على جسر الجمرات، الثلاثاء؛ لرمي جمرة العقبة الكبرى، فقد أقامت السعودية جسر الجمرات المؤلف من 3 طوابق للتسهيل على الحجاج رمي الجمرات وتخفيف التكدس، بعد حوادث تدافع سابقة أسفرت عن وفاة المئات قبل 3 أعوام.
وتحت إشراف السلطات السعودية، حمل الحجيج المظلات للاحتماء من أشعة الشمس الحارقة بعد أن تجاوزت درجات الحرارة خلال النهار 40 درجة مئوية.
ويعود الحجاج إلى الجسر خلال اليومين المقبلين للمزيد من رمي الجمرات قبل أن يعودوا إلى مكة لاستكمال الشعائر.
ونشرت المملكة أكثر من 130 ألفاً من قوات الأمن والمسعفين، كما تستخدم التكنولوجيا الحديثة، وضمن ذلك طائرات المراقبة المسيَّرة؛ للحفاظ على النظام.
ماذا يقول الحجاج؟
الأردني فراس الخشاني، البالغ من العمر 33 عاماً، قال: "الحمد لله، ربك مَنَّ علينا بالحج. ما شاء الله كل إشي كان مُيَسَّر. القطار فكرة رائعة. المساعدات، الشرطة، الخدمات كله فوق العادة. الحمد لله مبسوط جداً، وإن شاء الله ربنا يطعمنا إياها مرة أخرى".
كانت واقعة التدافع عام 2015 قد أسفرت عن مقتل نحو 800 حاج، وفق ما ذكرته السلطات السعودية، عندما وصلت مجموعتان كبيرتان من الحجاج معاً إلى مفترق طرق يؤدي إلى جسر الجمرات.
لكن إحصاءات أعلنتها الدول التي استعادت جثث حجاجها، أوضحت وفاة أكثر من ألفي شخص، بينهم أكثر من 400 إيراني. وقاطعت إيران الحج في العام التالي. وكانت تلك أسوأ كارثة خلال ربع قرن على الأقل.
وقالت السلطات السعودية آنذاك إن الحادث ربما سببه حجاج لم يلتزموا بقواعد تنظيم التجمعات، وأمر الملك سلمان بإجراء تحقيق، إلا أن نتائجه لم تُعلَن قط.
ويحج هذا العام (2018) نحو 86 ألف إيراني وسط خلاف دبلوماسي بين طهران والرياض، اللتين تتنافسان على الهيمنة الإقليمية. وفاقمت واقعة التدافع عام 2015 الخلاف بينهما.
وذكر متحدث باسم وزارة الداخلية أن حجاج هذا العام يلتزمون بجدول زمني صارم للحد من التكدس. وأعلنت وزارة الصحة خلو موسم الحج من أي تفشٍّ للأمراض حتى الآن.
"شعور جميل"
ويؤدي أكثر من 2.37 مليون حاج، معظمهم من خارج السعودية، شعيرة الحج هذا العام (2018).
وقال الحاج المصري حازم درويش (31 عاماً): "شعوري لا يُوصف صراحة. الحج ركن من أركان الإسلام. لذة الحج في مشقته. يعني أنت بتقرب من ربنا أكثر. شيء جميل. شعور جميل".
ووصل الملك سلمان إلى مِنى، شرق مكة، مساء الإثنين 20 أغسطس/آب 2018، قبل عيد الأضحى.
وقال الملك سلمان في تغريدة: "إن الشرف الأكبر الذي أكرم الله بلادنا به هو خدمتها لضيوف الرحمن، ومع عيد الأضحى المبارك، أدعوه -سبحانه- أن يتمم للحجاج حجهم، وأن يديم الخير والسلام على أمتنا وسائر البلاد".
وتقبَّل الملك سلمان وابنه ولي العهد الأمير محمد التهاني بِعيد الأضحى بقصر في منى الثلاثاء 21 أغسطس/آب 2018.
وحثت السلطات السعودية الحجاج على أن ينأوا بأنفسهم عن السياسة خلال الحج، غير أن العنف في الشرق الأوسط، وضمن ذلك الحروب بسوريا واليمن وليبيا وغيرها من البقاع الساخنة في أنحاء العالم، ظلت عالقة في أذهان الكثيرين.
وانتقد حجاج ما وصفوه بانقسام الحكام العرب باعتباره السبب في اتخاذ الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد اعترافه بها عاصمة لإسرائيل.
ويمثل الحج أيضاً الركن الرئيسي في خطة لتنمية حركة السياحة، في إطار حملة لتنويع الموارد الاقتصادية بالمملكة بدلاً من الاعتماد على النفط. ويدرُّ الحج والعمرة عائدات بمليارات الدولارات من خلال إسكان الحجاج والمعتمرين الوافدين من الخارج وانتقالاتهم ومشترياتهم من الهدايا.
ويهدف المسؤولون إلى زيادة عدد المعتمرين والحجاج إلى 15 مليوناً و5 ملايين على الترتيب بحلول عام 2020، كما يأملون مضاعفة عدد المعتمرين مرة أخرى إلى 30 مليوناً بحلول عام 2030.
وعبَّر حاج باكستاني -يدعى فايز شهيد (30 عاماً)- عن شعوره بالارتياح، قائلاً: "أدعو الله أن يتقبل الحج منّي ويمنّ على الجميع بفرصة أداء الحج".