توغلت الآليات والدبابات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي مساء الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، بشكل سريع ومفاجئ في منطقة المواصي غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة، وسط إطلاق كثيف للنيران، في الوقت الذي خرج عدد كبير من سكان غزة للتظاهر بسبب أزمة الغذاء التي تهدد القطاع بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار.
وأفاد شهود عيان بأن قوة خاصة تسللت تابعة لجيش الاحتلال إلى محيط أحد الشاليهات السياحية في منطقة القرارة غرب خان يونس، تلاه توغل للآليات والدبابات إلى المنطقة وسط إطلاق نار كثيف، بينما وصلت الآليات إلى ميناء خان يونس.
كما أوضحوا أن قوات جيش الاحتلال المتوغلة قامت بإطلاق نيران أسلحتها الرشاشة نحو سيارة إسعاف ومركبة مدنية، وأحرقت مركبة أخرى كانت متوقفة بجانب الطريق الساحلي.
وأشار الشهود كذلك إلى قيام الجيش الإسرائيلي بفصل الطريق الساحلي الذي يربط بين خان يونس ورفح.
يُذكر أن منطقة المواصي تضم أعداداً كبيرة من خيام النازحين، وكان الجيش الإسرائيلي قد صنفها سابقاً كمنطقة آمنة، وطالب سكان غزة والمناطق الشمالية والمحافظات الوسطى بالانتقال إليها.
معارك ضارية مع جيش الاحتلال
تشهد المنطقة معارك ضارية بين عناصر من الفصائل الفلسطينية وقوات الجيش المتوغلة.
وتقسم المواصي إلى منطقتين متصلتين جغرافياً، تتبع إحداهما لخان يونس، وتقع في أقصى الجنوب الغربي من المحافظة وتمتد داخل أطراف مدينة دير البلح (وسط).
وتتبع الثانية محافظة رفح، وتقع في أقصى الشمال الغربي منها، وتضم في أغلبها أراضي زراعية وكثباناً رملية قاحلة.
وتشير تقديرات محلية إلى أن عدد سكان المواصي نحو 9 آلاف شخص، من بينهم نحو ألفين من مواصي رفح.
وفي حي الزيتونة بمدينة غزة، قالت "سرايا القدس" الجناح العسكري للجهاد الإسلامي إن مجاهديها "اشتبكوا مع جنود العدو وأوقعوا في صفوفهم قتلى وجرحى".
من جانبها قالت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن مجاهديها "فجروا عبوة ناسفة في قوة صهيونية من 6 جنود بمنزل غرب خان يونس وأوقعوهم بين قتيل وجريح".
تظاهرة في جباليا
في سياق متصل، تظاهر عشرات الفلسطينيين في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، مساء الثلاثاء، للمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على القطاع وإدخال المساعدات الإنسانية.
جاب المتظاهرون الغاضبون شوارع مخيم جباليا، وأطلقوا هتافات تطالب بوقف الحرب وإدخال المساعدات للقطاع، منها "بدنا ناكل"، و"بدنا نعيش"، و"الشعب يريد كيس طحين".
كما قرع الفلسطينيون أواني وطناجر فارغة، في إشارة إلى شحّ الطعام والمياه في القطاع، نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال الشاب يونس أبو وردة: "الناس بدها تعيش، هان لا غذاء ولا مياه، محاصرين ولا يوجد خبز". وأضاف: "الناس بتاكل أكل الحيوانات، بدها طعام مثل غيرها من دول العالم".
فيما قال محمود يونس (41 عاماً) للأناضول: "نريد الطعام، ما هو ذنب الأطفال الذين يحرمون من الغذاء والتعليم؟ لا نريد حروباً، نريد أن نربي أطفالنا ونعيش بحرية وسلام".
كما أضاف: "نريد أن ينام أطفالنا ليلة واحدة براحة، نريد أن يأكلوا بشبع، لا نريد حروباً". ثم تابع: "ما ذنب ابني أن يموت ومنزلنا يُدمر، وأطفالي يتشردون في الشوارع؟ لقد مر عليّ أربعة أشهر ولم ألتقِ والدتي".
وطالب المتظاهرون بضرورة رفع الحصار عن المناطق الشمالية لقطاع غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي خلّف معاناة إنسانية دفعهم لتناول طعام الحيوانات.
على حافة المجاعة
منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من "انعدام الأمن الغذائي"، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فيما تشير النتائج الأخيرة لفحوص سوء التغذية التي أجرتها المنظمات الشريكة في مجموعة التغذية، إلى زيادة كبيرة في معدل سوء التغذية الحاد العام بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهراً.
وصل سوء التغذية الحاد العام بالقطاع إلى 16.2%، وهو معدل يتخطى العتبة الحرجة التي تحددها منظمة الصحة العالمية عند 15%.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أن السكان في شمال قطاع غزة أصبحوا "على حافة المجاعة".
كما أشارت الأونروا عبر منشور لحسابها في منصة "إكس"، إلى مواصلة الجيش الإسرائيلي "الهجمات المكثفة على مدينة خان يونس جنوبي القطاع".
كذلك، لفتت "الأونروا" إلى فرار آلاف سكان غزة من المناطق الشمالية باتجاه مدينة رفح جنوبي القطاع، التي تؤوي 1.4 مليون شخص. وحذرت الوكالة الأممية، من أن سكان المناطق الشمالية من قطاع غزة على "حافة المجاعة" ولا ملاذ يؤوون إليه.
أزمة نفايات
في سياق مرتبط، أدى عدوان جيش الاحتلال الإسرائليي على غزة إلى شل حركة عمال النظافة، ما أدى إلى تراكم النفايات بشكل بالغ الخطورة، ويهدد بأمراض وأوبئة.
فقد دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب الإسرائيلية المدمرة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، 90 آلية تابعة لبلدية غزة تقدم خدمات في قطاعات متنوعة، ما تسبب بعجز شبه تام وتعطل في الخدمات الأساسية، وفق مصادر محلية.
فيما أكد متحدث باسم بلدية غزة أن البلدية لم تتسلم منذ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أي كميات من الوقود، مما أدى إلى توقف الخدمات الأساسية بشكل شبه تام، وتفاقم الأوضاع الإنسانية وتفاقم الكوارث الصحية والبيئية.
وطالبت المؤسسات والمنظمات الدولية بالتدخل العاجل لوقف الحرب المدمرة وإدخال الآليات والمعدات والوقود للاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وللمساهمة في التخفيف من الكوارث التي أصبحت واقعاً مريراً في مدينة غزة.
يشار إلى أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".