تمكن باحثون من التوصل إلى دواء، أظهرت التجارب فاعلية إسهامه في علاج أحد أنواع السرطان المعروفة بأنها عصية على العلاج، وهو ما زاد من أهمية هذا الدواء الذي وُصف بأنه أكبر خطوة تقدمٍ في علاج هذا المرض خلال عقدين من الزمن، بحسب ما قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 16 فبراير/شباط 2024.
يُصاب بهذا المرض آلاف الأشخاص في جميع أنحاء العالم كل عام، ويتطور هذا الورم في الطبقة الرقيقة من الأنسجة التي تشكل البطانة (المعروفة باسم الظهارة المتوسطة) في عديد من تجاويف الجسم، مثل تجويف الجنبة في القفص الصدري، وتجويف الصفاق البطني، وغالباً ما ينمو الورم في بطانة الرئتين.
وينجم في معظم الأحيان عن التعرّض لمعادن الأسبستوس في أماكن العمل بالبناء وصناعة السيارات وغيرها. وهو سرطان عدواني ومميت، ومعدل النجاة منه ضعيف، إلى حد يجعل المرضى به في أدنى ترتيب معدلات النجاة من أمراض السرطان في العالم.
ولذلك أشاد علماء بهذا الإنجاز "الرائع" في الوصول إلى علاج جديد لسرطان المتوسطة المرتبط بالأسبستوس، وقالوا إنه جدير بأن يوفر أملاً جديداً للمصابين بالمرض وعائلاتهم.
اختُبر الدواء الجديد في تجربة دولية شملت 5 بلدان، وأشرفت عليها جامعة كوين ماري في لندن، وقد نجح الدواء بعملِه على قطع الإمدادات الغذائية للورم في زيادة معدلات البقاء على قيد الحياة بين المرضى 4 أضعافها، لتصل إلى 3 سنوات. وقد نشرت نتائج الدراسة في دورية JAMA Oncology التي تنشرها الجمعية الطبية الأمريكية.
من جانبه، قال مريض، يبلغ من العمر 80 عاماً، شارك في تجربة العلاج بهذا الدواء: "لقد غيَّرت هذه التجربة حياة الأشخاص المصابين بورم المتوسطة، وأتاحت لهم العيش مدة أطول"، فأنا "لديّ الآن 5 أحفاد واثنين من أبناء الأحفاد، ولا أريد أن يفوتني التمتع بكلِّ ذلك".
أُصيب الرجل بسرطان المتوسطة بسبب تعرضه للأسبستوس في عمله بأحد المصانع في السبعينيات، وبعد تشخيص إصابته بالمرض، توقع الأطباء أن يُتوفى بعد 4 أشهر، لكنه شارك في تجربة الدواء الجديد، وقد أسهم ذلك في بقائه على قيد الحياة لنحو 5 سنوات أخرى.
ويقول الخبراء إن التوصل إلى هذا الدواء إنجاز مهم، لأن ورم المتوسطة يأتي في أدنى ترتيب معدلات البقاء على قيد الحياة بين أنواع السرطان الأخرى. ويُسمى الدواء الجديد "بيجارجيميناز" ADI-PEG20 Pegargiminase، وهو أول دواء من نوعه يتمكن الأطباء من دمجه بنجاحٍ مع العلاج الكيميائي لسرطان المتوسطة منذ 20 عاماً.
شملت التجربة مرضى من بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وإيطاليا وتايوان، وتولى الإشراف عليها البروفيسور بيتر سزلوساريك، في جامعة كوين ماري البحثية البريطانية. وتلقى المرضى العلاج الكيميائي كل 3 أسابيع على مدى 6 دورات. وتلقى نصفهم حقن الدواء الجديد، وتلقى نصفهم الآخر علاجاً وهمياً (placebo) لدواعي الاختبار مدة عامين.
وشارك في المرحلة النهائية من الاختبار 249 شخصاً مصاباً بورمِ الظهارة المتوسطة الجنبي، الذي يصيب بطانة الرئتين، وبلغ متوسط أعمارهم 70 عاماً.
أُجريت الدراسة، المعروفة باسم تجربة ATOMIC-meso، في 43 مركزاً في البلدان الخمسة بين عامي 2017 و2021. وكشفت النتائج أن المرضى الذين تلقوا دواء "بيجارجيميناز" والعلاج الكيميائي بلغ معدل بقائهم على قيد الحياة 9.3 أشهر في المتوسط، أما من تلقوا العلاج الوهمي مع العلاج الكيميائي فبلغَ المتوسط لديهم 7.7 أشهر.
وبلغ متوسط "البقاء على قيد الحياة من دون تفاقم في المرض" 6.2 أشهر لدى المرضى الذين تلقوا البيجارجيميناز مع العلاج الكيميائي، أما المرضى الذين تلقوا العلاج الوهمي والعلاج الكيميائي، فبلغ لديهم 5.6 أشهر.
وكتب الباحثون في دراستهم: "اعتمدنا في المرحلة الثالثة المحورية على عينة عشوائية ومُقاسة إلى العلاج الوهمي، وأجرينا التجربة على 249 مريضاً مصاباً بورم الظهارة المتوسطة الجنبي، وقد أظهرت النتائج أن العلاج الكيميائي بالبيجارجيميناز زاد من متوسط البقاء على قيد الحياة زيادة ملحوظة في العموم، بمقدار 1.6 شهر، وضاعف متوسط البقاء على قيد الحياة 4 مرات، ليصل إلى 36 شهراً، بالقياس إلى العلاج الكيميائي مع العلاج الوهمي".