كشف تقرير سنوي يجريه "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" البريطاني أن الإنفاق الدفاعي العالمي زاد في عام 2023 بنسبة 9 % ليصل إلى مستوى إنفاق قياسي بلغ 2.2 تريليون دولار في هذا العام، وفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وأرجع التقرير معظم أسباب ذلك إلى تزايد التوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف مركز الأبحاث البريطاني المعني بالشؤون العسكرية أنه يتوقع زيادة الميزانيات الدفاعية بقدرٍ أكبر في عام 2024، لا سيما في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية للعام الثالث، وامتداد حالة من الريبة والمخاوف الدولية في جميع أنحاء الشرق الأوسط في أعقاب حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
ارتفاع الإنفاق الدفاعي العالمي
باستيان جيغيريتش، المدير العام لمركز الأبحاث، قال إن هذه الزيادة في الإنفاق الدفاعي العالمي تدل على "تدهور الوضع الأمني" العالمي، وعزا الأمر كذلك إلى الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري الروسي والأوكراني، والمساعدات العسكرية التي يقدمها الغرب إلى كييف.
زادت ميزانية الدفاع في أوكرانيا 9 مرات تقريباً، لتبلغ 31.1 مليار دولار خلال عام 2023، ولا يشمل ذلك التبرعات الأجنبية، أما روسيا فزادت إنفاقها العسكري في عام 2023 إلى 108.5 مليار دولار، وموسكو عازمة على إقرار زيادات أخرى في المستقبل.
وأضاف جيغيريتش أن ميزانية الدفاع الرسمية لموسكو زادت بأكثر من 60 % في عام 2024، ما يعني أن "إجمالي الإنفاق العسكري لروسيا بات يمثل الآن ثلث الميزانية الوطنية، وتصل نسبته إلى 7.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، ويدل ذلك على تزايد تركيز البلاد على المجهود الحربي".
كما أشار إلى أن روسيا تكبدت خسائر فادحة في ساحة المعركة خلال عام 2023، إذ خسرت ما يقدر بنحو 1120 دبابة قتالية رئيسية، ونحو ألفي مركبة قتالية مدرعة أخرى، و"قد تجاوزت خسائر روسيا من الدبابات في ساحة المعركة عدد الدبابات الذي دخلت به الحرب في عام 2022 "، إلا أن "موسكو تمكنت من زيادة إمداداتها بمعدل 100 دبابة شهرياً، وإن كانت جودتها أقل، وقد أخرجت بعض هذه الدبابات من المخازن".
وذهب جيغيريتش في تقديراته إلى أن روسيا تستطيع بمعدلات الإمداد الحالية أن تحافظ على قوة دباباتها "مدة تتراوح بين عامين إلى ثلاثة أعوام".
وقال إن أوكرانيا كذلك تكبدت خسائر فادحة في الدبابات وغيرها من المعدات العسكرية، لكن الإمدادات الغربية عوضتها عن ذلك. ومع ذلك، يرى جيغيريتش أن على الدول الغربية أن تحدد أهدافها من دعم كييف "هل تزودها بما يكفي من الأسلحة لتوجيه ضربة حاسمة، أم بما يكفيها فقط حتى لا تخسر الحرب".
حرب الاحتلال على غزة
وقال جيغيريتش إن هجوم الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 4 أشهر على غزة أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، و"أثار شكوكاً في مسار تنفيذ العملية، وجدوى هدفها العام".
ويقدر المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن خسائر حماس قد بلغت "ما بين 20 % إلى 30 % من إجمالي عدد مقاتليها"، وأن عودة وحداتها القتالية إلى مناطق شمال غزة التي بدأ الاحتلال الحرب بالهجوم عليها "دلَّت على صعوبة تحقيق إسرائيل هدفها الأقصى من الحرب، أي تدمير حماس".
ولا يُعرف أيضاً إذا كانت جولات القصف التي شنَّتها الولايات المتحدة وبريطانيا على أهداف تابعة للحوثيين في اليمن قد أدت إلى تدهور ذي شأن في قدرتهم على مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وترجع بعض أسباب ذلك إلى سهولة إخفاء الطائرات المسيَّرة وقاذفات الصواريخ.
وقال نيك تشايلدز، محلل الأمن البحري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن حملة القصف "لم يكتمل تنفيذها بعد"، وهناك "أسئلة بشأن وجود تهديدات أخرى"، أو ما إذا كان الحوثيون يخزنون إمداداتهم من الأسلحة لحمايتها". وأشار إلى أن شركات الشحن التجارية الدولية لم تستعد الثقة بأمن الملاحة البحرية في المنطقة.
كما أشارت بيانات المعهد كذلك إلى أن الولايات المتحدة لا تزال الدولة صاحبة أكبر إنفاق عسكري عالمي، إذ بلغت ميزانيتها العسكرية 905.5 مليار دولار في عام 2023، لتتجاوز بذلك الإنفاق العسكري للدول الخمس عشرة التالية لها في الترتيب، ومنها الصين التي تأتي في المرتبة الثانية، بإنفاق بلغ 219.5 مليار دولار، وروسيا التي تحتل المركز الثالث.
وجاءت بريطانيا في المرتبة الخامسة عالمياً، وذلك على الرغم من زيادة المخاوف في الآونة الأخيرة بشأن قدرة جيشها على خوض حرب كبرى، وتأتي ألمانيا في المركز السابع، وفرنسا في المركز الثامن. وقد زاد الإنفاق العسكري لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا بنسبة 32 % منذ عام 2014.