في تحول لافت بمجال الصحة العامة والتغذية، كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة "جاما نيتورك أوبن"، والتي تناولتها صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية بتقرير مفصل، عن فوائد لافتة النظام الغذائي الأطلسي في مكافحة السمنة وتحسين مستويات الكوليسترول في الجسم.
هذا النظام، المستلهم من الثقافة الغذائية لمناطق المحيط الأطلسي، لا يقتصر تأثيره الإيجابي على خفض دهون البطن ولكن يمتد أيضاً لرفع مستويات الكوليسترول الجيد، ما يعد خطوة كبيرة في مجال الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
الدراسة، التي شملت 574 مشاركاً ينتمون إلى 221 عائلة، جرت في مركز محلي للرعاية الصحية الأولية ببلدة إسترادا الريفية في شمال غرب إسبانيا، بين مارس/آذار 2014 ومايو/أيار 2015. وتهدف إلى تقييم تأثيرات النظام الغذائي على الصحة الأيضية والبيئية، خاصة فيما يتعلق بمتلازمة التمثيل الغذائي (MetS) والبصمة الكربونية. وتميزت الدراسة بتقسيم المشاركين إلى مجموعتين، حيث اتبعت المجموعة الأولى النظام الغذائي الأطلسي لمدة 6 أشهر، فيما حافظت المجموعة الثانية على نمط حياتها الغذائي المعتاد.
النتائج الملحوظة تمثلت في تحسن ملموس بمحيط الخصر، مستويات الدهون الثلاثية، الكوليسترول الجيد، ضغط الدم، ومستويات الغلوكوز على الريق بين المشاركين الذين اتبعوا النظام الغذائي الأطلسي. هذه العوامل تعد من المؤشرات الرئيسية لمتلازمة التمثيل الغذائي، وهي حالة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، السكري، والسكتة الدماغية.
تبرز هذه الدراسة ليس فقط الأبعاد الصحية للنظام الغذائي الأطلسي ولكن أيضاً تؤكد على أهمية اعتماد نهج غذائي متوازن يرتكز على الأطعمة الطبيعية والمستدامة، ما يعود بالنفع على الصحة الفردية والبيئية على حد سواء.
ما هو النظام الغذائي الأطلسي؟
النظام الغذائي الأطلسي، مفهوم غني ومتنوع، يستمد أسسه من عادات الأكل التقليدية في منطقة شمال غرب إسبانيا وشمال البرتغال وشمال المغرب. يشتهر هذا النظام بتأكيده على استهلاك الأطعمة الطبيعية، الموسمية، والمحلية مع التركيز بشكل خاص على الأسماك، المأكولات البحرية، الخضراوات، الفواكه، الحبوب الكاملة، وزيت الزيتون كأساسيات في النظام الغذائي اليومي.
على غرار نظام البحر المتوسط، يُعرف النظام الغذائي الأطلسي بفوائده الصحية المتعددة، لا سيما في تعزيز صحة القلب. ومع ذلك، يتميز الأطلسي بخصائص فريدة نابعة من الثقافة الغذائية المحلية لأجزاء محددة من البرتغال وإسبانيا والمغرب، ما يجعله نمطاً غذائياً متفرداً.
النظام لا يقتصر على تحسين الصحة الأيضية فحسب، بل يساهم أيضاً في الحفاظ على البيئة من خلال تشجيع استهلاك الأطعمة المحلية والموسمية التي تتطلب بصمة كربونية أقل مقارنةً بالأطعمة المستوردة أو المعالجة.
على الرغم من أن دراسة حديثة أشارت إلى أن النظام الغذائي الأطلسي لم يكن له تأثير كبير على مستويات ضغط الدم، الدهون الثلاثية، أو الغلوكوز في الدم أثناء الصيام، إلا أنها لفتت الانتباه إلى فوائده في تحسين محيط الخصر ورفع مستويات الكوليسترول الجيد (HDL).
يعتبر هذا الأخير، المعروف بالبروتين الدهني عالي الكثافة، عاملاً مهماً في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، نظراً لدوره في إزالة الكوليسترول الضار من الدم وإعادته إلى الكبد حيث تتم معالجته وإزالته من الجسم.
يبرز النظام الغذائي الأطلسي كخيار مثالي لمن يسعون لتحسين صحتهم العامة وتجربة نمط حياة أكثر استدامة وتوافقاً مع البيئة، مقدماً تشكيلة واسعة من الأطعمة الغنية بالنكهات والمغذيات التي تعزز الصحة وتحافظ على التنوع البيولوجي.
أهم أطعمة النظام الغذائي الأطلسي
يعتبر النظام الغذائي الأطلسي من بين أفضل أنواع الحمية التي يمكن القيام بها حسب ما توصلت إليه الأبحاث الأخيرة، إذ يعتمد بشكل كبير على المكونات التالية:
- الخبز.
- الحبوب الكاملة.
- الأرز.
- المعكرونة.
- البطاطا.
- الفاكهة.
- الخضراوات.
- زيت الزيتون.
- منتجات الألبان.
- السمك والمأكولات البحرية.
- اللحم الطري.
- البيض.
- المكسرات "الكستناء والجوز واللوز والبندق".
فوائد النظام الغذائي الأطلسي
في أحدث الأبحاث المتعلقة بالتغذية والصحة، أشارت دراسة شملت أكثر من 200 عائلة إلى أن اتباع النظام الغذائي الأطلسي قد تكون له فوائد ملموسة في خفض مخاطر متلازمة التمثيل الغذائي، وهي حالة معقدة تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني.
هذا البحث، الذي استمر لمدة 6 أشهر، قارن بين أسر اتبعت النظام الغذائي الأطلسي وأخرى التزمت بنمط الأكل الاعتيادي لها.
نتائج الدراسة كشفت أن الأشخاص الذين اتبعوا النظام الأطلسي كانوا أقل عرضة لتطوير متلازمة التمثيل الغذائي مقارنة بالمجموعة الضابطة، ما يدل على تأثير إيجابي ملحوظ على صحة القلب والتمثيل الغذائي.
الدراسة سلطت الضوء على التحسينات في عوامل الخطر المختلفة، بما في ذلك انخفاض مستويات الكوليسترول الضار LDL وفوائد ملحوظة في إدارة الوزن. هذه التغييرات تسهم بشكل كبير في خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتحسين الصحة العامة.
الدراسة تؤكد على أهمية اختيار أنماط الغذاء الصحية، مثل النظام الغذائي الأطلسي، لتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض المزمنة. هذه النتائج تعزز الفهم العلمي لكيفية تأثير النظم الغذائية على صحة الإنسان، وتقدم دليلاً قيماً لتشجيع الأفراد على اتخاذ خيارات غذائية مفيدة لصحتهم.
فيما أظهرت أبحاث سابقة أن الالتزام بهذا النظام الغذائي يقلل من خطر السكتات القلبية إذ هناك العديد من الفوائد للنظام الغذائي الأطلسي، والتي قد تلعب دوراً في النتائج التي لوحظت في الدراسات الحديثة.
تساهم وفرة الأسماك في الحصول على أحماض أوميجا 3 الدهنية الصحية، والتي تقلل الالتهابات الجسدية وتفيد القلب، توصي جمعية القلب الأمريكية جميع البالغين بتناول الأسماك مرتين على الأقل في الأسبوع لتقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية.
مزيج الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والبقول والمكسرات يوفر الألياف والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، وكلها ضرورية لصحة القلب.
الفرق بين حمية البحر الأبيض المتوسط وحمية الغذاء الأطلسي
في عالم التغذية والصحة، يبرز النظام الغذائي الأطلسي والنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط كنموذجين غذائيين يتبعهما سكان مناطق جغرافية محددة مع فوائد صحية معترف بها عالمياً. على الرغم من أن كليهما ينتمي إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، إلا أن هناك اختلافات دقيقة بينهما تجعل كل نظام غذائي فريداً بمزاياه.
- التشابه
كلا النظامين الغذائيين يشترك في تقديره للمكونات الطازجة والطبيعية، حيث يعتمد النظامان بشكل كبير على الفواكه والخضراوات والبقول والحبوب الكاملة وزيت الزيتون كأساس للتغذية. هذا الأساس المشترك يضمن توفير نظام غذائي متوازن غني بالمغذيات الأساسية ومضادات الأكسدة التي تعزز الصحة العامة وتقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
- الاختلافات
النظام الغذائي الأطلسي:
- التركيز الغذائي: يشدد على تناول الخبز، الأسماك، الحليب، والبطاطس، ويضم أيضاً بعض اللحوم الحمراء. هذا يعكس تقاليد الأطعمة وأنماط الحياة الخاصة بالمناطق القريبة من المحيط الأطلسي.
- الفوائد الصحية: تبرز بتوفير أحماض أوميجا 3 الدهنية من المأكولات البحرية، التي تعد مهمة لصحة القلب والدماغ.
النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط:
- التركيز الغذائي: يعتمد بشكل أكبر على النباتات مع تقديم مضادات الأكسدة والدهون الصحية من زيت الزيتون والأطعمة النباتية.
- الفوائد الصحية: يتميز هذا النظام بقاعدة بحثية واسعة تؤكد على ارتباطه بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
على الرغم من الأدلة العلمية الداعمة لكل من النظام الغذائي الأطلسي ونظام البحر الأبيض المتوسط في تعزيز صحة القلب والوقاية من الأمراض المزمنة، يقدم كل منهما مجموعة متنوعة من المكونات والفوائد بناءً على التقاليد الغذائية والثقافية للمنطقة المعنية. الاختيار بينهما قد يعتمد على التفضيلات الشخصية، القيم الغذائية، أو حتى الإمكانية الجغرافية للحصول على المكونات المحلية. في نهاية المطاف، يظل التنوع والتوازن في النظام الغذائي هو المفتاح لتحقيق صحة أفضل.