برز موضوع الطماطم المغربية في وسائل الإعلام الإسبانية والفرنسية، وذلك بعدما عبر مزارعون في كل من إسبانيا وفرنسا عن غضبهم من زيادة واردات الطماطم المغربية، التي تُباع بأقل الأسعار في أسواق دول الاتحاد الأوروبي.
وتزامن هذا الرفض للطماطم المغربية مع الاحتجاجات التي يخوضها المزارعون في فرنسا، إذ رُصد إتلاف كميات كبيرة من الطماطم المغربية في الفترة الأخيرة، من خلال الهجوم على شاحنات النقل في مواقف الأسواق الممتازة وعلى الطرقات.
وفي نفس الوقت انتقدت وزيرة البيئة الفرنسية السابقة والمرشحة الرئاسية سيجولين رويال، الطماطم الإسبانية ووصفتها بأنها "غير صالحة للأكل"، وليست عضوية كما يتم وصفها.
في هذا التقرير سيرصد "عربي بوست" تفاصيل الأزمة الكاملة للطماطم المغربية بكل من إسبانيا وفرنسا، وكذلك اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
لماذا الهجوم على الطماطم المغربية في فرنسا؟
تُعد الطماطم المغربية الأقل ثمناً في الأسواق الفرنسية والإسبانية، الأمر الذي يراه المزارعون في فرنسا منافسة غير عادلة، وأنهم ضحايا الطماطم المغربية التي تغزو الأسواق وبأسعار منخفضة، حسب ما أورده تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية.
وأضاف المصدر نفسه أنه "يُمكن تفسير انخفاض أسعار الطماطم المغربية في دول الاتحاد الأوروبي، بحسب جمعية منتجي الطماطم والخيار في فرنسا، بالتكلفة المنخفضة للغاية للعمالة المحلية في المغرب.
ومن بين أسباب انخفاض أسعار الطماطم المغربية، حسب جمعية منتجي الطماطم والخيار في فرنسا، أيضاً الإعفاء من الرسوم الجمركية المرتبطة باتفاقية التبادل الحر الموقعة عام 2012 بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي.
ووفق المصدر ذاته، فإن استيراد الطماطم المغربية، يتم "تعزيزه بشكل واضح" من قبل سلاسل التوزيع الكبيرة التي تفضل العروض بأسعار منخفضة على حساب العروض الفرنسية.
وأحدث كل من الاتحاد الأوروبي والمغرب منطقة تبادل حر في إطار اتفاق للشراكة مُوقَّع سنة 1996 ودخل حيز التنفيذ في مارس/آذار 2000، والغرض هو تحرير الإضافي لتجارة المنتجات الفلاحية، والمنتجات الفلاحية المصنعة، والأسماك ومنتجات الصيد البحري، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول 2012.
وأصبحت فرنسا ثالث أكبر مستورد للطماطم في العالم، بعد الولايات المتحدة وألمانيا، وتشير التقديرات في المجموع إلى أن 36% من الكميات السنوية من الطماطم الطازجة المستهلكة في فرنسا يتم استيرادها، خاصة في فصل الشتاء.
"غزو" الطماطم المغربية يُغضب الإسبان
وفي إسبانيا لم يختلف الأمر كثيراً، حيث قام المزارعون الإسبان خاصة في جزر الكناري، بمطالبة وقف "غزو" المنتجات الفلاحية المغربية وخاصة الطماطم المغربية، التي تُباع بكثرة في المنطقة.
وأظهر مقطع فيديو تعرض شاحنة مغربية محملة بالطماطم لاعتداء من قبل مزارعين إسبان في الطريق السيار الرابط بين مدينتي إشبيلية وقادش، حيث قام المتظاهرون بعرقلة مرورها وتفريغ حمولتها.
وحسب جريدة LIBREMERCADO، يحذر المزارعون الإسبان من أن تتحول إسبانيا من واحدة من أكبر مصدري الطماطم الأوروبيين إلى مستوردة من تركيا أو المغرب في غضون اثني عشر عاماً فقط.
ولهذا السبب، وحسب نفس المصدر، دعت لجنة الزراعة إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة على المستوى الأوروبي".
وأضافت اللجنة أن ظروف الإنتاج "غير متكافئة" بسبب توافر بعض المنتجات المحظورة في الاتحاد الأوروبي أو من خلال السماح في بعض الأحيان بظروف عمل مسيئة وتكاليف أجور هزيلة، مما يعني أن هذا الإنتاج يتنافس بشكل غير عادل عند الدخول إلى الأسواق الأوروبية".
وقال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، لـ"عربي بوست" إن تصدير الطماطم المغربية يدخل في إطار اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وتهم مجموعة من الدول الأوروبية.
وأضاف المتحدث أن قرار تصدير الطماطم المغربية لدول الاتحاد الأوروبي تتبناه بروكسيل باعتبارها مركز الاتحاد الأوروبي، ولا يحق لكلتا الدولتين التعرض للبضائع المغربية.
كشفت منصة "هورتو أنفو" الإسبانية، أن المغرب صدر في الربع الأول من السنة الفارطة، ما يصل إلى 196 مليون كيلوغرام من الطماطم إلى دول الاتحاد الأوروبي، بقيمة بلغت ما يقارب 359 مليون يورو.
ونشرت وسائل إعلام إسبانية، نقلاً عن الخدمة الإحصائية "Eastfruit"، أن صادرات المغرب من الطماطم سنة 2023 بلغت ما يعادل 31% من واردات الاتحاد الأوروبي الإجمالية، متفوقاً على إسبانيا التي اكتفت بحصة 25%.
وأكدت تقارير إسبانية أنه لأول مرة، تفوق المغرب على إسبانيا في سوق الطماطم الأوروبية، بدخول 740 مليون كيلوغرام من هذا المنتج الفلاحي في سنة 2022، مقابل ما يزيد قليلاً عن 600 مليون كيلوغرام تم شحنها من إسبانيا، خاصة من حقول ألميريا.
جودة المنتوج وراء ارتفاع الطلب
عزا كمال أبركاني، خبير في العلوم الزراعية جامعة محمد الأول، ارتفاع صادرات المغرب من الطماطم إلى دول الاتحاد الأوروبي، خاصة فرنسا وإسبانيا إلى جودة المناخ في المغرب، بالإضافة إلى تجهيزات الحقول في منطقة أكادير المعروفة عالمياً.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن الدعم الذي يتلقاه الفلاحون والمنتجون والمصدرون للاتحاد الأوروبي، سواء على مستوى التجهيزات أو الأسمدة، ساهم في رفع كمية المنتوج المصدر.
ومن بين العوامل التي ساهمت في ارتفاع الطلب على الطماطم المغربية في الاتحاد الأوروبي انخفاض أجور اليد العاملة، مما جعل المغرب يتقدم في ترتيبه كمصدر للطماطم الموجهة للسوق الأوروبية.
وحول إمكانية تأثير حملة الفلاحين على الطماطم المغربية داخل السوق الأوروبية، لاسيما أن هناك أصواتاً تنادي بحظر استيرادها، أكد أبركاني أنه من المستبعد الاستغناء على صادرات المغرب الفلاحية، بسبب الجودة وثقة الشركاء.
ماذا وقع بين إسبانيا وفرنسا؟
وبالتوزاي مع الهجوم الذي تتعرض له شحنات الطماطم المغربية في فرنسا وإسبانيا، اندلعت أزمة الطماطم بين مدريد وباريس، بعدما انتقدت وزيرة البيئة الفرنسية السابقة والمرشحة الرئاسية سيجولين رويال، الطماطم الإسبانية.
وقالت الوزيرة الفرنسية السابقة إن الطماطم الاسبانية "غير صالحة للأكل"، قائلة: "هل تذوقت ما يسمى بالطماطم الإسبانية العضوية؟ إنها غير صالحة للأكل!.. العضوية الإسبانية هى عضوية مزيفة".
ولاقت تصريحات رويال رداً عنيفاً من المزارعين الإسبان، الذين وصفوا كلماتها بأنها هراء ومخزية، وتقدمت جمعية المزارعين العضويين بشكوى رسمية ضدها في بروكسل.
كما دعا رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز رويال لزيارة إسبانيا وتجربة أحد أصناف الطماطم العضوية قائلاً: "رويال لم يحالفها الحظ بتجربة الطماطم الإسبانية، سترون أن الطماطم الإسبانية لا تقبل المنافسة".
وعن أزمة الطماطم بين فرنسا وإسبانيا، قال مصدر عن الفيدرالية بين المهنية المغربية لإنتاج وتصدير الفواكه والخضر، إن المغرب لا يعد طرفاً في الأزمة، وحتى احتجاجات الفلاحين أو المنتجين هناك تعد مسألة داخلية بين المحتجين وحكومتهم لا دخل للمغرب فيها.
وأضاف المتحدث أن الاتفاقية بين المغرب والاتحاد الأوروبي ما زالت سارية المفعول، والفلاحون المغاربة يلتزمون بما تمليه عليهم هذه الاتفاقية التي لها بنود صارمة.