الذئاب البرية في منطقة تشيرنوبيل المنكوبة طورت مقاومة ملحوظة لمرض السرطان، في طفرة جينية هي الأولى من نوعها بسبب تأثيرات بقايا الإشعاع.
طفرات جينية طورتها ذئاب تشيرنوبيل
في نبأ جديد أثار طموحات وآمال العلماء والمتخصصين في علاج أمراض السرطانات، يبدو أن الذئاب التي تجوب شوارع مدينة تشيرنوبيل المهجورة والتي تتمتع بطفرات جينية بسبب الإشعاع النووي، قد طورت مقاومة فريدة من نوعها للسرطان، ما يزيد الآمال في أن تساعد الأبحاث عليها في مكافحة المرض لدى البشر بعد عقود طويلة من المحاولات المضنية.
وكشفت جمعية البيولوجيا التكاملية والمقارنة الأمريكية في سياتل، أن الذئاب في منطقة تشيرنوبيل المنكوبة بأوكرانيا طورت قدرات استثنائية على مقاومة السرطان.
المنطقة المنكوبة شهدت كارثة نووية هي الأكبر من نوعها، وذلك في أعقاب الانفجار الذي وقع بمحطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في أبريل/نيسان عام 1986، شمال أوكرانيا، التي كانت آنذاك جزءاً من الاتحاد السوفييتي؛ الأمر الذي أدى إلى تسريب كميات هائلة من المواد المشعة المسببة للسرطان وتهجير أكثر من 350 ألف من سكان المنطقة لدواعي السلامة.
وقد تعرضت الذئاب الرمادية البرية في المنطقة شديدة الإشعاع إلى 11.28 ملليغرام من الإشعاع يومياً، أي أكثر من 6 أضعاف حد الأمان القانوني المسموح بالتعرض له عند الضرورة بالنسبة للبشر.
واليوم، لا يزال الإشعاع باقياً في التربة والمياه المشعة في بيلاروسيا، وأوكرانيا، وغرب روسيا.
إشعاعات عالية قادرة على تعديل الجهاز المناعي
صحيحٌ أنه لم يعد البشر للمنطقة منذ وقوع الكارثة، لكن الحياة البرية مثل الذئاب والخيول والحيوانات الأخرى تجوب الأراضي القاحلة للمدينة التي تم إخلاؤها بعد أكثر من 35 عاماً من الكارثة.
وقد تم منع الناس من دخول منطقة تبلغ مساحتها 1000 ميل مربع حولها، حيث لا يزال الإشعاع يشكل خطر الإصابة بالسرطان للبشر.
وحول الاكتشاف الأخير عن الذئاب البرية، تكشف كارا لوف، عالمة الأحياء التطورية والسُّمية البيئية في جامعة برنستون بالولايات المتحدة، وفريقها العلمي من الباحثين، كيفية بقاء هذه الكائنات البرية في منطقة تشيرنوبيل على قيد الحياة على الرغم من تعرض أجيال عديدة منها لكميات من الجسيمات المشعة.
وبعد أخذ عينات من الدم لفهم كيفية استجابة أجسام الذئاب للإشعاع المسبب للسرطان، وجد الباحثون أن الذئاب قد طورت أجهزتها المناعية على غرار مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الإشعاعي.
ولكن الأهم من ذلك أنهم حددوا أيضاً أجزاء معينة من المعلومات الوراثية للحيوانات التي بدت مرنة في مواجهة زيادة خطر الإصابة بالسرطان.
عودة استثنائية للطبيعة في المنطقة
لم تكن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها على تأثير إشعاعات مدينة تشيرنوبيل المهجورة على مظاهر الحياة الطبيعية التي ظلت تزدهر في المنطقة مع غياب الإنسان، حيث تم رصد نمو الغابات والأشجار الكثيفة والفطريات، إضافة إلى عيش الخيول والذئاب لأجيال في المنطقة.
وقال تيم كريستوفرسن، رئيس وكالة الطبيعة من أجل المناخ التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن المنطقة المنكوبة مثال رائع على قدرة الطبيعة على التعافي من التدهور.
وقال جيم سميث، عالم البيئة، لصحيفة ناشيونال جيوغرافيك: "إن الطبيعة تزدهر عندما يُحذف البشر من المعادلة، حتى بعد أسوأ حادث نووي في العالم".
