تحدّث فنانون وعاملون في مجال الفنون عن وجود "صدع كبير" في المجال الثقافي بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعدما ألغى مركز باربيكان في لندن محاضرة كان من المقرر أن يلقيها الكاتب الهندي بانكاج ميشرا حول الهولوكوست وتداعياتها، في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في تدمير غزة.
وفقاً لمسؤول صحفي في باربيكان، كان مركز الفنون الأدائية المرموق يناقش استضافة سلسلة من الأحداث مع مجلة London Review of Books، عندما كشف إعلان في المجلة أنَّ عنوان محاضرة ميشرا سيكون "محرقة اليهود بعد غزة".
بعد ذلك، قرر المسؤولون التنفيذيون في مركز باربيكان إلغاء تنظيم الحدث مع مجلة London Review of Books، "نظراً لعدم توفر الوقت الكافي لدينا لإجراء الاستعدادات الدقيقة اللازمة لهذا المحتوى الحساس"، حسبما قال المتحدث لموقع Middle East Eye.
في بيان، أعربت مجلة London Review of Books عن "خيبة أملها" إزاء قرار مركز باربيكان، لكنها "سعيدة لأنَّ استضافة هذه السلسلة المهمة ستُقام في كنيسة سانت جيمس، كليركينويل".
حيث كتب ميشرا، وهو كاتب مقالات وروائي مشهور، مؤخراً عن العلاقة بين الحكومات الألمانية في فترة ما بعد الحرب -التي لا يزال الكثير منها يضم شخصيات نازية- وإسرائيل في مجلة London Review of Books.
جاء في وصف محاضرة ميشرا على موقع مجلة London Review of Books الإلكتروني ما يلي: "هناك رواية غربية قوية تعتبر المحرقة هي الجريمة التي لا مثيل لها في العصر الحديث. لكننا نجد وعينا الأخلاقي والسياسي قد تغير بعمق، عندما اتُّهِمَت إسرائيل، الدولة التي تأسست لتكون ملاذاً لضحايا عنصرية الإبادة الجماعية، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. ما هو مصير القيم العالمية بعد انهيار إسرائيل في القومية العنيفة؟".
خلافات بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فرضت المؤسسات والحكومات الرقابة على الشخصيات العامة والفنانين والعاملين في مجال الثقافة المؤيدين للفلسطينيين في العالم الغربي بسبب إدانتهم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، الذي أدى إلى مقتل 27708 فلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال.
إذ صرح بنجامين هوسبي وسرهات إيشيك، مؤسسا شركة الأزياء GmbH ومقرها برلين، لموقع Middle East Eye مؤخراً أنَّ المصممين والفنانين الآخرين "خائفون" من التحدث علناً حول هذه القضية.
كما قال: "نعلم أنَّ لدينا العديد من الحلفاء خلف الكواليس، لكن الجميع خائفون. خائفون من فقدان وظائفهم ومعيشتهم. ونحن نتفهم هذا الخوف، لكن ليس لدينا خيار سوى المقاومة".
بينما سجلت منصة التوثيق Archive of Silence حتى الآن 91 "مثالاً ملموساً لمؤسسات ومنظمات وأماكن عمل تراقب الأصوات التي تتحدى التيار السياسي الصارم في ألمانيا فيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، بل وتسكتها وتعاقبها".
فيما قال فنان ومهندس معماري مقيم في لندن، فضّل عدم الكشف عن هويته، لموقع Middle East Eye: "هناك صدع كبير ناشئ في مجال الفنون والثقافة، في المقام الأول بين الأشخاص في مناصب السلطة وجميع الأشخاص الآخرين".
كما قال الفنان والمهندس المعماري المقيم في لندن، الذي تحدّث إلى موقع Middle East Eye دون الكشف عن هويته، إنَّ عالم الفن "لم يشهد أي توتر بشأن هذه القضية حتى الآن؛ لأنه لم يكن هناك أي اختلاف فعلياً مع بعضهم البعض، بينما كانوا يعارضون في السابق كل ما هو سياسي".
ليست هذه هي المرة الأولى في السنوات الأخيرة التي تُثَار فيها قضية فلسطين في مركز باربيكان، فقد اضطر استوديو Resolve Collective للتصميم إلى تفكيك معرضه في أوائل يونيو/حزيران 2023 بعد "إجراء رقابي مناهض للفلسطينيين صدر عن عضو في فريق الاتصالات بمركز باربيكان".