ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي، الأربعاء 31 يناير/كانون الثاني 2024، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين لم يحدد هويتهم، أن وزير الخارجية توني بلينكن طلب من وزارة الخارجية "إجراء مراجعة وتقديم خيارات سياسية بشأن الاعتراف الأمريكي والدولي المحتمل بدولة فلسطينية بعد الحرب على غزة".
واعتبر الموقع الأمريكي أن أهمية هذا الطلب تتمثل في كونه يشير إلى "تحول في التفكير داخل إدارة بايدن بشأن الاعتراف المحتمل بالدولة الفلسطينية، وهو أمر حساس للغاية على المستويين الدولي والمحلي"، وذلك في الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الأمريكيون إنه لم يحدث أي تغيير في سياسة البلاد.
حل دبلوماسي للخروج من الحرب
يتمثل هذا التغيير في كون سياسة واشنطن كانت ولعقود من الزمن، هي معارضة الاعتراف بفلسطين كدولة سواء على المستوى الثنائي أو على مؤسسات الأمم المتحدة، ولطالما اعتبرت أن قيام الدولة الفلسطينية لن يكون إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
في السياق نفسه، اعتبر مسؤول أمريكي في حديثه مع الموقع (لم تحدد هويته)، أن دراسة الحلول الدبلوماسية من أجل الخروج من الحرب على غزة، جعلت الإدارة الأمريكية تفتح الباب لإعادة التفكير في الكثير من النماذج والسياسات الأمريكية القديمة.
كذلك، تربط إدارة بايدن التطبيع المحتمل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية بإنشاء مسار لإقامة دولة فلسطينية كجزء من استراتيجيتها بعد الحرب. وتستند هذه المبادرة إلى الجهود التي بذلتها الإدارة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، للتفاوض على صفقة ضخمة مع المملكة العربية السعودية تضمنت اتفاق سلام بين المملكة وإسرائيل.
وقد أوضح المسؤولون السعوديون علناً وسراً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أن أي اتفاق تطبيع محتمل مع إسرائيل سيكون مشروطاً بإنشاء مسار "لا رجعة فيه" نحو إقامة دولة فلسطينية.
فيما قال المسؤول الأمريكي الكبير إن البعض داخل إدارة بايدن يعتقدون الآن أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ربما ينبغي أن يكون الخطوة الأولى في المفاوضات لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بدلاً من الخطوة الأخيرة.
وأورد الموقع الأمريكي أنه "من المتوقع أن يجتمع بلينكن مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في وقت لاحقٍ الأربعاء، ويناقشان الوضع في غزة وخطط اليوم التالي للحرب وإمكانية التطبيع مع السعودية".
الخطوة الأولى
ويفكر البعض داخل إدارة بايدن الآن في أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ربما يجب أن يكون الخطوة الأولى في مفاوضات حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وليس الخطوة الأخيرة بحسب تصريح المسؤول الأمريكي كبير.
وهناك عدة خيارات للخطوات الأمريكية في هذه القضية، ومنها: الاعتراف الثنائي بالدولة الفلسطينية، وعدم استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع مجلس الأمن من منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ثم تشجيع دول أخرى على الاعتراف بفلسطين.
هذا، وقال المسؤولان إن مراجعة الخيارات المتعلقة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية واحدة من عدة قضايا طلب بلينكن من وزارة الخارجية النظر فيها.
كما طلب بلينكن مراجعة الشكل الذي قد تبدو عليه الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وذلك مقارنةً بالنماذج الأخرى من حول العالم، وفقاً للمسؤولين الأمريكيين.
كذلك، أوضح واحد من المسؤولين أن غرض هذه المراجعة هو النظر في الخيارات المتاحة لتطبيق حل الدولتين بطريقة تضمن أمن إسرائيل.
بريطانيا أيضاً
تأتي هذه التطورات، بعد يومين من تصريح لوزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، قال فيه إن "بريطانيا وحلفاءها يدرسون الاعتراف بالدولة الفلسطينية كجزء من مبادرات دبلوماسية، تهدف إلى تحقيق تقدم لا رجعة فيه نحو حل الدولتين، لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني طويل الأمد"، بحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية.
ودعا المسؤول البريطاني، الإثنين 29 يناير/كانون الثاني 2024، إلى تشجيع منح الفلسطينيين أفقاً سياسياً لتشجيع السلام في الشرق الأوسط، مشدداً على الحاجة إلى "وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة، والأهم من ذلك توفير أفق سياسي واضح للشعب الفلسطيني"، على حد قوله.
في حديثه خلال حفل استقبال للسفراء العرب، شدَّد كاميرون على أهمية أن "يظهر للفلسطينيين أن هناك التزاماً بتحقيق تقدم لا رجعة فيه، يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية"، وقال كاميرون: "لدينا مسؤولية هناك، لأننا يجب أن نبدأ في تحديد الشكل الذي ستبدو عليه الدولة الفلسطينية، وما ستتضمنه، وكيف ستعمل". وأضاف: "بينما يحدث ذلك فإننا سننظر مع حلفائنا في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وضمن ذلك في الأمم المتحدة، وقد يكون هذا أحد الأشياء التي تساعد على جعل هذه العملية لا رجعة فيها".