“الكنيست” يبحث طرد أحد نوابه لتأييده محاكمة إسرائيل في العدل الدولية.. 85 نائباً قدموا مذكرة بعزله 

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/29 الساعة 16:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/29 الساعة 16:10 بتوقيت غرينتش
عوفر كاسيف نائب بالكنيست الإسرائيلي/ إعلام عبري

بحثت لجنة برلمانية إسرائيلية، الإثنين، 29 يناير/كانون الثاني 2024 طرد النائب عوفر كاسيف، بعد تأييده دعوى "الإبادة الجماعية" التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 في محكمة العدل الدولية تتهم فيها تل أبيب بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة.

واستمعت لجنة الكنيست البرلمانية إلى المرافعات القانونية بشأن اقتراح وقعه 85 عضواً في الكنيست، لطرد النائب كاسيف من الكنيست، بسبب دعمه لطلب جنوب أفريقيا. وكاسيف هو نائب يهودي في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وهو حزب عربي يهودي مشترك.

الكنيست يستمع لنائب أيد جنوب أفريقيا

قال كاسيف في تصريح أمام اللجنة: "لقد وقعت على العريضة (تأييد دعوى جنوب أفريقيا)، التي من المفترض أنها السبب وراء هذا الإجراء، انطلاقاً من نفس القيم التي واجهتني طوال حياتي السياسية".

الكنيست الاحتلال إسرائيل
الكنيست الإسرائيلي – رويترز

وأضاف أنه أيد العريضة "بغية منع معاناة إنسانية بحق مئات الآلاف من البشر، إيماناً مني بأن وقف إطلاق النار وحده هو الذي سيعيد المختطفين إلى ديارهم، ويمنع المزيد من القتل للإسرائيليين والفلسطينيين".

وتابع: "لهذا السبب وقعت على العريضة، وشاركت في المظاهرات في الأسابيع الماضية للمطالبة بوقف إطلاق النار".

وأشار كاسيف إلى أن "كل نشاطي السياسي والجماهيري كرّسته وأكرّسه لتعزيز قيم إنسانيّة، ولدفع حقوق الإنسان، وتعزيز مبدأ المساواة وتحقيق المبادئ الديمقراطية وللسّلام". وأكد أن "الحرية والأمن للجميع، لليهود والعرب، للإسرائيليين والفلسطينيين، للمتدينين والعلمانيين، وللنساء والرجال".

عزل نواب في الكنيست!

بدورها، أشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الإثنين، إلى أنه "يُسمح للكنيست بعزل أعضاء الكنيست فقط في حالات التحريض على العنصرية، أو دعم الكفاح المسلح ضد إسرائيل، وليس من الواضح ما إذا كان أي من تصريحات كاسيف يتوافق مع هذا التعريف".

وقالت: "إذا وافقت اللجنة على الطلب، فسيتم تحويله إلى الكنيست لاتخاذ القرار النهائي، وسوف تكون هناك حاجة لأغلبية 90 عضو كنيست لتمرير الاقتراح".

وتابعت: "سيكون أمام كاسيف يومان من تاريخ صدور القرار للاستئناف أمام المحكمة العليا"، دون تحديد موعد صدور القرار.

ونقلت الصحيفة عن المستشارة القانونية للكنيست، ساجيت أفيك، قولها: إن "هناك مفارقة متأصلة في الطلب، والقرار يقيد الناخبين الذين انتخبوا مسؤولاً منتخباً، ويحد من نطاق لحرية التعبير".

غير أن عضو الكنيست من حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض عوديد فورير، قال أمام اللجنة، إنه قدم الطلب "ليس فقط بسبب دعم كاسيف لطلب جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في لاهاي، ولكن أيضاً بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي التي تزعم أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب".

عضو الكنيست الإسرائيلي، عوفر كاسيف

وفي 8 يناير/كانون الثاني 2024 قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية: "جمع رئيس كتلة إسرائيل بيتنا، عضو الكنيست عوديد فورير، 70 توقيعاً من أعضاء الكنيست، من أجل إقالة النائب عوفر كاسيف من الكنيست الإسرائيلي".

وقف حرب غزة 

في مقابلة سابقة مع الأناضول، قال كاسيف إن "الطريقة الوحيدة المناسبة في الوقت الراهن، هي وقف الحرب على قطاع غزة في أسرع وقت ممكن، وإجراء تبادل للأسرى، والانسحاب من غزة، وبدء عملية سلام جادة".

وأشار إلى "التناقض الموجود في خطاب السلطات الإسرائيلية، فهي وبينما تدعي عدم استهدافها للمدنيين في غزة، تقول أيضاً إنه لا يوجد أبرياء في القطاع".

وقال للأناضول إنه "ليس من السهل على معارضي الحرب أن يرفعوا أصواتهم في إسرائيل، ويكاد يكون ممنوعاً تنظيم مظاهرات مناهضة للحرب، أو الدعوة إلى إنهائها".

وأشار إلى أنه "يتم إيقاف الطلاب الذين يفعلون ذلك في المدارس أو الجامعات، ويُطرد آخرون من وظائفهم، فيما تمارس الشرطة شتى أنواع العنف بوحشية ضد المتظاهرين".

ولفت كاسيف إلى أن "العنف لا يأتي من المستوى الحكومي فحسب، بل يتغلغل أيضاً داخل شريحة واسعة من المجتمع الإسرائيلي". وأوضح أن "هناك اعتداءات ضد حرية التعبير، تُمارَسُ ضد من يرفع صوته ضد الحرب، ويتلقى الإسرائيليون المعارضون للحرب تهديدات بالقتل".

وأكد أن "الناس يخافون من الشرطة، لأنها تمارس عنفاً حقيقياً ضد مناهضي الحرب. والأسوأ من كل هذا أن العنف يحظى بالشرعية من قبل حكومة رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو)، وخاصة من قبل ما يسمى بوزير الأمن القومي (إيتمار بن غفير)". وأشار كاسيف إلى أن "السبب الوحيد للحرب على غزة هو ضمان استمرار حكومة نتنياهو، وأن القضية لا علاقة لها بـأمن الإسرائيليين".

خان يونس حرب غزة الاحتلال
عشرات الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة/ رويترز

وحذر النائب الإسرائيلي من أن "عدم توقف الهجمات على غزة فوراً، قد يحوّل الصراع إلى حرب إقليمية أو عالمية". ولفت إلى أن "الجميع سوف يدفعون ثمناً باهظاً، إذا استمرت حكومة نتنياهو الرهيبة في السلطة"، وفق تعبيره. وبحسب كاسيف، فإن "الطريقة الوحيدة لمنع ذلك، هي وقف الحرب في أسرع وقت ممكن، وإجراء تبادل للأسرى، والانسحاب من غزة، وبدء عملية سلام جادة".

وأشار إلى "التناقض الموجود في خطاب السلطات الإسرائيلية، فهي وبينما تدعي عدم استهدافها للمدنيين في غزة، تقول أيضاً إنه لا يوجد أبرياء في القطاع". وفيما أشار كاسيف إلى عدم رغبته القول إن الحكومة الإسرائيلية ترتكب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، قال: "أترك التعريف القانوني للإبادة الجماعية للخبراء في هذا الموضوع".

التحقيق في جرائم الاحتلال 

مع ذلك، قال كاسيف إن "السبب وراء دعمه لدعوى الإبادة الجماعية، هو اعتقاده بضرورة التحقيق فيما يجري من أحداث في غزة من قبل جهة مستقلة".

وتابع: "في رأيي المهم هو التحقيق فيما يحدث في غزة، أنا لا أثق بالحكومة الإسرائيلية أو وكلائها، لأن ما يجب التحقيق فيه هو ممارسات الحكومة الإسرائيلية". وأكد أن "مطالبة الحكومة الإسرائيلية بالتحقيق في هذا الأمر، تشبه مطالبة اللص بالتحقيق مع نفسه لمعرفة ما إذا كان قد سرق، وهذا هراء".

قرار محكمة العدل الدولية
قضاة محكمة العدل الدولية/ رويترز

وأوضح أن "السبب الآخر لدعمه قضية الإبادة الجماعية هو وقف القتل، وهذا الهجوم الرهيب على غزة أزهق الأرواح من الفلسطينيين ومئات الجنود الإسرائيليين، وفي الوقت نفسه، ما زالت حماس تحتجز 136 سجيناً إسرائيلياً في ظروف سيئة للغاية، لذلك أريد أن يتم إنقاذ حياة هؤلاء الأبرياء".

وأكد كاسيف أنه "من المستحيل تحقيق وقف الحرب من خلال الاحتجاجات الداخلية، بسب إجراءات الحظر والممارسات القمعية التي تسيطر على إسرائيل".

وأضاف أن "الديكتاتورية باتت أمراً واقعاً يسيطر على الحياة السياسية في إسرائيل، ولم يبقَ لنا إلا اللجوء إلى رحمة المؤسسات الدولية، وهذا هو السبب الرئيسي الذي يدفعنا إلى دعم قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا".

وذكر كاسيف أنه "بحسب استطلاع للرأي، فإن 47% من المجتمع الإسرائيلي يؤيد إنهاء الحرب لإنقاذ الأسرى، وأنا أتفق أيضاً مع هذا الرأي".

وأوضح أن إسرائيل "ليست ملزمة بالامتثال لقرار محكمة العدل الدولية، لكن عدم التزامها سيتحول إلى ضغوط دولية، وأن القضية يمكن أن ترفع إلى مجلس الأمن الدولي إذا لم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)".

وحول سؤال عن عدم سماح الجيش الإسرائيلي للصحفيين بدخول غزة، قال كاسيف: "ربما لديهم ما يخفونه، وإذا كنت لا تسمح لشخص ما بالدخول إلى مكان ما، فهناك شيء لا تريد أن يراه أحد". وشدد كاسيف على أنه "لا يوجد شيء اسمه حرية للصحافة عندما يتعلق الموضوع بغزة، و90% من الصحفيين في إسرائيل شاركوا بالتعبئة طوعاً لدعم الحرب وسياسة الحكومة".

حرب غزة الاردن
جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة/الأناضول

وختم بالقول: "لا يوجد ما يقيد الصحافة، لكنهم اختاروا عدم التصرف بحرية، أعتقد أنه عندما ينتهي هذا الوضع المخزي، سوف نتذكر أن الصحافة الإسرائيلية خانت مهنتها".

وتحول كاسيف، إلى هدف للانتقادات في بلاده، بسبب دعمه لدعوى "الإبادة الجماعية" في غزة، التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد تل أبيب نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وفي 6 مارس/آذار 2019، قررت اللجنة المركزية للانتخابات، استبعاد "كاسيف" من الترشح، بسبب مواقفه المناهضة للاحتلال، لكن المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية)، رفضت قرار اللجنة، وسمحت له بالترشح، ومن ثم دخول الكنيست.

يذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على غزة، خلفت حتى الأحد "26 ألفاً و422 شهيداً و65 ألفاً و87 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية"، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.