قالت مصر، في بيان صادر عن ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية الرسمية، مساء الإثنين 22 يناير/كانون الثاني 2024، إن "أي تحرك إسرائيلي في اتجاه احتلال ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين في قطاع غزة سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية".
وقال رشوان، في البيان ذاته الذي نشرته وسائل الإعلام المصرية والذي يأتي وسط تواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023: "الفترة الأخيرة قد شهدت عدة تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تحمل مزاعم وادعاءات باطلة".
وأشار إلى أن تلك "المزاعم والادعاءات الباطلة تشمل وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها، إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية بعدة طرق، ومنها أنفاق زعمت هذه التصريحات وجودها بين جانبي الحدود".
ودعا المسؤول المصري، تل أبيب إلى إجراء تحقيقات داخلية، قائلاً: "على الحكومة الإسرائيلية أن تجري تحقيقات جادة بداخل جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، للبحث عن المتورطين الحقيقيين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة".
وأضاف أن "إمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين، في قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر".
وتابع: "هنا يجب التأكيد الصارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية، فمصر فضلاً عن أنها دولة تحترم التزاماتها الدولية، فهي قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها".
مصر تتهم إسرائيل بالكذب
ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، وفق ما نقلته وسائل إعلام مصرية، قال إن ما يؤكد كذب مزاعم إسرائيل هو الأمور التالية:
– إن كل دول العالم تعرف جيداً حجم الجهود التي قامت بها مصر في آخر 10 سنوات، لتحقيق الأمن والاستقرار في سيناء وتعزيز الأمن على الحدود بين رفح المصرية وقطاع غزة، حيث كانت مصر نفسها قد عانت كثيراً من هذه الأنفاق خلال المواجهة الشرسة مع "المجموعات الإرهابية في سيناء" عقب "الإطاحة بنظام الإخوان في يونيو/حزيران 2013 وحتى 2020″، فهى كانت تمثل وسيلة لتهريب المقاتلين والأسلحة إلى سيناء لتنفيذ عمليات إرهابية راح ضحيتها أكثر من 3000 شهيد من الجيش والشرطة والمدنيين وأكثر من 13 ألف مصاب.
– دفع هذا الوضع الإدارة المصرية إلى اتخاذ خطوات أوسع للقضاء على هذه الأنفاق بشكل نهائي، فتم عمل منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات من مدينة رفح المصرية وحتى الحدود مع غزة، وتم تدمير أكثر من 1500 نفق، كما قامت مصر بتقوية الجدار الحدودي مع القطاع الممتد لـ14 كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، فأصبحت هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض، فمصر لديها السيادة الكاملة على أرضها، وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية، سواء مع قطاع غزة أو مع إسرائيل.
– من اللافت والمستغرب أن تتحدث إسرائيل بهذه الطريقة غير الموثقة عن ادعاءات تهريب الأسلحة من مصر لغزة، وهي الدولة المسيطرة عسكرياً على القطاع وتملك أحدث وأدق وسائل الاستطلاع والرصد، وقواتها ومستوطناتها وقواتها البحرية تحاصر القطاع صغير المساحة من ثلاثة جوانب، وتكتفي بالاتهامات المرسلة لمصر دون أي دليل عليها.
– إن أي ادعاء بأن عمليات التهريب تتم عبر الشاحنات التي تحمل المساعدات والبضائع لقطاع غزة من الجانب المصري لمعبر رفح، هو لغو فارغ ومثير للسخرية، لأن أي شاحنة تدخل قطاع غزة من هذا المعبر، يجب أولاً أن تمر على معبر كرم أبو سالم، التابع للسلطات الإسرائيلية، التي تقوم بتفتيش جميع الشاحنات التي تدخل إلى القطاع، كذلك فإن من يتسلم هذه المساعدات هو الهلال الأحمر الفلسطيني والمنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة كـ"الأونروا"، وهو ما يضيف دليلاً آخر على كذب المزاعم الإسرائيلية.
– إن الجوهر الحقيقي لادعاءات إسرائيل، هو تبرير استمرارها في عملية العقاب الجماعي والقتل والتجويع لأكثر من 2 مليون فلسطيني داخل القطاع، وهو ما مارسته طوال 17 عاماً.
سعي إسرائيل لاحتلال محور فيلادلفيا
كذلك، فإن إمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين، في قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر. وهنا يجبّ التأكيد الصارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية، فمصر فضلاً عن أنها دولة تحترم التزاماتها الدولية، قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار، وينضم هذا الخط المصري الأحمر الى سابقه والذي أعلنته مصر مراراً، وهو الرفض القاطع لتهجير أشقائنا الفلسطينيين قسراً أو طوعاً إلى سيناء، وهو ما لن تسمح لإسرائيل بتخطيه، وقد كانت مصر هي المبادرة وقامت بالاتفاق مع إسرائيل عامي 2005 و2021، على زيادة حجم قوات وإمكانيات حرس الحدود في هذه المنطقة الحدودية من أجل تأمين الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، واحتراماً لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وحتي لا تتخذ الأخيرة من جانبها أي خطوة انفرادية.
– على الحكومة الإسرائيلية أن تجري تحقيقات جادة بداخل جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، للبحث عن المتورطين الحقيقيين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من بينهم بهدف التربح. فالعديد من الأسلحة الموجودة داخل القطاع حالياً هي نتيجة التهريب من داخل إسرائيل مثل بنادق M16 ونوعيات من الـRPG، فضلاً عن المواد ثنائية الاستخدام فى التصنيع العسكري للأجنحة العسكرية بالقطاع، وهنا تكفي مراجعة ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحقيقات التي تجري مع أفراد من الجيش الإسرائيلي، على خلفية اختفاء أسلحة أو بيعها بالضفة الغربية ومنها ترسل إلى قطاع غزة.
– وعلى ذكر الضفة الغربية، فهل يمكن للمسؤولين الإسرائيليين مروجي الأكاذيب ضد مصر، أن يفسروا مصدر الكميات الكبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات المنتشرة في مختلف مناطق الضفة حسب بياناتهم الرسمية، في ظل السيطرة الكاملة لجيش الاحتلال عليها، وأنه ليس لها أي نوع من الحدود مع مصر، ولن يجدوا حينها سوى المتورطين أنفسهم من جيشهم وأجهزة دولتهم وقطاعات مجتمعهم، في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بهدف التربح.
تهريب أسلحة إلى غزة
توضح المعلومات أن معظم عمليات تهريب الأسلحة الثقيلة لقطاع غزة، تتم عبر البحر المتوسط، حيث تسيطر على شواطئه مع غزة بصورة تامة، القوات الإسرائيلية البحرية والجوية، مما يشير إلى النوعية نفسها من المتورطين في إسرائيل من جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بهدف التربح.
– تجدر الإشارة إلى ما تتجاهله التصريحات الإسرائيلية، وهو ما كشفت عنه بيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الجارية، خاصةً المصورة منها، عن ضبط العديد من ورش تصنيع الأسلحة والصواريخ والمتفجرات داخل الأنفاق بغزة، مما يعني أن هناك احتمالاً كبيراً لأن يكون جزء كبير من تسليح حماس والفصائل الفلسطينية تصنيعاً محلياً وليس عبر التهريب.
– إن هذه الادعاءات والأكاذيب هي استمرار لسياسة الهروب للأمام التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية، بسبب إخفاقاتها المتوالية في تحقيق أهدافها المعلنة للحرب على غزة، فهي تبحث عن مسؤول خارجها لهذه الإخفاقات، كما فعلت أيضاً الشيء نفسه مؤخراً باتهام مصر في محكمة العدل الدولية بأنها هي التي تمنع وتعوق دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، على الرغم من علمها التام بأن مصر لم تغلق معبر رفح من جانبها ولو للحظة واحدة.
– لقد أدت سياسات الحكومات الإسرائيلية التعسفية المتعاقبة، بالقضاء على أي آفاق للحل السلمي للقضية الفلسطينية، وتشجيع انفصال قطاع غزة تحت قيادة حركة حماس عن السلطة الفلسطينية، وضمن هذا غض الطرف عما يصلها من تمويل، والحصار الخانق للقطاع، أدت إلى الأوضاع الحالية التي تزعم إسرائيل من وقت لآخر، أن مصر هي المسؤولة عنها. إن هذه السياسات لأكثر من عقد ونصف العقد، جزء من استراتيجية نتنياهو لتعميق الانقسام الفلسطيني، ولضمان فصل غزة عن الضفة الغربية لإضعاف السلطة الفلسطينية، وليكون لديه المبرر لرفض الدخول في أي مفاوضات حول حل الدولتين.
– إنّ دعم وتضامن الشعب المصري الكامل مع القضية الفلسطينية، أمر مؤكد وواقعي دون أدنى شك، ويتماشى مع الموقف الرسمي لمصر من دعم حقوق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الـ4 من يونيو/حزيران 1967. لكن هذا التضامن والدعم الشعبي والرسمي للقضية الفلسطينية، لا يتعارض مع تأمين حدودنا ومنع التهريب منها وإليها، وأن دعم القضية الفلسطينية له كثير من الطرق السياسية التى تأتى بثمارها وصولاً لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، والتي تقوم بها مصر بشكل علني منذ بدء الأزمة الأخيرة، وقبلها طوال الوقت دعماً للشعب الفلسطيني الشقيق.
حل الأزمة في غزة
لا شك في أن مثل هذه الادعاءات الكاذبة لا تخدم الجهود المصرية الإيجابية المبذولة لحل الأزمة في غزة، والتي أثرت على كل المنطقة وجعلتها مهيأة لتوسيع دائرة الصراع، الأمر الذي حذر منه الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً وتكراراً.
– الخلاصة هي أن هذه الادعاءات الكاذبة لا تخدم معاهدة السلام التي تحترمها مصر، وتطالب الجانب الإسرائيلي بأن يُظهر احترامه لها ويتوقف عن إطلاق التصريحات التي من شأنها توتير العلاقات الثنائية في ظل الأوضاع الحالية الملتهبة. وتطالب مصر كل من يتحدث عن عدم قيامها بحماية حدودها أن يتوقف عن هذه الادعاءات، في ظل حقيقة أن لها جيشاً قوياً قادرًا على حماية حدودها بكل الكفاءة والانضباط. وستظل مصر تواصل دورها الإيجابي الطبيعي من أجل حل كافة مشكلات المنطقة، ولن تنجح هذه الادعاءات الكاذبة في إثناء مصر عن القيام بمسؤولياتها الداخلية والإقليمية والدولية.
إحباط تهريب مخدرات
كان الجيش المصري قد أعلن قبل أيام، مقتل شخص وتوقيف 6 آخرين إثر "إحباط عملية تهريب للمخدرات" جنوب معبر "العوجة" على الحدود مع إسرائيل.
جاء ذلك في بيان لمتحدث الجيش العقيد غريب عبد الحافظ، عقب بيان إسرائيلي يتحدث عن وقوع مواجهات مع مهربين على الحدود مع مصر. وقال عبد الحافظ في البيان، إنه "تم إحباط عملية تهريب للمواد المخدرة جنوب منفذ العوجة (على الحدود مع إسرائيل) تقدر بنحو 174 كيلوغراماً من المواد المخدرة مختلفة الأنواع".
وأضاف أنه نتيجة لتبادل إطلاق النيران "قتل شخص، كما تم إلقاء القبض على عدد (6) فرد مهرب"، دون الكشف عن هوية القتيل أو أي تفاصيل عن الموقوفين.
ولم يكشف بيان الجيش المصري عن ملابسات العملية أو عدد المشاركين فيها من المهربين، كما لم يشر إلى أي تفاصيل عن وقوع إصابات بين المهربين والقوات المشتبكة معهم.
بدورها، أعلنت السلطات الإسرائيلية إصابة مجندة بجروح طفيفة في اشتباك مع "مهربين" على الحدود مع مصر. جاء ذلك في بيان صادر عن هيئة البث الإسرائيلية الحكومية، وقالت الهيئة: "نحو 20 شخصاً حاولوا التسلل من الجانب المصري إلى الأراضي الإسرائيلية فتصدت لهم قوة من حرس الحدود، ودار بين الطرفين اشتباك على الحدود مع مصر".
وأضافت: "أصيبت مجندة بجروح طفيفة في تبادل لإطلاق النار بين قوة عسكرية ومسلحين، كما يبدو (أنهم) مهربو مخدرات".
وذكرت أن القوة العسكرية الإسرائيلية "رصدت المشبوهين وعددهم 20، بعضهم مسلح، لحظة وصولهم إلى منطقة معبر نيتسانا (العوجة) على الحدود بين مصر وإسرائيل الليلة الماضية. وأطلق الجنود النار صوب المهربين ورصدوا عدة إصابات".
وكان الجيش المصري أكد في بيانه، أن قواته "على كامل جاهزيتها من أجل الحفاظ على مقدرات هذا الوطن العظيم"، مشيراً إلى أن إحباط محاولة التهريب جاء في إطار "خطة عمل العناصر الأمنية المسؤولة عن تأمين خط الحدود الدولية الشمالية الشرقية".
وكانت الحدود المصرية-الإسرائيلية مسرحاً لعملية تسببت في يونيو/حزيران 2023، في مقتل 3 عناصر تأمين إسرائيلية وعنصر رابع مصري، على خلفية "مطاردة لمهربي مخدرات".
يذكر أن معبر "العوجة" يشهد عمليات تفتيش إسرائيلية لكافة شاحنات المساعدات والإغاثة التي تدخل إلى غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية المدمرة ضد القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على أن تعود بعد التفتيش وتدخل القطاع عبر معبر رفح (الذي كان مخصصاً للأفراد سابقاً) أو معبر كرم أبو سالم (الخاص بدخول البضائع).