أعلن شاليف هوليو، الرئيس التنفيذي السابق لشركة NSO الإسرائيلية لبرمجيات التجسس، في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن نجاحه في جمع 33 مليون دولار لتمويل شركته الناشئة الجديدة، والتي انضم إليها نحو 12 من كبار المسؤولين والموظفين السابقين في شركة "إن إس أو"، علاوة على المستثمرين الأوائل في شركة التجسس ذاتها.
ولم يكن الإعلان غريباً، وإنما المكان الذي اختاره هوليو لهذا الإعلان، فقد وقف واثنان من زملائه في مكان ما في قطاع غزة الفلسطيني، الذي تحاصره إسرائيل، وركزوا النظر إلى كاميرا الويب في جهاز كمبيوتر محمول وضعوه أمامهم، وخرجوا بهذا الإعلان، بحسب موقع The Intercept الأمريكي.
وفي مقطع الفيديو ظهر هوليو وهو يرتدي زي جنود الاحتياط الإسرائيلي بعد استدعائه للخدمة، وسلاحه يتدلى على كتفه.
"نحن هنا على حدود غزة"
وقال في مقطع الفيديو، الذي نُشر على صفحة تابعة لشركته الناشئة الجديدة Dream Security على موقع يوتيوب: "نحن هنا على حدود غزة"، "إن وجودنا جميعاً هنا أمر ذو تأثير عاطفي كبير، فبعضنا يخدم ضمن جنود الاحتياط، وبعضنا يساعد الحكومة [الإسرائيلية] بطرق أخرى مختلفة، وأحسب أن فعل هذا الأمر هنا هو رسالة عظيمة لمجتمع التكنولوجيا المتقدمة ولشعب إسرائيل".
استقال هوليو من منصبه في شركة "إن إس أو" في أغسطس/آب 2022، وقد تقلبت أحوال الشركة على مدى بضع سنوات، وتعرَّضت لصعوبات مالية بعد الكشف عن برنامج اختراق الهواتف "بيغاسوس" سيء السمعة، الذي أنتجته الشركة وباعته لجهات استعانت به في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، وإعلان الحكومة الأمريكية إدراج الشركة في القائمة السوداء للكيانات المشاركة في أنشطة سيبرانية خبيثة.
ويبدو أن الشركة تستغل المجهود الحربي الإسرائيلي لإصلاح سمعتها، فقد انتعشت من جديد مطلع هذا العام، وتداولت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير عدة عن توسعها وإعادة تنظيمها.
من جانبه، قال مايكل أيزنبرغ، وهو رائد أعمال إسرائيلي أمريكي ومؤسس مشارك في شركة Dream، في الفيديو الترويجي: "إن شركات التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية ليست راسخة فحسب، بل ستخرج من هذا أكثر قوة من ذي قبل"، وسوف تعود لتسليم منتجاتها "متى كانت الحاجة إليها، وحيثما كانت الحاجة إليها، وإلى أي بلد أو شركة تحتاج إليها".
شركة للأمن السيبراني
الشركة الجديدة هي شركة أخرى للأمن السيبراني، واسمها (DREAM) فيه إشارة إلى الحروف الأولى من كلمات تعني: "الرصد والاستجابة والإدارة"، ويقول مؤسسو الشركة إنها تشتغل بتوفير الحماية الإلكترونية لما يُعرف بمرافق البنية التحتية الحيوية، مثل منشآت الطاقة.
وتتكون الشركة من خبرات فريق العمل "الناجح" لشركة "إن إس أو" ومواهب جُلبت من شركات أخرى لبرمجيات التجسس، التي تزايد الحصار عليها من جهات حقوقية ودولية خلال السنوات الماضية.
وبحسب إنترسيبت، فقد انضم إلى هوليو منذ العام الماضي نحو 12 من كبار المسؤولين والموظفين السابقين في شركة "إن إس أو"، علاوة على المستثمرين الأوائل في شركة التجسس ذاتها.
ومع ذلك، قال محامو شركة Dream Security، لموقع إنترسيبت الاستقصائي الأمريكي، إن الشركتين كيانان مختلفان. وقال توماس كلير، محامي شركة "دريم"، في رسالة إلى الموقع: "إن الرابط الوحيد بين الكيانين هو (السيد) هوليو ومجموعة صغيرة من الموظفين الموهوبين الذين عملوا سابقاً في شركة (إن إس أو)"، وقال ليرون بروك، المتحدث باسم شركة "إن إس أو"، إن "الشركتين ليس بينهما أي ارتباط".
"أمر مثير للقلق"
في المقابل، أبدى نقاد سابقون لشركة "إن إس أو" مخاوفهم من اجتماع موظفي الشركة في شركة جديدة تحمل اسماً آخر، ربما يُنسي الناس فضائح الشركة القديمة. وقالت ناتاليا كرابيفا، المستشارة القانونية للشؤون التقنية في مجموعة Access Now، وهي مجموعة مناصرة للحقوق الرقمية: "إنه أمر مثير للقلق"، و"يبدو أنها طريقة جديدة لتبييض سمعة (إن إس أو) وطمس سجلها السابق".
ومع ذلك، شدد كلير، محامي شركة دريم، على أن هوليو لم تعد له صلة بشركة "إن إس أو"، وهو ليس "مسؤولاً ولا موظفاً ولا مساهماً فيها"، وقد انحصر عمله في قيادة شركة Dream Security منذ تأسيسها أواخر عام 2022".
من جهة أخرى، يتمتع فريق القيادة في شركة "دريم" بعلاقات وروابط مع كثير من الشخصيات اليمينية المتطرفة في إسرائيل وأوروبا والولايات المتحدة، ولديهم خطة طموحة لاستغلال هذه صلاتهم هذه للسيطرة على قطاع الأمن السيبراني. ومن أكبر مانحي الشركة دوفي فرانسيس، رجل الأعمال الإسرائيلي المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وانضم إلى الشركة كذلك ليور أتار، رئيس الأمن السيبراني في وزارة الطاقة الإسرائيلية لمدة 6 سنوات، وجاء الانضمام بعد خروجه مباشرة من منصبه الحكومي مطلع هذا العام.
تتكون نسبة معتبرة من العاملين بشركة "دريم" من قدامى العاملين في شركة التجسس"إن إس أو"، وذكر تقرير صدر حديثاً عن صحيفة Globes الاقتصادية الإسرائيلية أن الشركة يعمل بها 70 موظفاً، منهم 60 موظفاً في إسرائيل. ووجد موقع The Intercept أن الشركة يعمل بها 13 موظفاً سابقاً في "إن إس أو"، أي نحو خمس الشركة الجديدة، وينتشر كبار مسؤولي "إن إس أو" السابقين في المناصب العليا لشركة "دريم"، مثل مديري أقسام المبيعات والموارد البشرية والأقسام القانونية.