يوم 14 أغسطس/ آب، كان ذلك الطيار السعودي يستعد لآخر رحلاته من كندا. ودّع برج المراقبة في مطار تورنتو الدولي بكلمات رقيقة شاكراً العاملين على استضافتهم له ومعرباً عن حزنه لقيادته آخر رحلة.
رد المشرف على برج المراقبة قائلاً: "نأمل ألا تكون آخر رحلة، تحدث أشياء غريبة في السياسة على أمل أن نراك مجدداً".
وداع طيار سعودي ل برج المراقبة ف مطار بيرسون الدولي تورنتو ع اخر رحله للخطوط السعودية 🇨🇦❤🇸🇦 pic.twitter.com/8x09M34QPb
— ريان بن عوض (@RayanAlmabadi) August 14, 2018
تختزل هذه المحادثة كل الكلام العالق في صدور الطلاب السعوديين الذي يتحضرون للمغادرة تلبية للأوامر الصادرة من السعودية. على مضض، يبيعون ما يصعب حمله، وهم الذين لم يواجهوا أية مشاكل مع الجامعات الكندية أو النظام السياسي هنا.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، استفسارات خجولة حول الخطوات المقبلة التي يجب اتباعها. إعلانات بشأن شركات الشحن وتحذيرات بالجملة من عمليات نصب وأخيراً وداع.
بخلاف الولايات المتحدة الأميركية، التي تشهد حوادث تمييز عنصري أكثر، فإن المجتمع الكندي، كونه قائماً على المهاجرين، غالباً ما يرحب بالغرباء ولا يسمِّيهم مهاجرين كما هو المعتمد عالمياً، وإنما "قادمين جدداً".
هي سياسة تعتمدها الدولة لاستضافة المهارات العلمية واليدوية، في دولة تحتاج ما تحتاج من طاقة شبابية توازن شيخوخة كثافتها السكانية.
تنبيه من الصحافة "خوفاً من فبركة الأخبار"
وكان من اللافت في جولة "عربي بوست" على حسابات بعض الطلاب المبتعثين الرسالة التالية:
"تنبيه عاجل: الرجاء الحذر من الصحافيين الذين يحاولون التواصل مع مبتعثي كندا لاستغلال الظروف الحالية باحثين عن تصريحات ليفبركوها!".
فعلى الصفحة نفسها، التي نُشر عليها هذا التحذير وقبل 6 أغسطس/آب، كانت المنشورات القليلة تتمحور حول تذكير بقراءة سورة الكهف كل جمعة، دعاية لشركة شحن من وإلى كندا وأميركا، وأخيراً تنبيه شهري ينتظره كل مبتعث على أحر من النار: وصول الرواتب والمخصصات.
لكن بعد هذا التاريخ باتت نشطة ومليئة بالمعلومات والتعليمات والتحذيرات.
عاجل: سيتم إيقاف الصرف على كافة المبتعثين اعتبارا من 1 سبتمبر 2018 ولن يتم اصدار أي ضمانات مالية لفصل الخريف 2018.. #ملحقية_كندا
Geplaatst door Saudis in Canada op Dinsdag 7 augustus 2018
وتنبيه بوصول آخر دفعة من المخصصات
تنبيه آخر نشرته صفحة أخرى للمبتعثين في سائر كندا بأن آخر المخصصات ستصل 1 سبتمبر/أيلول، وبأنه لن يتم إصدار أي ضمانات مالية لفصل الخريف، بمعنى "دبروا أموركم بعدها".
يذكر أن الطلاب المبتعثين لكندا يحضرون ضمن برنامج الملك عبد الله للمنح، ويتلقون مخصصات شهرية وفق عدد أفراد العائلة كما يوضح الجدول التالي:
لكن الطلاب يفضلون البقاء.. على الأقل من اقترب تخرجه
طالب في جامعة هاليفاكس قال إن الحكومة السعودية نبهت على الطلاب عدم التحدث لوسائل الإعلام.
وقال متحدثاً لمحطة تلفزيونية محلية أخفى فيها معالم وجههه وصوته: "أظن أنه صعب على الجميع وعلى الطلاب أن يفكروا بحلول بديلة لتعليمهم، وآمل أن تتوصل الدولتان لاتفاق لا يشمل الطلاب، فكل واحد منا له حالته الخاصة، البعض على وشك التخرج، والبعض كان أمامه شهور فقط من استكمال التخصص الطبي التطبيقي، ولكن الآن عليهم البدء من جديد. إنه أمر صعب".
وأضاف قائلاً بحسرة: "نحن نحب كندا، هي دولة رائعة وأظن أن معظمنا تعلق بكندا ونود البقاء، وجامعاتها قوية وجيدة جداً. أميركا جامعاتها جيدة ولكن سمعة الجامعات الكندية أفضل. ولا أحد يود الانتقال من جامعة عريقة وهامة إلى جامعة ذات مستوى أكاديمي أقل بسبب الخلاف".
واستطرد بحديثه "إذا ما عاد الطلاب، قد لا يتمكنون من السفر مجدداً، لأني علمت أنه سيتم إرسال بعضهم إلى جامعات محلية، ويجب أن يبقوا في السعودية لما لا يقل عن 4 أو 5 شهور قبل أن يلتحقوا بجامعة جديدة بعد انتهاء موسم قبول طلبات الالتحاق بفصل الدراسة الأول للعام الدراسي الجديد. ولن يتمكنوا من العمل وبالتالي لن يتوفر لهم دخل. عملية الانتقال في هذه الفترة الزمنية القصيرة صعبة جداً".
وتمنى أن يتم استثناء الطلاب الذين لديهم سنة أو أقل للتخرج من قرار المغادرة، كي لا يخسروا نصف المدة التي قضوها في التعليم الجامعي.
التلميذ الذي فضّل إخفاء هويته كشف أن العديد من الطلاب لديهم عقود إيجار منازل وهم مرتبطون بها، أو أقساط قروض سيارات وحتى علاقات إنسانية ستنقطع الآن كلياً وفي فترة قصيرة جداً.
وكان "عربي بوست" نشر تقريراً عن موجة بيع الطلاب السعوديين لكل ما يملكونه بأثمان بخسة وبصورة سريعة وصلت إلى ربع ثمن سياراتهم وأثاث منازلهم وغيرها من المقتنيات.
وتنبيه من عمليات النصب والاحتيال بقبول طلباتهم في جامعات أخرى
من جديد تنبيه على صفحة ثالثة بشأن عمليات النصب والاحتيال التي تستهدف نحو 15 ألف طالب طلب منهم المغادرة. تعدهم هذه الإعلانات بقبول طلباتهم في جامعات أميركية وبريطانية أسترالية.
بعد الإجتماع مع إدارة جامعة أريزونا @UofA ولله الحمد 🌹
الجامعة تٌصدر خطاباً رسمياً للإجتماع الذي انعقد، وتعلن الإستعداد التام لإستقبال الطلاب السعوديين من #مبتعثين_كندا
وتوفير القبول والمساعدة على أعلى المستويات بإعداد فريق مختص بذلك.#دعم_مبتعثي_كندا @Saudi_in_canada pic.twitter.com/oB9HZnsqTQ— م.أسامة مشيبه (@OsamaMoshebah) August 14, 2018
ولكن في مقابل المحاولات التي تترصد الطلاب في هذه المرحلة المتأزمة التي جعلتهم فريسة للطامعين، أعلنت عدة جامعات أميركية تمديدها بشكل استثنائي فترة قبول الطلاب قبل فصل الخريف وبداية العام الدراسي الجديد، أي بعد أقل من شهر.
محاولة تسعى معها الجامعات الأميركية زيادة الطلاب السعوديين بعدما تراجعت أعدادهم في العامين الماضيين، من 125 ألفاً في العام 2016 إلى 60 ألفاً فقط في 2018.