سلط تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، الأحد 7 يناير/كانون الثاني 2024، الضوء على ماساة هبة لباد، وهي أم لثلاثة أطفال، تبلغ من العمر 27 عاماً، والتي روتها لمراسلة الموقع البريطاني في قطاع غزة، حيث عاشت تجربة مرعبة لكونها امرأةً حاملاً تضطر إلى مغادرة منزلها والولادة وسط دويّ القصف الإسرائيلي، والانفصال عن زوجها الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي.
وحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن "50 ألف سيدة حامل في القطاع، يعانين من سوء التغذية والمضاعفات الصحية، وخاصة ذوات الحمل الخطر، نتيجة عدم توافر مياه الشرب والنظافة والطعام والرعاية الصحية في مراكز الإيواء".
القصف بدأ وهي في شهرها التاسع
تقول هبة: "عندما بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كنت حاملاً في الشهر التاسع، وأعاني من آلام الحمل والتعب والإرهاق".
وأضافت: "لم يؤدّ القصف المتواصل إلا إلى تفاقم معاناتي، وإضافة الخوف والتوتر إلى حملي الصعب أصلاً. كان القلق يستهلك أفكاري على صحة طفليّ الصغيرَين، لين، خمسة أعوام، وحسن، ثلاثة أعوام، وكذلك على الجنين في بطني".
وأردفت: " في 7 أكتوبر/تشرين الأول، اضطررت أنا وزوجي وأطفالنا إلى الفرار من منزلنا في حي النصر شمال غزة؛ بحثاً عن ملجأ في بيت لاهيا. وكان دويّ انفجارات القصف الإسرائيلي متواصلاً. وبالإضافة إلى التهديد المستمر بالموت، واجهنا أيضاً نقصاً حاداً في الغذاء والمياه الصالحة للشرب وغاز الطهي؛ مما أدى إلى تفاقم التحديات التي كنا نواجهها بالفعل".
كما أوضحت أن "الجانب الذي أرعبني أكثر هو قلقي على أطفالي. إن رؤيتهم وهم يبكون ويصرخون من الرعب في كل ضربة إسرائيلية كان أمراً لا يُحتَمَل. كنت أشعر أيضاً بالقلق الشديد بشأن ولادتي الوشيكة، ويزداد هذا القلق أكثر فأكثر مع الموعد المُحدَّد لها، والذي كان في 15 أكتوبر/تشرين الأول".
مأساة الولادة
تروي هبة أن تأخر المخاض اضطرها إلى الذهاب إلى مستشفى الشفاء مرتين، مرة خلال الأسبوع الثالث من أكتوبر/تشرين الأول ومرة أخرى خلال أسبوعه الرابع.
تحدَّت هبة خطورة الوضع، فالتنقل إلى المستشفى في حد ذاته مغامرة خطيرة، وقد قررت الذهاب للمستشفى مع زوجها سيراً على الأقدام، لانعدام وسائل النقل بشكل تام في القطاع، وقد وصفت الأوضاع في المستشفى بـ"المؤلمة والمخيفة".
وتحكي هبة قائلة: "كل زيارة جعلتني أشعر بالقلق. كان مبنى الولادة مكتظاً بالنازحين، وشكَّل القصف الإسرائيلي تهديداً مستمراً. خلال إحدى زياراتي، أطلقت القوات الإسرائيلية حزاماً نارياً بالقرب من المستشفى الواقع في شارع الجلاء، مما أدخلني في حالة من الرعب".
وتضيف: "وفي مساء يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول، شعرت بآلام المخاض وهرعت إلى المستشفى، لأجد نفسي في بيئة غير مناسبة على الإطلاق".
وتزيد أيضا: "سميت ابني كنان، لكن العدوان الإسرائيلي حال دون حصولي على شهادة ميلاد. لقد دُمِّرَ النظام الصحي في قطاع غزة بسبب الحصار المستمر، علاوة على أن شلل المؤسسات الحكومية يعني أن ابني لم يتمكن من الحصول على التطعيمات أو الفحوصات الطبية".
اعتقال الزوج
تحكي هبة كذلك، أن زوجها قاوم نداءات الاحتلال بالانتقال إلى جنوب القطاع، بسبب خوفه من اقتراب ولادتها، وكذا بسبب حكايات الإذلال والإهانة التي يمارسها الاحتلال عليهم.
فقد اضطر أكثر من 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى النزوح من منازلهم منذ بدء الحرب.
تؤكد هبة أنه "في 7 ديسمبر/كانون الأول، وصل الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقتنا في بيت لاهيا وأجبر الناس على الخروج من منازلهم. اعتقلوا الرجال، ومن بينهم زوجي أيمن، وأمروا النساء وكبار السن بالذهاب إلى مستشفى كمال عدوان".
وأضافت "مشينا إلى المستشفى سيراً على الأقدام، وكان قلبي يؤلمني على زوجي. كانت تلك اللحظات مأساوية، وحتى الآن ما زلت أعاني من إرهاق ما بعد الولادة، بينما أرعى ثلاثة أطفال صغار".
قلق الانفصال
لحسن حظ هبة، أن الاحتلال أطلق سراح زوجها في 14 ديسمبر/كانون الأول، لكنه أُجبر على البقاء في رفح، جنوب قطاع غزة، كما أكدت أنه تعرض "أثناء اعتقاله لأقسى أشكال التعذيب".
تقول: "أقمنا أنا وأولادي في بيت لاهيا في الشمال. قام الجيش الإسرائيلي بتقسيم غزة إلى قسمين، مما يجعل من الخطير بالنسبة لي ولزوجي أن نحاول التواصل مع بعضنا البعض".
وتضيف: "إن الاتصال بيننا صعبٌ للغاية؛ نظراً لأن الجيش قام بتعطيل الاتصال بالإنترنت في بيت لاهيا، ولا نعرف من الاتصال البسيط بيننا إلا القليل جداً عن حالة بعضنا وسلامتنا".