قال موقع Ynet الإسرائيلي في تقرير له يوم الأحد 7 يناير/كانون الثاني 2024، إنه بعد مرور ثلاثة أشهر بالضبط منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، ما زال الصراع يؤثر على إسرائيل على نحوٍ لا يزال مجهولاً في مجموعةٍ متنوعة من مجالات الأمن الشخصي والاقتصاد وحالة المجتمع وغير ذلك. ونتيجةً لأحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، تواجه إسرائيل صعوبات لم تواجهها من قبل.
حيث تتراكم في المناورة البرية التي بدأت في أواخر أكتوبر/تشرين الأول العديد من الإنجازات التكتيكية كل يوم، ولكنها لم تجعل إسرائيل قادرة على تحقيق أهداف الحرب، وهي تفكيك قدرات حماس كقوة عسكرية واستعادة الأسرى. وقد وصلت المناورة العميقة إلى أماكن في قطاع غزة لم يدخلها جيش الاحتلال الاسرائيلي أو يعمل فيها حتى في السنوات التي سبقت فك الارتباط عام 2005، كما هو الحال في الأحياء الوسطى لمدينة غزة، داخل جباليا وخان يونس، ولذلك يعتبر جيش الاحتلال الاسرائيلي ذلك بمثابة تصعيد.
فشل إسرائيلي في قطاع غزة
في حين ساهمت ضغوط شديدة في صفقة تبادل بعض الأسرى الإسرائيليين ببعض الأسرى الفلسطينيين الذين أُطلِقَ سراحهم من السجون مقابل وقف إطلاق النار لأيامٍ معدودة منذ نحو شهر ونصف.
عملياً، لم تتجدد المفاوضات للتوصل إلى اتفاق منذ ذلك الحين، وفشلت محاولة ميدانية لإنقاذ الأسرى أحياء. ويُقدِّر جيش الاحتلال الاسرائيلي أن عدداً كبيراً منهم لا يزال على قيد الحياة ولكنهم تحت الأرض. الهدف الآخر الذي وضعه جيش الاحتلال الاسرائيلي ولم ينجح فيه هو القضاء على كبار مسؤولي حماس، في حين أن معظم قيادات حماس لا يزالون نشطين، منهم محمد ضيف ومروان عيسى ومحمد ويحيى السنوار.
وبحسب التقديرات، فإن هؤلاء يختبئون في المقر العام لحركة حماس في وسط قطاع غزة أو في الجنوب، وبالتالي فإن العمل هناك أبطأ وتقوده وحدات النخبة المكونة من سبعة ألوية من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
تسريح ألوية في جيش الاحتلال
الآن رأى الجمهور الإسرائيلي بالفعل صور العديد من جنود الاحتياط الذين عادوا أخيراً إلى منازلهم بعد تسريح ألويتهم في نهاية الشهر الثالث من القتال، لكن هذه الصور ليست إلا جزءاً من الوضع الكامل، ولا يزال العديد من جنود الاحتياط قيد التجنيد. يُضاف إلى كل ذلك العبء 90 يوماً من الحرب وما لا يقل عن شهر أو شهرين متوقَّعين من القتال.
بعد ثلاثة أشهر يبدو أن حرب السيوف الحديدية، طالما لا تزال مستمرة، ستكون أكثر حروب إسرائيل تكلفةً، سواء على المستوى العسكري أو على الجبهة الداخلية أو على المستوى الاقتصادي. تُظهِر الحسابات المُحدَّثة لعطلة نهاية الأسبوع الماضي أن تكلفة الحرب ارتفعت بالفعل إلى نحو 217 مليار شيكل. (59.35 مليار دولار). وتشمل هذه التكلفة كلاً من الميزانية القتالية للجيش والمساعدات الواسعة للاقتصاد في جميع المجالات.
نزيف في اقتصاد إسرائيل
بلغت تكلفة اليوم القتالي للجيش الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول، بما في ذلك خدمة الاحتياط الأولية لحوالي 360 ألف جندي جُنِّدوا بموجب الأمر رقم 8، مليار شيكل. وبسبب التسريح الجماعي لعشرات الآلاف من الجنود في الأيام الأخيرة، تبلغ التكلفة حالياً حوالي 600 مليون شيكل يومياً، في حين تقرَّر الاستمرار في دفع مبلغ 300 شيكل يومياً لكل جندي احتياط يُجنَّد حتى نهاية العام 2024.
وعلى المستوى المدني، تصل التعويضات بالفعل إلى عشرات المليارات من الشواكل، ولكن حتى هذه التعويضات تنخفض بسبب عودة الاقتصاد إلى النشاط الكامل تقريباً في معظم أنحاء إسرائيل. اعتباراً من شهر ديسمبر/كانون الأول، لم تعد التعويضات الكاملة تُدفع للشركات التي تأثر دخلها في بئر السبع وأشدود. ومن المتوقع حتى الآن أن تدفع الدولة للشركات المتضررة خلال دورات النشاط في الأشهر الثلاثة الأولى حوالي 10 مليارات شيكل.
وقعت الأضرار الجسيمة التي لحقت بالممتلكات لأول مرة في المستوطنات المحيطة بغزة. وفي الأسابيع الأخيرة، تزايدت الأضرار التي لحقت بالممتلكات على الحدود الشمالية. وفي بعض المستوطنات تعرضت عشرات المباني لأضرار جسيمة. وبحسب التقديرات، تبلغ قيمة الأضرار التي لحقت بالممتلكات في البلدات الحدودية اللبنانية حوالي 5-7 مليارات شيكل، بالإضافة إلى حوالي 15-20 مليار شيكل في غلاف غزة.
نزوح عشرات الآلاف من الإسرائيليين
وفي هذه الأثناء هناك نحو 125 ألف نازح إسرائيلي من الشمال والجنوب. وتصل تكلفة دعمهم إلى مليارات الشواكل. واليوم، يحصل كل من يقيم في فندق على 6 آلاف شيكل شهرياً للشخص البالغ و3 آلاف للطفل. وفي الوقت الحالي، يبدو أن العديد من الأشخاص الذين أُجلوا لن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم في الأشهر المقبلة. وبلغ العجز في ميزانية الدولة 111 مليار شيكل، مما سيتطلب تخفيضات مهمة وزيادة في الضرائب بقيمة 67 مليار شيكل، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة في إسرائيل.
في حين أنه وبعد جائحة كوفيد التي عطلت الروتين الدراسي للطلاب الإسرائيليين بشكل كامل، وقد أوقفت الحرب في غزة العام الدراسي مرة أخرى، بقي العديد من الطلاب في جميع أنحاء البلاد في المنزل، ودرسوا أحياناً عبر الإنترنت عبر تطبيق زووم، وعادوا ببطء إلى الفصل الدراسي.
حيث أُجلِيَ 48 ألف طفل وصبي تتراوح أعمارهم بين الولادة والصف الثاني عشر من منازلهم. وأُودِعَ بعضهم في أماكن في مجتمعات آمنة، بينما يدرس آخرون في الفنادق التي انتقلوا إليها مع عائلاتهم. واليوم، يعمل ما مجموعه 466 مركزاً للرعاية النهارية ورياض الأطفال في 285 مركزاً أُنشِئ للأطفال الذين أُجلوا. ويعمل 1000 من أعضاء هيئة التدريس في أماكن مخصصة، إلى جانب أعضاء هيئة التدريس والمتطوعين.
على أية حال، في الأسابيع الأخيرة، اضطر المعلمون إلى تدريس مواضيع لم يتعاملوا معها قط -على سبيل المثال، معلمو الكتاب المقدس الذين قاموا بتدريس دروس الرياضيات. وفي حالات أخرى، تطوع أولياء أمور الطلاب لتدريس الدروس في الفصول الدراسية بدلاً من المعلمين المعينين في الاحتياط، على سبيل المثال في مادة الفيزياء.
في الوقت نفسه، أعلن وزير التربية والتعليم يوآف كيش عن مخطط جديد للتسجيل يؤجِّل الامتحانات الشتوية لمدة شهرين، والامتحانات الصيفية لمدة ثلاثة أسابيع، وبالإضافة إلى الامتيازات لجميع الطلاب، مُنِحَ المُهجَّرون من الجنوب والشمال امتيازاتٍ إضافية.
إجلاء سكان غلاف غزة
أُجلِيَ سكان غلاف غزة من منازلهم عندما اندلعت الحرب، ومنذ ذلك الحين انقلبت حياتهم رأساً على عقب. ورغم توفير فنادق راقية نسبياً لهم، أصبح قضاء ثلاثة أشهر بعيداً عن منازلهم -مع وجود أطفال صغار في غرف ضيقة- أمراً صعباً. لقد تغير روتين الحياة، ويلتحق الأطفال بمدارس مؤقتة، ويعاني السكان من صعوبات نفسية.
في حين فقدت معظم المجتمعات المحيطة عائلاتها وأصدقاءها ولا تزال تحاول التكيف مع الحياة إلى جانب الخسارة. إلى جانب ذلك، فإن الإقامة في الفنادق تخلق قدراً من الضغط الاجتماعي، مما دفع العديد من العائلات إلى الانتقال للعيش في الإيجارات على أساس منحة من التأمين الوطني. بالإضافة إلى ذلك، انتقلت بعض المجتمعات للعيش في مبانٍ مؤقتة.
كما خلق الوضع الجديد واقعاً تخشاه السلطات: تشتت المجتمع وتفككه. وتخشى السلطات من أن العائلات التي انتقلت إلى منازل مؤقتة في المدينة أو في مستوطنة أخرى لن تعود، ولا حتى بعد الحرب. وقد يؤدي هذا الوضع إلى هجرة سلبية من المستوطنات المحيطة. وهذه بشكل رئيسي هي الكيبوتسات القريبة من حدود قطاع غزة.
لا شك أن العملية التي نفذها مقاتلو حماس في غلاف غزة أثرت على الأمن الشخصي لسكان إسرائيل. ويمكن ملاحظة ذلك في الطلبات التي لا تعد ولا تحصى للحصول على تراخيص الأسلحة. ومباشرة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، قرر وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير تسهيل الحصول على تراخيص الأسلحة. في الوقت نفسه، قُدِّمَ عدد غير مسبوق من الطلبات (277.874 طلباً من إسرائيليين لم يفكروا مطلقاً من قبل في حمل السلاح) للحصول على أسلحة من وزارة الأمن القومي.
وحتى الآن، صدر 44.658 ترخيصاً لحمل السلاح، إضافةً إلى 68.053 ترخيصاً مشروطاً. للمقارنة: منذ بداية عام 2023 حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول، قُدِّمَ 36.446 طلباً، بينما في عام 2022 بأكمله قُدِّمَ 42.170 طلباً، وفي 2021 قُدِّمَ 19.407 طلبات.
عند توليه منصبه، خفف الوزير بن غفير من شروط الحصول على رخصة حمل السلاح، بل دفع الجمهور إلى التسلح بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول. وفي الوقت نفسه، وُزِّعَت بنادق في مدن مختلفة في جميع أنحاء إسرائيل على أعضاء الوحدات الاحتياطية.