مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لقرابة 3 أشهر متواصلة، وحرمان المواطنين من مصادر الطاقة والماء والعناصر الغذائية المختلفة، إضافة إلى القصف المستمر الذي أسفر حتى الآن عن سقوط أكثر من 21 ألف شهيد، وإصابة عشرات الآلاف، يواجه القطاع أزمة صحية فادحة نتيجة تراكم الجثث والنفايات وقلة وسائل النظافة العامة والرعاية الصحية.
وقد أثارت وفاة جندي إسرائيلي بسبب فطريات التقطها في غزة قلق العديد من الخبراء، وسلطت الضوء على الخطر المتزايد لانتشار الأمراض في مناطق الحرب نتيجة تردي الأوضاع، الأمر الذي يثير التساؤلات حول أفتك أنواع العدوى الفطرية التي قد تسبب الموت المباشر، وما إذا كان القطاع سيشهد تطوراً لهذه النوعية من الأمراض نتيجة الحصار والحرب المستمرة.
اقرأ أيضاً
أنواع مميتة من العدوى الفطرية
تحدث أكثر من 150 مليون حالة من حالات العدوى الفطرية الشديدة في جميع أنحاء العالم، ووفقاً للمركز الوطني للبحوث البيولوجية (NCBI) بالولايات المتحدة الأمريكية، فإن هناك ما يقرب من 1.7 مليون حالة وفاة سنوياً مرتبطة بالالتهابات الفطرية.
وبحسب ويليام شافنر، أستاذ الطب بقسم الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت، لصحيفة واشنطن بوست: "إذا دخلت [العدوى الفطرية] إلى المستشفى، فمن الصعب للغاية السيطرة عليها والخروج منها".
وأضاف أنها يمكن أن تستمر، وتتفاقم العدوى بها، وتسبب المرض لفترة طويلة من الوقت على الرغم من الجهود الحثيثة لمكافحتها، وهو ما يثير المخاوف المتزايدة من تفشي مثل تلك الفطريات في بيئات مُهددة مثل مدن النزاعات والكوارث الطبيعية والحروب.
وقد تسببت الأدوية المضادة للفطريات، المستخدمة للمرضى المعرضين لمخاطر عالية، في تكيف بعض الفطريات وتطورها، ما أدى إلى إنتاج فطريات مقاومة للأدوية المتعددة. وتدرج منظمة الصحة العالمية الفطريات الـ10 التالية باعتبارها الأكثر إثارة للقلق:
اقرأ أيضاً
1- الكريبتوكوكوس نيوفورمانس:
فطريات (Cryptococcus neoformans) هي من مسببات أمراض الخميرة المنتشرة عالمياً والموجودة في الطبيعة (إذ تحتل التربة والخشب المتحلل)، ويمكن أن تسبب التهابات مثل داء المكورات الخفية، مما يؤثر على الرئتين والجهاز العصبي المركزي والدم.
وهي تحظى بمعدل وفيات يتراوح بين 41% و61% عند الإصابة بها.
2- فطريات كانديدا أوريس:
واحدة من الفطريات الخطيرة المنتشرة عالمياً، والتي يمكن أن تسبب داء المبيضات الغازي، وهي عدوى فطرية تؤثر على القلب والدم والجهاز العصبي المركزي والعينين والعظام والأعضاء الداخلية، مع معدل وفيات يتراوح بين 29% و53%.
3- فطريات الرشاشيات الدخناء:
هي نوع من الفطريات البيئية المنتشر عالمياً، والقادرة على إنتاج عدوى غازية (الرشاشيات الغازية، IA) تصيب بشكل رئيسي الجهاز التنفسي، ولكن يمكن أن تصيب الأعضاء الأخرى، مثل الجهاز العصبي المركزي مع معدلات وفيات مقاومة للفطريات تتراوح بين 47% و 88%.
4– فطريات المبيضات البيضاء:
من أنواع العدوى المسببة للأمراض المنتشرة عالمياً، وعادةً ما تكون جزءاً من الكائنات الحية الدقيقة البشرية، ولكنها يمكن أن تسبب التهابات مثل داء المبيضات الغازي مع معدل وفيات يتراوح من 20% إلى 50%.
5- فطريات ناكاسيوميسيس غلابراتا:
من مسببات أمراض الفطريات المنتشرة عالمياً والتي يمكن أن تؤدي إلى حالات عدوى مثل داء المبيضات الغازي مع معدل وفيات يتراوح بين 20% و50%.
6- داء النوسجات (المغمدة النوسجة):
هي نوع من الفطريات ثنائية الشكل المنتشرة عالمياً، والموجودة في الطبيعة، إذ تتطور في التربة وفي فضلات الطيور والخفافيش، وتشبه الخميرة في البشر، والتي يمكن أن تسبب داء النوسجات الذي يؤثر على المرضى الذين يعانون من نقص المناعة مع معدل وفيات يتراوح من 21% إلى 53%.
7- العوامل المسببة للورم الفطري:
هي عدوى الأنسجة التي تسببها الفطريات الموجودة في التربة والمياه، والتي تصل مخاطر بتر الأطراف فيها إلى 39% و60%، وقد أبلغ 80% من المرضى بهذه الفطريات عن تأثير كبير على حياتهم اليومية، ولكن يُعتقد أن معدل الوفيات الإجمالي عند الإصابة بها قليل بالمقارنة مع الفطريات الأخرى.
8- الفطريات المخاطية:
هي مجموعة كبيرة من الفطريات المسببة للأمراض المنتشرة عالمياً، والتي تؤثر على المرضى بعد استنشاق الجراثيم، ويمكن أن تسبب في المقام الأول عدوى مثل الفطار المخاطي، الذي يؤثر على الرئتين والجيوب الأنفية.
كذلك من الممكن أن ينتشر المرض إلى العين والجهاز العصبي المركزي والجهاز الهضمي، وله معدل وفيات يتراوح بين 23% و80% لدى البالغين.
9- سموم فطريات الفيوزاريوم:
هي مجموعة من العفن مسببة للأمراض وتوجد عادةً في المناطق الاستوائية، ولكنها منتشرة عالمياً، ويمكن أن تسبب عدوى مثل داء الفيوزاريوم الغازي، الذي يؤثر في المقام الأول على الجهاز التنفسي والعينين، ولكن يمكن أن ينتشر عبر الأعضاء الأخرى والجهاز العصبي المركزي، مع احتمالية حدوث وفيات بين المصابين به بنسب تتراوح بين 43% و67%.
10- المبيضات الاستوائية:
هي نوع من الخميرة المتعايشة والمنتشرة على مستوى العالم، وهي شائعة في الكائنات الحية الدقيقة البشرية والحيوانية، ولا تسبب أي ضرر في أثناء الظروف الصحية العادية، ولكنها يمكن أن تنتج عدوى مثل داء المبيضات الغازي الذي يتراوح معدل الوفيات فيه بين 55% و60% عند البالغين عند تدهور الأوضاع الصحية والنظافة العامة.
تفشي الأمراض المعدية بين الجنود الإسرائيليين
إلى ذلك، حذر مسؤولو الصحة في دولة الاحتلال من أن الجنود الإسرائيليين المصابين يعانون من أمراض مقاومة للأدوية في قطاع غزة.
وقالت جمعية الأمراض المعدية (AID) في إسرائيل إنه تم العثور على العديد من مسببات الأمراض المقاومة للأدوية، خاصة في إصابات الأطراف، وضمن ذلك السلالات البكتيرية شديدة المقاومة من الكليبسيلا والإشريكية القولونية، وفطريات الرشاشيات.
ومنذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حذرت منظمة الصحة العالمية من تزايد خطر تفشي الأمراض في غزة، مع تفكك خدمات الرعاية الصحية وأنظمة المياه والصرف الصحي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وردت تقارير عن تفشي مرض الزحار بين الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة، مع زيادة حالات الإسهال والأمراض المعوية.
وكتب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في منشور على منصة X، تويتر سابقاً، أنه "نظراً إلى الظروف المعيشية ونقص الرعاية الصحية، يمكن أن يموت عدد أكبر من الأشخاص بسبب الأمراض مقارنة بقتلى نتيجة للتفجيرات والقصف".
مناطق الحروب عرضة لمخاطر الأمراض الفتاكة
ويُشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتشكل فيها البكتيريا المقاومة في مناطق النزاعات والحروب، حيث تؤدي البنية التحتية المتهالكة للرعاية الصحية والاستخدام غير الحكيم للمضادات الحيوية إلى دفع البكتيريا المقاومة إلى ما هو أبعد من ساحات القتال.
ومن الأمثلة السابقة على ذلك، البكتيريا العراقية الخارقة، Acinetobacter Baumannii، التي عانى منها جنود جرحى في العراق وأفغانستان بعد عودتهم للعلاج بمستشفيات الولايات المتحدة.
البكتيريا العراقية القاتلة، المشهورة بأنها أحد أكثر مسببات الأمراض الستة المقاومة للأدوية فتكاً، تصيب الجروح وتنتشر عبر مجرى الدم، ويمكن أن تسبب الإنتان وفقدان الأطراف وحتى الموت.