عادة ما يشعر العديد منا بالجوع خلال ساعات الليل المتأخر، إلا أن الشعور المتكرر قد يكون علامة على الإصابة بمتلازمة الجوع الليلي، والتي قد تكون ناتجة عن العديد من الأمراض، أغلبها نفسية، فيما قد تتسبب في الإصابة بأمراض خطيرة، من بينها أمراض القلب والسكري.
عادة ما يقوم المصابون بمتلازم الجوع الليلي، أو ما يسمى باضطراب الأكل الشره في الليل، بالاستيقاظ في الليل بشكل كبير حتى يتمكنوا من النوم بشكل منتظم، ما يطرح التساؤل عن السبب، وما علامات وأعراض الإصابة به؟ وما طرق علاجه؟
ما هي متلازمة الجوع الليلي؟
عادة ما تساءلنا عن سبب الجوع خلال الليل، والذي يتسبب في بعض الأحيان في عدم القدرة على مواصلة النوم، في حال كانت هذه العادة نادرة فقد تكون عادية، إلا أن تكرارها بشكل مستمر دلالة على إمكانية الإصابة بمتلازمة الجوع الليلي.
تعتبر متلازمة الجوع الليلي والأكل أثناء الليل نوعاً من اضطرابات الشعور بالجوع والحاجة المتكررة إلى تناول الطعام. يعاني الأفراد المصابون بها بانتظام خلال ساعات الليل، وتُعرف أيضاً باسم "جوع منتصف الليل".
وفقاً للتقديرات، يبلغ معدل الإصابة بهذا الاضطراب نحو 2% من إجمالي السكان في بعض الدول، مثل ألمانيا. رغم مرور خمسين عاماً على وصف متلازمة الأكل "الجوع الليلي" وتعريف اضطراب الأكل أثناء الليل، يظل الجدل قائماً بشأن ما إذا كان هذا الاضطراب مرضاً أم عادة سيئة.
إذ لم يصدر حتى الآن أي تعريف علمي حاسم. تقدم مواقع مثل تراوم غيفيشت وإكسبيرتو الألماني وموسوعات طبية تفاصيل حول هذا الاضطراب.
على الرغم من عدم إجراء بحث دقيق حتى الآن في أسباب اضطراب الجوع الليلي، هناك بعض الأبحاث التي تحاول فهم أسبابه. قد يكون السبب وراثياً أو مرتبطاً بتفاعلات الهرمونات في الجسم. تشمل هذه التفاعلات انخفاض هرمون الميلاتونين وقلة هرمون اللبتين، وزيادة هرمون الغريلين، ما يرتبط بالجوع "الشره الليلي" بالاضطرابات في نوم الفرد والسلوك الاكتئابي.
تُصنف متلازمة الأكل "الجوع الليلي" والأكل أثناء الليل ضمن اضطرابات النهم والشره ونوبات الشعور بالجوع. يؤدي هذا الاضطراب إلى زيادة الوزن نتيجة لاستهلاك سعرات حرارية زائدة، ويختلف عن مرض الشره العصبي؛ حيث لا يتم التقيؤ بل يتم هضم الطعام.
أسباب الإصابة بالمتلازمة
حسب المصدر نفسه، فإن متلازمة الأكل الليلي تندرج ضمن اضطرابات الأكل، حيث يتم تعريفها بتناول كميات كبيرة من الطعام ليلاً، تمثل ما لا يقل عن 25% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية. وفي كثير من الحالات، يقوم الأفراد المصابون بالاستيقاظ من النوم لتناول الطعام، ويكون ذلك بتكرار لا يقل عن مرتين في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر.
تشير العديد من الدراسات إلى أن متلازمة الأكل الليلي لها جوانب نفسية، حيث يرتبط غالباً بعوامل مثل التوتر النفسي واضطرابات القلق والاكتئاب. يجد الشخص المصاب بهذه المتلازمة راحة نفسية في تناول الطعام ليلاً، لكن في الوقت نفسه يعاني من مشاعر الندم والذنب بسبب هذا السلوك.
من الناحية الطبية، فإن المصابين بمتلازمة الأكل الليلي غالباً ما يعانون من اختلال في إيقاع النوم والاستيقاظ، ويعانون أيضاً من اختلال في هرمون النوم "الميلاتونين" وهرمون الشبع "اللبتين". كما أن المصابين بمتلازمة الأكل الليلي يكونون عرضة للسمنة، ما يرفع خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، مع كل المخاطر المرتبطة بها، مثل الأزمات القلبية والسكتات الدماغية.
أعراض متلازمة الجوع الليلي
لا يعتبر كل نوع من أنواع تناول الطعام في الليل ضمن اضطراب الجوع "الشره الليلي"، ولكن هناك علامات تشير إلى وجود هذا الاضطراب، وتشمل:
- اضطرابات في النوم: يستيقظ المصابون بضربات الجوع "الشره الليلي" في الليل ويجدون صعوبة في العودة إلى النوم إلا بعد تناول وجبة إضافية.
- نوبات الجوع "الشره الليلي": شعور غير عادي بالجوع يفوق الطبيعي.
- فقدان السيطرة: فقدان القدرة على التحكم في سلوك تناول الطعام خلال فترات الجوع، ما يؤدي إلى تناول الطعام بدون وعي.
- الانتظام: حدوث نوبات الجوع الليلي بشكل متكرر في الليل.
تظهر عدة أعراض مرتبطة بهذا الاضطراب، منها:
عدم تناول وجبة الفطور في الوقت المحدد صباحاً، بل يتناول الطعام الأول بعد ساعات من الاستيقاظ، بالإضافة إلى تناول أكثر من 25% من سعرات الطاقة في وقت متأخر من المساء أو ليلاً بعد الساعة التاسعة مساءً.
يصاحب الشعور بالجوع الناجم عن متلازمة الجوع الليلي الشعور بالاكتئاب والخوف في كثير من الحالات مع زيادة ملحوظة في الوزن، بالإضافة إلى اضطرابات في النوم، مثل عدم القدرة على النوم، والاستيقاظ المستمر، والسير أثناء النوم بدون وعي.
طرق علاج متلازمة الجوع
من بين طرق علاج متلازمة الجوع الليلي نجد العلاج النفسي وتحسين نمط العيش بالإضافة إلى العلاج بالضوء.
- العلاج النفسي، وذلك عبر العلاج السلوكي المعرفي: يساعد المريض على التعرف على الأسباب التي تجعله يتناول الطعام بكثرة ليلاً ويعمل على تغيير سلوكه لمواجهة هذا الاضطراب.
- العلاج بالضوء، ويشمل جلوس الفرد بالقرب من مصدر ضوء خاص كل صباح لمدة 30 دقيقة على الأقل. يؤثر هذا العلاج على إيقاع النوم والاستيقاظ، ويمكن أن يكون له تأثير إيجابي على المزاج.
- تنظيم نمط الأكل: عبر تناول ثلاث وجبات رئيسية في اليوم: الفطور، الغداء، والعشاء بكميات مناسبة، بالإضافة إلى تجنب تناول المأكولات الغنية بالكربوهيدرات النشوية في المساء، والتفضيل للحبوب الكاملة والبروتينات.
وكذلك جعل طعام العشاء غنياً بالبروتينات لتعزيز الشبع، مع استبعاد المأكولات الحلوة والنشوية من البيت أو إخفائها أثناء الليل.
- تحديد نمط الأكل، وذلك عبر عدم تناول وجبة الفطور في وقتها المحدد صباحاً، بل تأخير تناول الوجبة الأولى بعد ساعات من الاستيقاظ، مع تناول أكثر من 25% من سعرات الطاقة في وقت متأخر من المساء أو ليلاً بعد الساعة التاسعة مساءً.
- تحسين نوعية الطعام: تضمين نصف العشاء من الخضار والسلطات للتحكم في السعرات الحرارية وتعزيز الشبع.
- مراقبة العواطف: التعامل مع مشاعر الاكتئاب والخوف التي قد تصاحب متلازمة الجوع الليلي.
تحظى هذه الاستراتيجيات بنجاح في تحسين أعراض متلازمة الجوع الليلي، ومع ذلك، يجب أن يتم تنفيذها بشكل منتظم وبالتعاون مع محترفي الرعاية الصحية لضمان فاعليتها وتحسين الحالة الصحية بشكل عام.