قال موقع Ynet الإسرائيلي، في تقرير نشره يوم الجمعة 22 ديسمبر/كانون الأول 2023، إنه وعلى الرغم من التقارير المختلفة التي تتحدث عن هدنة قريبة بقطاع غزة، يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي في الواقع لأشهر عديدة أخرى من القتال بالقطاع. ويعتقد قادة جيش الاحتلال أن التفكيك الكامل للجناح العسكري لحركة حماس هو السبيل الوحيد لإعادة الأمن إلى سكان النقب الغربي، ولردعِ حزب الله وإفهامه ما سيتعرض له من قدرات إسرائيل.
كان إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قد زار مصر الاربعاء، للمرة الأولى منذ ما يزيد على شهر، في تدخل شخصي نادر في الجهود الدبلوماسية الجارية لتهدئة الصراع مع إسرائيل.
ويرى جيش الاحتلال كذلك، أن الضغط هو السبيل الوحيد لإجبار حماس على استئناف المفاوضات من أجل عودة المحتجزين الإسرائيليين في غزة. وذلك على الرغم من أن حادث قتل الجيش الإسرائيلي ثلاثةً من المحتجزين في غزة كان له تأثير خطير على المزاج العام المؤيد للحرب، إلا أنه من الواضح أن النقاشات المتعلقة بالحرب باتت تأخذ في الاعتبار الخطر المباشر على حياة الذين ما زالوا في الأسر.
القضاء على حماس لم يعد مطروحاً!
لم يعد الجيش الإسرائيلي يتوهم أنه يستطيع استبدال حماس في هذه المرحلة، بل صار لديه شكوك في إمكان هذا الأمر بعد ذلك. وقد بدأ الحديث عن "استسلام حماس" بدلاً من القضاء عليها، وسوف تتغير طبيعة العمليات الجارية تبعاً لما يحققه جيش الاحتلال من تقدم.
أما التحدي الأبرز لجيش الاحتلال الآن، فهو هدم مدينة الأنفاق المبنية تحت الأرض في غزة، ويزعم الجيش أن الأمر لا يقتصر على الأنفاق الدفاعية والآلاف من فتحاتها، بل إن هناك مجمعات كاملة، مثل تلك التي يقول جيش الاحتلال إنه اكتشفها بالقرب من معبر إيريز وفي وسط غزة.
وقال ضابط مطلع: "كنا نعلم بوجود شبكة من الأنفاق في غزة، ولكن ما وجدناه كان أكبر من تصوراتنا. ففتحات الأنفاق مفخخة، والأبواب محمية، والأنفاق عميقة ومتصلة. وتحييد هذه الشبكة يحتاج إلى وقت طويل وموارد كبيرة".
وزعم ضابط آخر أن إسرائيل "تحتاج إلى جميع الألغام في العالم لهدم الأنفاق بغزة". وقال أحد كبار الضباط المقاتلين في غزة، إن تدمير قدرات حماس "يقتضي عاماً من القتال بتشكيلات مختلفة، وإلا فستعود حماس على الفور، وتُنجز أعمال إعادة الإعمار".
قيادات حماس تزور مصر
في سياق متصل زار إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مصر يوم الأربعاء الماضي، للمرة الأولى منذ ما يزيد على شهر، في تدخل شخصي نادر في الجهود الدبلوماسية الجارية لتهدئة الصراع مع إسرائيل. يأتي ذلك وسط ما وصفه مصدر بمحادثات مكثفة بشأن هدنة جديدة تسمح بوصول المساعدات إلى غزة وإطلاق سراح الرهائن.
وعادةً لا يتدخل هنية، الذي يقيم عادة بقطر، في الجهود الدبلوماسية علناً إلا عندما يكون من المرجح إحراز تقدم. وكانت آخر مرة سافر فيها إلى مصر في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني قبل إعلان اتفاق الهدنة الوحيد في الحرب حتى الآن والذي استمر أسبوعاً وتم خلاله إطلاق سراح 110 رهائن.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن زعيمها سيزور مصر أيضاً في الأيام المقبلة؛ لبحث نهاية محتملة للحرب.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات الجارية، إن مبعوثين يعملون على تحديد الرهائن المحتجزين لدى حماس والجهاد الإسلامي الذين يمكن تحريرهم بموجب اتفاق هدنة جديد، وكذلك السجناء الذين قد تطلق إسرائيل سراحهم في المقابل.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن إسرائيل تصر على إطلاق سراح جميع النساء والرجال المسنين المتبقين بين الرهائن. وربما تتضمن قائمة السجناء الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم مدانين بجرائم خطيرة.
أمريكا تمارس الضغوط لإنجاز هدنة
والأربعاء الماضي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه لا يتوقع التوصل إلى اتفاق ثانٍ لإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحماس قريباً، لكنه أضاف في تصريحات للصحفيين: "نمارس الضغوط".
وقال دبلوماسيون إن تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على محاولة لزيادة المساعدات لقطاع غزة تأجل مرة أخرى بناءً على طلب من الولايات المتحدة.
وسقط ما يقرب من 20 ألفاً قتلى في غزة، حسبما أعلنت وزارة الصحة بالقطاع. ويُعتقد أن آلافاً آخرين ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض. وتقول إسرائيل إن هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أدى إلى مقتل 1200 شخص.
حماس ترفض هدنة مؤقتة
في الوقت نفسه، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين المواقف المعلنة للجانبين بشأن أي وقف للقتال. وترفض حماس أي هدنة مؤقتة أخرى، وتقول إنها ستناقش فقط وقفاً دائماً لإطلاق النار. واستبعدت إسرائيل ذلك وقالت إنها لن توافق إلا على هدنة إنسانية محدودة حتى هزيمة حماس.
وقال مسؤول فلسطيني: "موقف حماس لا يزال قائماً وهو أنه ليست لديها رغبة في إقرار هدنة إنسانية. تريد حماس إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة بالكامل".
وأضاف: "هنية وحماس يقدران دوماً الجهود المصرية، وهو موجود في القاهرة اليوم؛ للاستماع إلى ما إذا كانت إسرائيل قدمت اقتراحات جديدة أو ما إذا كان لدى القاهرة بعض المقترحات أيضاً. ومن المبكر الحديث عن التوقعات".
وكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، موقفه بأن الحرب لن تنتهي إلا بالقضاء على حماس، والإفراج عن جميع الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة أي تهديد آخر. وقال في بيان، الأربعاء: "من يظن أننا سنتوقف فهو منفصل عن الواقع… كل إرهابيي حماس من الأول إلى الأخير رجالٌ أحياء محكوم عليهم بالموت".
وتواجه إسرائيل ضغوطاً متزايدة من حلفائها الدوليين لتهدئة حملتها على غزة والتي أدت إلى تدمير جزء كبير من القطاع الساحلي.
دعوات لتقليص نطاق الحرب
في حين دعت واشنطن، وهي الحليف الأقرب لإسرائيل، علناً خلال الأسبوع الماضي، إلى تقليص نطاق حرب إسرائيل الشاملة وتحويلها إلى ضربات أكثر دقة وتحديداً تستهدف قادة حماس، وإلى إنهاء ما وصفه بايدن بأنه "قصف عشوائي".
وفي امتداد خطير للحرب، أطلقت قوات الحوثي اليمنية صواريخ وطائرات مسيرة على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ لتأكيد دعمها للفلسطينيين ضد إسرائيل. وشكلت الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، قوة متعددة الجنسيات لدرء الهجمات.
وحذر زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، الأربعاء الماضي، من أن مقاتلي جماعته سيضربون السفن الحربية الأمريكية إذا استهدفتهم واشنطن.
وشاهدت رويترز في غزة مصابين جراء القصف الإسرائيلي، ومن بينهم طفلان صغيران على الأقل مغطيان بالدماء والتراب في أثناء نقلهما إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب غزة. وفي مشرحة المستشفى، اتشحت نساء بالسواد وانتحبن أمام جثث في أكياس سوداء وأكفان بيضاء.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة الغربية، إن 20 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية على منزلين بخان يونس.
ومنذ انهيار الهدنة في الأول من ديسمبر/كانون الأول، دخلت الحرب مرحلة أكثر كثافة، إذ كان القتال البري في السابق يقتصر على النصف الشمالي من قطاع غزة، لكنه يمتد الآن على طول القطاع، وذلك بعد أن قالت القوات الإسرائيلية إنها حققت معظم أهدافها العسكرية فيه خلال الشهر الماضي.
وشوهدت كرات برتقالية ضخمة من اللهب وأعمدة من الدخان الأسود في السماء، وأمكن رؤيتها عبر السياج في إسرائيل بينما كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تقصف هذه المنطقة فجراً.