يعمل مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية "سراً" على إفشال اجتماع لمناقشة انتهاكات اتفاقيات جنيف في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وفقاً لما نشره موقع HuffPost الأمريكي الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول 2023.
يأتي هذا الكشف جنباً إلى جنب مع مساعي الولايات المتحدة المتزامنة لإبطاء المحاولة الدولية الأبرز لتخفيف المعاناة الذي يشهدها سكان القطاع: التي تتمثل في قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، سوف يؤدي إلى زيادة كبيرة في تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
تجسد اتفاقيات جنيف المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، الذي يحدد ماهية الأفعال التي تعد قانونية أو غير قانونية خلال أي حرب. وتعد كل دولة عضو في الأمم المتحدة طرفاً في بعض جوانبه، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل. ولذا فإن الإقرار رسمياً بأن إسرائيل انتهكت الاتفاقيات في هجومها المدعوم أمريكياً ضد حماس، يمكن أن يمثل إدانة دولية خطيرة ضد البلدين، ويثبت الادعاءات التي تسوقها جماعات حقوق الإنسان التي جمعت أدلة يصفونها بأنها دليلٌ على وقوع مثل هذه الانتهاكات.
وتعد سويسرا المحايدة تاريخياً الحارس المُستأمَن على هذه الاتفاقيات، مما يعني أنها تقرر متى تُعقد الاجتماعات التي تجمع الأطراف المتورطة لمناقشة الامتثال للقانون الإنساني الدولي.
ووفقاً لوثائق تخص وزارة الخارجية الأمريكية اطلع عليها موقع HuffPost، يجهز الدبلوماسيون الفلسطينيون ومجموعة كبيرة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك بعض الدول الأوروبية لإطلاق دعوة إلى سويسرا من أجل عقد مثل هذا المؤتمر، الذي سيركز على القتال الدائر بين إسرائيل وحركة حماس، والذي سوف يغطي انتهاكات اتفاقيات جنيف من جانب جميع الأطراف.
كما تدعم كل من منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ولجنة الحقوقيين الدولية، الدعوة لعقد مؤتمر عاجل، فيما تريد إدارة بايدن أن تضمن ألا يشهد العام 2024 عقد مثل هذه الفعاليات.
جهود واشنطن لإفشال المؤتمر
بحلول مطلع يناير/كانون الثاني، يخطط الدبلوماسيون الأمريكيون أن يضغطوا على نظرائهم السويسريين كي يرفضوا الطلب المقدم من الدبلوماسيين الفلسطينيين ومنظمات المراقبة.
الوثائق الداخلية التي اطلع عليها موقع HuffPost، توجه المسؤولين الأمريكيين بنقل "قلقهم البالغ" من الجهود الفلسطينية، وتقدم حججاً خطيرة ضد هذه الجهود.
بحسب هذه الوثائق، يتوجب على الدبلوماسيين الأمريكيين أن يقولوا إن الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة لم تمرر قراراً منذ بداية الحرب على غزة يدعو إلى عقد مثل هذا المؤتمر، وأن الاتفاقيات لا تتضمن توجيهات تتعلق بالإجراء المتمثل في الدعوة لعقد المؤتمر.
كذلك يتوجب على الممثلين الأمريكيين أن يقولوا إن عقد هذا المؤتمر قد يعني تسييس اتفاقيات جنيف؛ عن طريق خلق انطباع بأنها يُستشهد بها بشكل أساسي بغرض استهداف إسرائيل، وذلك حسبما تشير الوثائق. وتنصح المواد المسؤولين الأمريكيين بأن يقولوا إن الانطباع قد يضر بمصداقية كل من سويسرا والاتفاقيات نفسها.
من جانبه، قال مايكل سفارد، المحامي الحقوقي الدولي المرموق، إن التأثير الرئيسي لمثل هذا المؤتمر سيتمثل في أنه يقدم إشارة دولية رئيسية على جسامة الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأوضح: "المنتدى ليس محكمة: لا يمكنهم أن يحكموا بوقوع جرائم حرب، وإنه ليس منتدى يجري فحص الأدلة والتدقيق فيها. الأهمية الرئيسية لمثل هذا الانعقاد سوف تكون سياسية. إذ إن أي انعقاد يعد ذي أهمية انطلاقاً من أنه (حدثٌ) نادر".
وأشار سفارد إلى أن الحليفة الخارجية الرئيسية لإسرائيل، وهي الولايات المتحدة، قد تخضع للتدقيق أيضاً في مثل هذا المؤتمر.
وأضاف: "نظراً إلى أن أمريكا تدعم حملة إسرائيل، فإنها سوف تتأثر بأي شيء يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم أو يطالب بامتثال إسرائيل بشيء".
برغم الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل، تقول حكومات العالم الأخرى إن تعاطفها مع إسرائيل وسط صدمتها لا يعفي ما يرون أنه سلوك مقلق للغاية من جانب إسرائيل في قطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى الأربعاء، 20 ألف قتيل فلسطيني و52 ألفاً و600 جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.