ارتفع عدد قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة إلى ما يقرب من المثلين مقارنةً بالخسائر التي تكبدها في هجومه البري في عام 2014، وهو ما يعكس حجم توغله في القطاع، ومدى براعة المقاومة في استخدام أسلوب حرب العصابات، وترسانتها الكبيرة من الأسلحة.
حيث كشف خبراء عسكريون إسرائيليون وقائد إسرائيلي ومصدر من حماس كيف أن الحركة الفلسطينية تستخدم مخزونها من الأسلحة، وتستفيد من معرفتها بالتضاريس وشبكة الأنفاق الكبيرة لتحويل شوارع غزة إلى متاهة مميتة، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
رويترز قالت في تقرير نشرته نشرته الجمعة 15 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن حركة حماس تستخدم أسلحة مثل الطائرات المسيرة المزودة بالقنابل اليدوية وأسلحة مضادة للدبابات بعبوات متفجرة مزدوجة تنفجر على مرحلتين في تتابع سريع.
خسائر كبيرة لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي
منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، قُتل نحو 110 من الجنود الإسرائيليين عندما توغلت الدبابات وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي المشاة في المدن ومخيمات اللاجئين، بحسب أرقام إسرائيلية رسمية. وكان ربع هذا العدد تقريباً من أطقم الدبابات.
يقارن هذا العدد بنحو 66 جندياً لقوا حتفهم في صراع عام 2014، عندما شنت إسرائيل توغلاً برياً محدوداً دام ثلاثة أسابيع، لكن الهدف حينها لم يكن القضاء على حماس.
حيث قال يعقوب عميدرور، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد ومستشار سابق للأمن القومي، ويعمل حالياً في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي "لا يمكن مقارنة نطاق هذه الحرب بعام 2014، عندما كانت عمليات قواتنا لا تتجاوز في الغالب كيلومتراً واحداً داخل غزة".
أضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "لم يجد بعد حلاً جيداً للأنفاق"، وهي شبكة توسعت بصورة كبيرة في العقد الماضي.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس 14 ديسمبر/كانون الأول، إن إسرائيل ستشن حرباً "حتى النصر المبين". وقال مسؤولون إسرائيليون إن الأمر قد يستغرق أشهراً قبل الانتهاء من العدوان المتواصل على قطاع غزة.
بينما قال أوفير فولك، مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية، لرويترز "لقد كان تحدياً منذ اليوم الأول"، مضيفاً أن الهجوم كان له "ثمن باهظ" في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي. ومضى قائلاً "نعلم أنه سيتعين علينا على الأرجح دفع ثمن إضافي لإكمال المهمة".
قتال عنيف توثقه المقاومة الفلسطينية
نشرت حركة حماس مقاطع مصورة على قناتها على تطبيق تليغرام هذا الشهر، تظهر فيها مقاتلين يحملون كاميرات ويتحركون وسط المباني لإطلاق صواريخ محمولة على الكتف على مركبات مدرعة.
إذ نُشر أحد هذه المقاطع في السابع من ديسمبر/كانون الأول، من حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وهي منطقة ذكر الجانبان أنها شهدت قتالاً عنيفاً.
في منشور آخر بتاريخ الخامس من ديسمبر/كانون الأول، تظهر كاميرا تخرج من نفق فيما يشبه المنظار، لمسح معسكر إسرائيلي تستريح فيه القوات. وجاء في المنشور أن هذا الموقع تعرض لاحقاً لتفجير من تحت الأرض.
فيما قال مصدر من حماس تحدث لرويترز من داخل غزة، لكنه رفض الكشف عن هويته، إن المقاتلين يقتربون قدر الإمكان لنصب كمائن "مستفيدين من خبرتهم بالميدان والأرض التي يعرفونها كما لا يعرفها أحد غيرهم".
أضاف "هناك فجوة بين ما نملكه من وسائل قوة وبين ترسانتهم، نحن لا نضحك على أنفسنا". ولم تذكر حركة حماس عدد القتلى في صفوف مقاتليها. وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قتل 7 آلاف مقاتل على الأقل. ورفضت الحركة في السابق الرقم الذي أعلنته إسرائيل قائلة إنه يضم مدنيين.
قال قائد إسرائيلي قاتل في عام 2014 إن اتساع نطاق هذه العملية يشير إلى وجود المزيد من القوات على الأرض، ما يمنح حماس "مزايا الطرف المدافع"، لذلك كان من المتوقع وقوع خسائر أكبر في صفوف قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي. وطلب القائد عدم ذكر اسمه، لأنه لا يزال ضمن قوات الاحتياط في هذه الحرب.
لا يعلن الجيش الإسرائيلي عن أعداد القوات المشاركة أو أي تفاصيل أخرى خاصة بالعمليات. وأظهرت لقطات بثتها القناة 12 الإسرائيلية وحدة احتياط تابعة للجيش وهي تطلق النار بحذر على جدار أحد المباني لتدخل غرفة لتكتشف مخبأً للذخيرة.
في تقليد لأساليبه التي استخدمها في عام 2014، ينشر جيش الاحتلال الإسرائيلي صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر طرقاً صنعتها الجرافات حتى تتمكن القوات من تجنب الطرق الحالية التي قد تكون بها ألغام أرضية.
فيما لا يزال القتال العنيف مستمراً في بعض المناطق في شمال غزة، حيث تحولت العديد من المباني إلى أنقاض.
زيادة قوات جيش الاحتلال
قال إيال بينكو، وهو مسؤول كبير سابق في أجهزة الأمن الإسرائيلية، ويعمل حالياً في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار إيلان "اتخذت حماس بعض الخطوات الكبيرة لبناء قوتها منذ عام 2014".
أضاف أن إيران، حليفة حماس، ساعدت في تهريب بعض الأسلحة المتطورة، مثل صواريخ كورنيت الروسية الصنع المضادة للدبابات، إلى الحركة.
لكنه أشار إلى أن حماس أتقنت صنع أسلحة أخرى في غزة، مثل القذائف الصاروخية من طراز آر.بي.جي-7، وأن المسلحين أصبح لديهم الآن احتياطي أكبر من الذخائر.
فيما قالت الحركة في منشورات لها إن أسلحتها تتضمن قذائف مضادة للدبابات تحتوي على حشوتين متفجرتين لاختراق الدروع، والتي قال بينكو أيضاً إنها موجودة في ترسانة المقاتلين.
كثيراً ما تظهر مقاطع مصورة تنشرها حماس وقوع انفجارات كبيرة عند ضرب المدرعات. وقال خبراء عسكريون إسرائيليون إن الانفجار لا يعني تدمير المركبة لأنه يمكن أن يكون ناجماً عن أنظمة دفاعية انفجرت لوقف القذائف القادمة.
بينما قال أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية والذي عمل سابقاً في غزة وهو متخصص في الشؤون الفلسطينية، إن المسلحين يقتربون قدر الإمكان لإطلاق الصواريخ والمقذوفات محلية الصنع.
لكنه أضاف أن الطائرات المسيرة الإسرائيلية وغيرها من الوسائل تضعف قدرة الحركة على مباغتة القوات حتى في المناطق الحضرية. وأشار إلى أن القتال في المدن أصبح أكثر صعوبة بالنسبة للمقاتلين.
حيث نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقطعاً مصوراً هذا الشهر قال إنه يظهر مسلحين يخرجون من نفق أسفل مبنى تعرض للقصف قبل استهدافهم بصواريخ.
كما قال ألكسندر جرينبيرج، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، ويعمل في معهد القدس للاستراتيجية والأمن "قد تنشر حماس أسلحتها وأساليبها الجديدة، (لكن) في الأساس تظل حركة مقاومة بأسلوب العصابات".