بأغلبية ساحقة صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مشددةً على الحاجة الملحة لتحقيق تسوية إنسانية. يأتي هذا القرار في ظل فشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ إجراءات مماثلة، ما يضع ضغطاً إضافياً على إسرائيل والولايات المتحدة.
وبدأت الأحداث بتصويت 153 دولة في الجمعية العامة، تأييداً للقرار، بينما عارضته 10 دول، منها الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتنعت 23 دولة عن التصويت. يُذكر أن الولايات المتحدة لا تمتلك حق النقض في الجمعية العامة.
رغم أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة قانونياً، فإنها تحمل ثقلاً سياسياً كبيراً، حيث تعبّر عن رأي دولي بشأن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. يأتي هذا القرار رداً على استغاثة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التي أعرب فيها عن خشيته من انهيار النظام العام في المنطقة.
يهدف القرار إلى تحقيق وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين، مع التأكيد على أهمية توفير المساعدات الإنسانية والإفراج الفوري عن الرهائن. وعلى الرغم من أن مشروع القرار لا يدين حركة حماس، فإن هذا النقص يثير اعتراض إسرائيل والولايات المتحدة.
رحّبت حركة حماس بالقرار، داعية المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على إسرائيل للالتزام بتنفيذه. تأتي هذه التطورات في سياق التصعيد الحالي وسط دعوات لإيجاد حل دائم للأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
لتبدأ التساؤلات حول ما هي الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما مهامها؟
ما هي الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
تعتبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (UNGA) واحدة من الأجهزة الرئيسية الست للمنظمة، حيث تشكل الهيئة الوحيدة التي يحظى فيها جميع الدول الأعضاء بتمثيل متساوٍ. تلعب هذه الجمعية دوراً حيوياً في صياغة السياسات واتخاذ القرارات داخل الأمم المتحدة.
تنعقد الجمعية العامة سنوياً في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث تستمر الجلسة الرئيسية من سبتمبر إلى ديسمبر، مع استئناف جزء منها في يناير لمعالجة القضايا العالقة، ويمكن أيضاً عقد جلسات استثنائية في حالات الطوارئ.
تحدد ميثاق الأمم المتحدة، في الفصل الرابع، تكوين الجمعية العامة ووظائفها وصلاحياتها وإجراءاتها. بدأت أولى جلساتها في يناير 1946 في لندن بعد قرابة السنة من تأسيسها، وشارك فيها ممثلون عن 51 دولة.
يتطلب التصويت في الجمعية العامة، فيما يتعلق بالقضايا المهمة، مثل التوصيات المتعلقة بالسلام والأمان والمسائل الميزانية، أغلبية ثلثي الحاضرين والمصوتين. ويمكن اتخاذ قرارات أخرى بأغلبية بسيطة، حيث يحق لكل دولة عضو الإدلاء بصوت واحد.
وعلى الرغم من عدم الالتزام بقرارات الجمعية، باستثناء المسائل الميزانية، فإنها تحمل أهمية كبيرة للأعضاء. وتستطيع الجمعية العامة، بفضل نظام الصوت الواحد لكل دولة، أن تتخذ إجراء في حال عدم اتخاذ مجلس الأمن لقرار بسبب التصويت السلبي لعضو دائم، في حالة تهديد للسلام أو خرق للسلام أو عمل عدواني.
في الثمانينيات، تحوّلت الجمعية العامة إلى منبر للحوار بين الدول الصناعية والبلدان النامية، ما أدى إلى تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالتنمية. ويُلاحظ أنه نتيجة للتغيير الكبير في هيكل الأمم المتحدة، حيث كانت تضم 51 عضواً في عام 1945 وتضم الآن 193 دولة، أكثر من ثلثيها من البلدان النامية، يمكن لهذه البلدان التأثير في جدول أعمال الجمعية ومضمون مناقشاتها وطبيعة قراراتها.
على الرغم من عدم قوة القرارات التي تصدر عن الجمعية العامة على الدول الأعضاء، باستثناء القرارات الميزانية، يمكن للجمعية أن تتخذ إجراءً في حال فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بسبب التصويت السلبي لعضو دائم، في حالة تهديد للسلام أو خرق للسلام أو عمل عدواني.
يمكن للجمعية العامة أن تنظر في المسألة بشكل فوري لتقديم توصيات إلى الأعضاء بشأن التدابير الجماعية للحفاظ على السلام والأمان الدوليين أو استعادتهما.
تتمتع كل من الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة بحق التصويت المتساوي، إذ تتخذ الجمعية العامة قرارات رئيسية أيضاً لصالح الأمم المتحدة، بما في ذلك:
- تعيين الأمين العام بناءً على توصيات مجلس الأمن.
- انتخاب أعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن.
- الموافقة على ميزانية الأمم المتحدة.
كما تتغير ترتيبات الجلوس في قاعة الجمعية العامة لكل دورة. خلال الدورة الـ78 "2023 و2024″، ستحتل شمال مقدونيا المقعد الأول في القاعة، بما في ذلك في اللجان الرئيسية تليها جميع الدول الأخرى، بترتيب أبجدي إنجليزي.
ما هي مهام الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
تقدم الجمعية توصيات للدول بشأن القضايا الدولية ضمن اختصاصها. كما اتخذت إجراءات عبر جميع محاور الأمم المتحدة، بما في ذلك القضايا السياسية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية والقانونية.
في سبتمبر/أيلول 2015، وافقت الجمعية على مجموعة من 17 هدفاً للتنمية المستدامة، والتي تمثلت في وثيقة نتائج قمة الأمم المتحدة لاعتماد خطة التنمية ما بعد عام 2015 "القرار 70/1 تحت عنوان "تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030".
وفي سنة 2022، عقدت الجمعية سلسلة من الاجتماعات لمناقشة التوصيات المقدمة من قبل الأمين العام في تقريره تحت عنوان "أجندتنا المشتركة"، وهي أجندة للعمل تهدف إلى تعزيز وتسريع الاتفاقات متعددة الأطراف – خاصة خطة عام 2030 – وجعل فارق واضح في حياة الناس.
وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، يمكن للجمعية العامة:
- النظر في والموافقة على ميزانية الأمم المتحدة وتحديد التقديرات المالية للدول الأعضاء.
- انتخاب أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن وأعضاء في مجالس وهيئات الأمم المتحدة الأخرى، وتعيين الأمين العام وفقاً لتوصية مجلس الأمن.
- مناقشة وتقديم توصيات بشأن المبادئ العامة للتعاون للحفاظ على السلام والأمان الدوليين، بما في ذلك نزع السلاح.
- مناقشة أي مسألة تتعلق بالسلام والأمان الدوليين، وتقديم توصيات بشأنها ما لم يتم بالفعل مناقشتها أو التفاوض عليها في مجلس الأمن.
- مناقشة وتقديم توصيات بشأن أي قضية داخل نطاق الميثاق أو تؤثر في سلطات ووظائف أي هيئة من هيئات الأمم المتحدة.
- بدء الدراسات وتقديم توصيات لتعزيز التعاون السياسي الدولي، وتطوير وترميز القانون الدولي، وتحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتعاون الدولي في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والإنساني والثقافي والتعليمي والصحي.
- تقديم توصيات لتسوية سلمية لأي حالة قد تؤثر في العلاقات الودية بين الدول.
- النظر في تقارير من مجلس الأمن وغيره من هيئات الأمم المتحدة.
كما يمكن للجمعية اتخاذ إجراء في حالات تهديد السلام أو انتهاكه أو فعل عدواني، عندما يفشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراء بسبب التصويت السلبي من قِبل أحد أعضائه الدائمين. في مثل هذه الحالات، وفقاً لقرارها "توحيد للسلام" المؤرخ في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1950، يمكن للجمعية النظر في المسألة فوراً وتوصية أعضائها باتخاذ تدابير جماعية للحفاظ على السلام واستعادة الأمن الدولي.
كما تشمل صلاحياتها مراقبة ميزانية المنظمة الدولية، وتعيين أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن، واستقبال تقارير من مختلف أجهزة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تقديم توصيات من خلال قرارات الجمعية العامة. يُذكر أن قراراتها ليست ملزمة، ولكنها تحمل أهمية رمزية تعتمد على عدد الدول التي تصوت لصالحها.