خلال حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة، والمستمرة منذ السابع أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، لم تسلم أي منطقة في القطاع من القصف الهمجي لجيش الاحتلال، ومن بين المناطق التي تعرضت إلى غارات وقصفٍ عنيف من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي، مخيم يبنا في منطقة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي كانت آخرها المجزرة التي ارتكبها الاحتلال يوم 3 ديسمبر/كانون الأوّل الجاري، والذي استهدف منزل عائلة الهمص، إحدى العائلات المؤسسة لمخيم يبنا، والتي راح ضحيتها نحو 11 شهيداً، إضافة إلى عشرات الإصابات.
ويعد مخيم يبنا واحداً من بين مخيمات اللاجئين في منطقة رفح، ويعود تاريخه إلى ما بعد النكبة، حيث نزح آلاف الفلسطينيين من مدنهم وقراهم إلى قطاع غزة، هرباً من التطهير العرقي الذي ارتكبته العصابات الصهيونية حينها، فما قصة هذا المخيم؟
سمّي على اسم قرية فلسطينية بالداخل
على الحدود الفلسطينية المصرية، يطل مخيم يبنا للاجئين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة، بصفته شاهداً على المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين طيلة 75 سنة، فهذا المخيم الذي تبلغ مساحته 900 دونم فقط يستقبل وفق أحدث الإحصائيات ما يقارب 75 ألفاً و700 فلسطيني.
هذا المخيم الذي شيّد بعد نكبة عام 1948 لا يزال يحتفظ باسم البلدة التي هاجر منها سكانه وهي بلدة يبنا في قضاء الرملة.
وتعتبر قرية يبنا إحدى أكبر القرى العربية في قضاء مدينة الرملة، وذكرت في الكثير من الكتب والمراسلات القديمة، كونها تقع على خط السكة الحديد القادم من غزة، والمتجه إلى محطة القطار المركزيّة في مدينة اللد، وتبعد محطتها مسافة 56 كلم عن محطة غزة.
وينتمي أغلب سكان مخيم يبنا إلى عائلات هُجرت بفعل المجازر الصهيونية من قرية يبنا، الواقعة بقضاء الرملة، عام 1948، في فترة النكبة التي سيطرت خلالها عصابات يهودية على غالبية مساحة فلسطين التاريخية.
وقبيل هجرتهم القسرية، كان عدد سكان قرية يبنا في سنة 1945 نحو 6287 نسمة، إضافةً إلى 1500 بدوي أقاموا حولها، وقد حرصوا منذ بداية رحلة اللجوء على البقاء متقاربين أملاً في العودة إلى قريتهم الأصلية ذات يوم، إلا أنهم رحّلوا ولم يعودوا إلى قريتهم إلى اليوم.
وتجمّع سكان قرية يبنا في جنوب رفح، وأقاموا مخيماً لهم، وأطلقوا عليه اسم مخيم يبنا للاجئين، على اسم قريتهم الأصلية.
وتعتبر عائلة "الهمص" التي استهدفت إسرائيل إحدى عائلاتها في الحرب الحالية في المخيم من بين أبرز العائلات التي أسهمت في تأسيس "مخيم يبنا".
إذ أسهمت هذه العائلة في جمع أسر قرية يبنا في رفح، وذلك بعد أن توجه في البداية غالبية سكان قرية يبنا إلى المنطقة الواقعة بين بلدة جباليا ومدينة رفح، في محاولة للابتعاد عن هجمات العصابات الصهيونية.
إلى أن بادر نعيم الهمص، وهو مختار العائلة وأحد وجهاء القرية، إلى جمع أسر القرية ليقيموا في مكان واحد، وقام على إدارة شؤون السكان كما كان يفعل قبل النكبة.
يعدّ جزءاً من مخيم رفح للاجئين
عقب النكبة الفلسطينية عام 1948، لجأ إلى مدينة رفح نحو 41 ألف شخص، وعاشوا في الخيام إلى أن أنشأت وكالة "أونروا" مخيم رفح في عام 1949، وحسب معلوماتها، فإن المخيم يضم حالياً أكثر من 125 ألف لاجئ، وفق آخر إحصاء لعددهم أُجري في نهاية عام 2022 الماضي.
وفقاً لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة، فإنّ مخيم رفح للاجئين يختلف عن بقية مخيمات قطاع غزة، إذ إن المخيم يشغل مناطق متفرقة، وبات كل جزء منه معروفاً بين الناس باسم سكانه، أو باسم المناطق والبلدات التي نزحوا منها، مثل مخيم الشابورة، ومخيم الشعوت، ومخيم يبنا، ومخيم تل السلطان.
واختار سكان قرية يبنا أقصى الحدود الفلسطينية في قطاع غزة مع مصر من أجل إقامة مخيمهم، والذي يمتد على مساحة 900 دونم فقط، ويبلغ سكانه أكثر من 75 ألف شخص، وهو يعد من أكبر مخيمات رفح.
وعلاوة على عائلة الهمص، هناك عدة عائلات شهيرة تنتمي إلى مخيم يبنا للاجئين في رفح، أبرزها عائلة الجزار وعوض الله وأبو لبدة والزطمة وأبو زبيدة، ومن أشهر مساجدها مسجد الهدى الذي يقع وسطها، حيث إنه أُسس سنة 1952، أي بعد 4 سنوات من تأسيس المخيم.
كما يعرف من وجهاء المخيم كل من المختار الشيخ عبد الله عوض الله، والحكيم محمود حسين أبو زبيدة.