تتزايد الدعوات من نواب في الكونغرس الأمريكي لتقييد المساعدات المقدمة لإسرائيل ببعض الشروط، ويطالب كثير منهم بالوقف الكامل للتمويل العسكري لأوكرانيا. وفي غضون ذلك، أصدر مكتب "المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)" تقريراً يتناول بالتفصيل بعض المشكلات الإجرائية، ووقائع الإهدار المالي التي تخللت عمليات البنتاغون خلال الشهور الماضية، وذلك وفق ما قاله موقع The Intercept الأمريكي في تقرير نشره يوم الجمعة 8 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وقائع الإهدار جاءت في التقرير الذي يقدمه المكتب إلى الكونغرس كل 6 أشهر، فقد كشفت الهيئة الرقابية التابعة لـ"البنتاغون" عن انهيار في إجراءات توفير الرعاية للناجيات من الاعتداءات الجنسية؛ وأعطال في المدفعية المرسلة لأوكرانيا؛ واستمرار الإهدار المالي في إدارة البرنامج الأعلى تكلفة بوزارة الدفاع، أي برنامج المقاتلة الأمريكية "إف 35".
إهدار أموال دافعي الضرائب في أمريكا
تشير النتائج التي توصل إليها مكتب المفتش العام إلى توسع مطرد في برامج المجمع الصناعي العسكري الأمريكي؛ وعلى الرغم من أن هذا المجمع يقدم مليارات الدولارات من المساعدات لجيوش أجنبية، فقد أخفق في حل مشكلات قائمة منذ مدة طويلة كانت سبباً في إهدار هائل لأموال دافعي الضرائب الأمريكيين.
قال إريك سبيرلنغ، المدير التنفيذي لمجموعة الحشد التقدمية Just Foreign Policy المعنية بمراقبة السياسات الخارجية للولايات المتحدة، لموقع The Intercept الاستقصائي الأمريكي: "على الرغم من أننا نسمع باستمرار من مسؤولي وزارة الدفاع، والسياسيين المدعومين من كبرى شركات الأسلحة، أن زيادة الميزانية العسكرية أمر ضروري لأمننا القومي، فإن مكتب المفتش العام لا ينفك يكشف أن الأمر خلاف ذلك".
إخفاق أمريكي في الرقابة على تسليح أوكرانيا
استند سبيرلنغ إلى تقرير المفتش العام في القول إن الولايات المتحدة "أخفقت في فرض الرقابة الكافية على الأسلحة التي أنفقت مليارات الدولارات لإرسالها إلى أوكرانيا؛ وقصرت في مراقبة برنامج المقاتلات الفاشلة [إف 35] التي نمول إنتاجها ونرسلها إلى إسرائيل، ومن ثم فإنّ تزايد إنفاقنا الدفاعي يأتي بإهدار هائل لأموال دافعي الضرائب الأمريكيين، ويتسبب في خسائر كبيرة بين المدنيين الأبرياء الذين تُستخدم أسلحتنا في مواجهتهم".
طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن، من الكونغرس في أكتوبر/تشرين الأول، الموافقة على 75 مليار دولار من المساعدات الأمنية لإسرائيل، وأوكرانيا. ويأتي ذلك بعد أن تعهدت الولايات المتحدة بالفعل بتقديم 44 مليار دولار من المساعدات الأمنية لأوكرانيا منذ الغزو الروسي، علاوة على عشرات مليارات الدولارات من المساعدات الأمنية المقدمة لإسرائيل على مدى السنوات الخمس الماضية. ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل استكملت خلال الصيف صفقة لشراء 25 طائرة جديدة من طراز "إف 35" بتمويلٍ قيمته 3 مليارات دولار من المساعدات الدفاعية من الولايات المتحدة.
عجزت وزارة الدفاع الأمريكية، في وقت سابق، عن تلبية الشروط اللازمة لإتمام المراجعة السادسة (على التوالي) لميزانيتها، وهو ما يؤكد ضعف الرقابة على الأموال التي يرسلها الكونغرس للقوات المسلحة كل عام. وتعثرت وزارة الدفاع الأمريكية كذلك في مراقبة الأموال التي ترسلها إلى حلفاء الولايات المتحدة، ففي يونيو/حزيران، كشف الجيش الأمريكي أن خطأً محاسبياً أدى إلى تضخيم تكلفة المساعدات الدفاعية الأوكرانية بمقدار 6.2 مليار دولار.
تقتضي اللوائح المنظمة لعملِ مكتب المفتش العام للبنتاغون إرسال تقارير سنوية إلى الكونغرس تتضمن خلاصة تحقيقات المكتب ونتائج التقارير التي أعدَّها. ويغطي أحدث تقرير لوزارة الدفاع المدة من أبريل/نيسان إلى سبتمبر/أيلول 2023، وقد نُشر جزء منه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
واحتوى التقرير على أكثر من عشر توصيات وملاحظات تتعلق ببرامج دعم الحرب في أوكرانيا، وكثير من هذه الملاحظات لا تزال سرية. لكن المفتش العام أشار في الملاحظات التي كُشف عنها، إلى أن مدافع هاوتزر ثقيلة وعشرات من سيارات الهامر المتجهة إلى أوكرانيا قد تبيَّن أنها تحتاج إلى إصلاحات كبيرة، ولم تكتمل صيانتها بالقدر اللازم. وأشار التقرير إلى أن بعض المتعاقدين مع الحكومة لم يوفروا الصيانة اللازمة لمعدات عسكرية مهمة.
عدم الالتزام ببروتوكول حماية الموظفين
علاوة على ذلك، ذكر المفتش العام في تقريره، أن وزارة الدفاع الأمريكية لم تتحرَّ الالتزام الكامل ببروتوكولات حماية موظفيها، وأن مرافق العلاج الطبي التابعة لـ"البنتاغون" تقاعست عن تسجيل وتنفيذ برامج الرعاية المقدمة للناجين من الاعتداء الجنسي أكثر من مرة.
وأشار التقرير إلى أن هذه الثغرات في توثيق حوادث الاعتداء بوزارة الدفاع تحرم ضحايا الاعتداء الجنسي من الحصول على رعاية الطوارئ، وتؤخر فحوصات الطب الشرعي اللازمة لتوثيق الاعتداء عليهم؛ فضلاً عن تعطيل وصولهم إلى المحامين.