خلال سنة 2023، قام الاحتلال الإسرائيلي بالعديد من الهجمات العسكرية على قطاع غزة بداية من أحداث 26 يناير/كانون الأول، وصولاً إلى الحرب الأخيرة على القطاع، التي تلت طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
استُشهد خلال هذه الأحداث المتتالية أكثر من 15 ألف شخص داخل القطاع، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى، معظمهم من النساء والأطفال، من بين أبرز الأحداث نجد ما يلي:
الاجتياحات الإسرائيلية في 26 يناير
نفّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي في 26 يناير/كانون الأول عملية عسكرية واسعة في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، شمالي الضفة الغربية، خلّفت 10 شهداء وعشرات الجرحى، كما تسبب في دمار كبير على مستوى المباني والممتلكات.
استخدم الاحتلال خلال هذا الهجوم الرصاص الحي، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة وقذائف ما تسبب في دمار كبير داخل مخيم جنين في كل من البنية التحتية والمباني والمركبات.
فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية حينها أن حصيلة العدوان الإسرائيلي على جنين منذ صباح 26 من يناير تسببت في استشهاد 9 أشخاص، بينهم سيدة مسنّة، و20 إصابة، بينها 4 بحالة خطرة استُشهد منهم شخص في وقت لاحق.
استهدف الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه العملية الطواقم الطبية، كما منع سيارات الإسعاف من الدخول إلى المخيم، كما اقتحم أيضاً مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت بشكلٍ متعمَّد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى، ما أدى لإصابة أطفال بحالات اختناق.
وبحسب تلفزيون فلسطين الرسمي، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن "إسرائيل ترتكب جرائمها بحق الشعب الفلسطيني في ظل عجز وصمت المجتمع الدولي".
وأضاف أن "العجز والصمت الدولي هو ما يشجع حكومة الاحتلال على ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين على مرأى العالم، ولا يزال يستخف بحياته، ويعبث بالأمن والاستقرار عبر مواصلة سياسة التصعيد".
لم تكن هذه المرة الأولى التي يقوم فيها الاحتلال الإسرائيلي باجتياح المخيم بهذه الطريقة، إذ قام بنفس الفعل سنة 2002، والذي أسفر عن استشهاد أزيد من 50 شخصاً، حسب ما ذكره تقرير الولايات المتحدة حينها، والذي يعتبر الأعنف في تاريخ الاقتحامات على المخيم خلال القرن الـ21.
أحداث 3 يوليو 2023
عقب اجتياح استمر ليومين في مدينة ومخيم جنين في الضفة الغربية، أسفر عن استشهاد 12 فلسطينياً ومقتل جندي إسرائيلي، أعلنت المتحدثة باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الأربعاء 5 يوليو/حزيران 2023، أن العملية "انتهت رسمياً"، مؤكدة انسحاب جميع الجنود الإسرائيليين المشاركين.
ووُصِفت العملية العسكرية الإسرائيلية باعتبارها أكبر اجتياح إسرائيلي لجنين منذ عام 2002، الذي أُطلِق عليه اسم "السور الواقي" خلال انتفاضة الأقصى. وأثارت العملية تساؤلات حول الهدف منها، حيث أكدت مصادر إسرائيلية أنها تستهدف من يعتبرهم الاحتلال إرهابيين، يتخذون من جنين مقراً لنشاطهم.
فيما أكدت مصادر فلسطينية أن الهجوم استهدف المدنيين ودمر جزءاً كبيراً من البنية التحتية، فيما قال متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي حينها "لدينا أهداف محددة داخل مخيم جنين، خاصة إلغاء الاعتقاد السائد بأنه مكان آمن للإرهابيين".
كما تساءل العديد عن السبب وراء قيام إسرائيل بتلك العملية الواسعة، والتي استخدمت فيها ضربات جوية وجرافات عسكرية، تركت مئات السكان في مخيم جنين بلا مأوى.
طوفان الأقصى 7 أكتوبر
في فجر يوم السبت 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهد الاحتلال الإسرائيلي هجوماً هائلاً من قِبل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث قامت بعملية "طوفان الأقصى". الهجوم شمل تصاعداً برياً وبحرياً وجوياً، إضافة إلى تسلل المقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة.
أعلن محمد الضيف، قائد الأركان في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن العملية، واعتُبرت هذه الهجمات الأضخم على إسرائيل منذ سنوات. تم تنفيذ التسلل إلى المستوطنات عبر الحدود وعبر البحر، بمشاركة وحدات من فوج "الصقر" التابع لكتائب القسام.
القائد العسكري أشار إلى أن أكثر من 5 آلاف صاروخ وقذيفة تم إطلاقها في الدقائق الأولى من الهجوم، مستهدفة مواقع، مطارات، وتحصينات عسكرية إسرائيلية. ودعا إلى مشاركة واسعة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وأراضي 48 في هذه المعركة.
فيما أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، أن المعركة تستهدف الدفاع عن المسجد الأقصى وتحرير الأسرى، ودعا الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى فتح جبهة جديدة مع المستوطنات. وفي كلمته، وصف العاروري الضفة بأنها "الكلمة الفصل في هذه المعركة".
تحمل العملية اسم "طوفان الأقصى"، وهو رد فعل على انتهاكات إسرائيل المستمرة للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس. يأتي هذا الهجوم في ظل دعوات للدعم من الشعوب العربية والإسلامية من خلال المظاهرات والاعتصامات، وكل أشكال الضغط الشعبي.
عقب هذا الهجوم شن الاحتلال الإسرائيلي هجوماً عسكرياً على قطاع غزة، والذي لا يزال مستمراً إلى اليوم، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 15 ألف شخص، وإصابة عشرات الأشخاص في قطاع غزة.
قصف المستشفى المعمداني 17 أكتوبر
أقدم سلاح الجو للاحتلال الإسرائيلي على جريمة مروعة في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، حيث استهدف بشكل متعمَّد المستشفى الأهلي العربي المعمداني في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023. تسببت الغارة الجوية الإسرائيلية في مأساة حقيقية، حيث تحول المستشفى الذي يُعَدُّ أحد أقدم المشافي في غزة إلى بركة دماء.
رغم تلقي المستشفى إنذاراً بالإخلاء من قبل الاحتلال، فإن الإخلاء كان مستحيلاً بشكل كامل. نفت إسرائيل استهدافها المستشفى، زاعمةً أن الانفجار ناجم عن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي. في السياق نفسه، نفت الحركة الاتهامات الإسرائيلية.
يُشير التاريخ إلى أن المستشفى تأسس عام 1882 تحت إدارة الكنيسة الإرسالية، وكان مأوى للنازحين من سياسات الهجرة الإسرائيلية. رغم ذلك، استهدفت إسرائيل المستشفى بقصف جانبي في وقت سابق، مما أسفر عن إصابة موظفين.
قبل المجزرة، حاول الاحتلال الإسرائيلي طرد الفلسطينيين من منازلهم بقصف مكثف، مما دفع الكثيرين إلى اللجوء إلى المستشفى للحماية، وفي الليلة المشؤومة، قصفت إسرائيل المستشفى بشكل همجي، ما أسفر عن مقتل مئات الفلسطينيين، بينهم نازحون وجرحى. رداً على المجزرة، شنّت فصائل المقاومة الفلسطينية هجمات بصواريخ على مستوطنات إسرائيلية.
أعلن وزير الصحة في غزة، مي الكيلة، أن الاحتلال قتل المدنيين وكسر الأعراف والقوانين الإنسانية. وأكد المدير العام لوزارة الصحة صعوبة التعامل مع العدد الكبير من الشهداء، مشيراً إلى أن المستشفى كان مأوى آمناً للسكان.