توقعت شركة استشارات مالية في إسرائيل، الخميس 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن الحرب على قطاع غزة قد تكلف اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي 48 مليار دولار خلال العامين الجاري والمقبل.
حيث قالت "ليدر كابيتال ماركتس"، في تقرير، إنه من المرجح أن تتحمل إسرائيل ثلثي التكاليف الإجمالية للحرب، بينما تدفع الولايات المتحدة الباقي على شكل مساعدات عسكرية.
وتقدير الـ48 مليار دولار أقل من تقديرات سابقة، بينها إعلان المجلس الاقتصادي الوطني الإسرائيلي (حكومي)، في تقرير قبل أيام، أن كلفة الحرب على اقتصاد إسرائيل ربما تبلغ 200 مليار شيكل (54 مليار دولار).
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قدرت وزارة المالية الإسرائيلية أن تكلف الحرب الاقتصاد 270 مليون دولار يومياً، مشيرة إلى أن انتهاء الحرب لا يعني توقف الخسائر.
تراكم الديون بمليارات الدولارات
ومنذ أن بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، شرع فريق من الموظفين والمحاسبين الإسرائيليين، يسمى "الإدارة المالية للحكومة"، في تعقب النفقات وتسجيلها في دفتر حسابات الحرب، لكن كلما اشتدت الحرب وامتدت، تضخم هذا الدفتر وتراكمت فيه الديون بمليارات الدولارات، وفق تقرير لوكالة "Bloomberg" الخميس.
وقد حاول قسم المحاسبة العامة بوزارة المالية الإسرائيلية أن يضبط التوقعات الاقتصادية، وأن يُساير المتطلبات المتزايدة في برنامج أعمال حكومة الحرب أولاً بأول، لكن الديون ما انفكت تتزايد مع كل صاروخ اعتراضي يُطلق، وكل غارة جوية تُشن، وكل يوم يقضيه جنود الاحتياط في الخدمة.
وتعني أرقام "ليدر كابيتال ماركتس" أن الحكومة الإسرائيلية ستضطر إلى الاقتراض مجدداً لشق طريقها خلال ما يعد بالفعل أسوأ صراع مسلح منذ نصف قرن، بحسب وصف "بلومبرغ".
الوكالة نقلت عن يالي روتنبرغ، المحاسب العام بوزارة المالية الإسرائيلية، قوله: "نمضي قدماً في سيناريو الحالة الأساسية الذي يشير إلى عدة أشهر من القتال وعملنا مصدات إضافية.. نحن قادرون على تمويل الدولة".
ارتفاع عجز الميزانية
ورغم أن الحكومة أصدرت سندات دولية من خلال الاكتتابات الخاصة عبر بنوك "وول ستريت"؛ مثل مجموعة "جولدمان ساكس،" إلا أنها تعتمد على السوق المحلية لاستيعاب الجزء الأكبر من احتياجاتها التمويلية.
وبالفعل، باعت وزارة المالية 18.7 مليار شيكل من السندات المحلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقارنة بمتوسط شهري يزيد قليلاً على 5 مليارات شيكل حتى الشهر السابق له.
وارتفعت أسعار الفائدة المحلية في إسرائيل بشكل أقل من العديد من الاقتصادات المتقدمة؛ مما يجعل الاقتراض في الداخل رخيصاً نسبياً بالنسبة للحكومة.
تذهب تقديرات وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني إلى أن إجمالي احتياجات الاقتراض الحكومية سترتفع من 5.7% من الناتج الاقتصادي لعام 2022 إلى نحو 10% من إجمالي الناتج الاقتصادي لهذا العام.
وأجبرت الحرب حكومة الاحتلال على فتح الصنابير المالية، فارتفع عجز الميزانية في أكتوبر/تشرين الأول بسبع مرات عما كان عليه قبل عام؛ إذ تبلغ الفجوة الآن بين الموارد والنفقات نحو 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقع روتنبرغ، المحاسب العام بحكومة الاحتلال، أن يبلغ العجز التراكمي في الميزانية نحو 9% خلال العامين المقبلين.
تقليل الإقبال على سندات إسرائيل
ويذهب خبراء آخرون إلى أن الحرب أفضت إلى تقليل الإقبال على سندات إسرائيل في الأسواق المالية بالخارج. فمنذ بدء الحرب، تضاعفت تقريباً تكلفة تأمين السندات السيادية الإسرائيلية من العجز عن السداد.
وقد أدى الضغط المفاجئ على الموارد المالية لإسرائيل إلى تسليط الضوء عليها من أكبر ثلاث شركات تصنيف ائتمانية، فقد خفضت جميعها التوقعات الاقتصادية لدولة الاحتلال من مستقرة إلى سلبية في الأسابيع التي تلت بدء الحرب. لكن إسرائيل تمكنت حتى الآن من تجنب أول تخفيض في تصنيفها الائتماني.
ومنذ 48 يوماً يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت ما يزيد على 14 ألفاً و532 شهيداً فلسطينياً، بينهم أكثر من 6 آلاف طفل و4 آلاف امرأة، فضلاً عن أكثر من 35 ألف مصاب، نحو 75% منهم أطفال ونساء، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وصباح اليوم الخميس، قالت وزارة الخارجية القطرية إنه سيتم الإعلان "خلال الساعات القادمة" عن بدء سريان هدنة بين "حماس" وإسرائيل تستمر لعدة أيام قابلة للتمديد، وتتضمن تبادلاً لأسرى وإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة.