“ليست مجموعة مسلحين يمكن القضاء عليهم”.. هآرتس: الحرب في غزة لن تضر بحماس أو نفوذها السياسي

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/21 الساعة 12:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/21 الساعة 12:20 بتوقيت غرينتش
هنية ومشعل في غزة، أرشيفية/ صفا

أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال زيارته إلى قطر في 13 تشرين الأول/أكتوبر أن "التعامل على النحو المعتاد مع حماس لم يعد ممكناً". وكان يقف إلى جوار بلينكن رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي امتنع عن التعليق أو الاستغراق في التفاصيل. وكان الهدف من تصريح بلينكن أن يظهر بموقف "حازم" وداعم لإسرائيل.

ولدى سؤاله عما إذا كانت بلاده ستتوقف عن استضافة قيادة حماس أو ستقطع علاقاتها بالحركة، أجاب آل ثاني: "تركيزنا الآن منصب على التواصل المفتوح ومحاولة إنهاء هذا الصراع". وتقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية إنه في الوقت الحالي، يكاد يكون "التواصل المفتوح" بين قطر وحماس هو الأمل الوحيد لتحرير الأسرى الإسرائيليين. وتعتمد قطر على سنوات من تقديم مساعدتها ودعمها لقطاع غزة.

وتدرك دولة قطر الضغوط الأمريكية عليها، لقطع العلاقات مع حماس، لكنها لا تلقي بالاً لذلك. وبعد أربع سنوات من حصارها من قبل بعض جيرانها لقطع علاقاتها مع إيران أو حماس، لم تلتزم قطر بأي من مطالب هذه الدول وتحدتها، ورُفع الحصار في النهاية، وعادت الدوحة أقوى إلى الحضن الخليجي والعربي. 

"حماس ليست مجموعة مسلحين يمكن القضاء عليهم"

ورغم كل الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية على قطر، ورغم كل الأحاديث عن "مرحلة ما بعد حماس" في غزة، إلا أن حماس ليست مجرد مجموعة من المسلحين يسهل القضاء عليهم أو محو التهديد الذي يمثلونه، كما تقول صحيفة هآرتس. فحماس حركة لديها نفوذ عسكري وسياسي متجذر داخل فلسطين وخارجها، لديها وجود قوي في لبنان، وعلاقات قوية في تركيا، وتمثيل في ماليزيا والجزائر وربما غيرهما.

وتقول الصحيفة العبرية إن التقارب الذي تجدد بين حماس وسوريا، بعد انقطاعه عام 2012 بسبب المذابح التي ارتكبها نظام الأسد بحق الآلاف من المدنيين، وفر للحركة خياراً آخر للدعم. ولا شك أن إيران ستوافق على استضافة بعض قيادتها إذا احتاجت ذلك. 

في مجلس النواب الأمريكي، هناك بالفعل قانون مقترح يسمح بفرض عقوبات على الدول التي تساعد منظمات مثل حماس والجهاد الإسلامي. والقانون قيد النظر حالياً في مجلس الشيوخ، وحتى لو تم إقراره، فسيكون له تأثير طفيف نسبياً على دول مثل سوريا، الخاضعة بالفعل لعقوبات صارمة، أو إيران، أو ماليزيا، التي أعلن رئيس وزرائها، أنور إبراهيم، أنه "قانون أحادي الجانب" وأن بلاده ملتزمة فقط بعقوبات مجلس الأمن.

والسؤال الآخر هو: كيف ستتصرف تركيا؟ فرغم موافقتها على إبعاد قيادات حماس من أراضيها في إطار علاقتها المتجددة مع إسرائيل، كما تزعم الصحف الإسرائيلية، لا يزال ممثلو الحركة يقيمون هناك، بعد أن حصل بعضهم على الجنسية. والتصريح الأخير للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن حماس ليست منظمة إرهابية وإنما هي حركة تحرر وطني وحزب سياسي فاز في انتخابات عام 2006 ربما يكشف ويؤكد ذلك، كما تقول الصحيفة.

لكن أردوغان لا يلتزم بالعقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، وتحايل على العقوبات المفروضة على إيران. وقطر، مثل دول الخليج الأخرى، لا تلتزم بالعقوبات الأمريكية على روسيا أيضاً، كما تقول الصحيفة.

تقول صحيفة هآرتس إن حقيقة استضافة قطر لأكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، واستثماراتها الضخمة في الولايات المتحدة والدول الغربية، وكونها واحدة من موردي الغاز الرئيسيين لأوروبا، قد تكون حاجزاً ضد العقوبات. والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت الولايات المتحدة تريد، أو تستطيع، اتخاذ الخطوة التالية ونقل قاعدتها العسكرية إلى دولة أخرى، لو عززت قطر دورها ووفرت مأوى ودعم لقيادة حماس.

ورغم أن قطر تمثل القاعدة السياسية لحماس، يعد لبنان حالياً القاعدة العملياتية الأكثر ملاءمة لحماس والجهاد الإسلامي، وهذا يرجع أساساً إلى قربه من الحدود الإسرائيلية وقدرتهما على شن هجمات مباشرة عليها. لكن نشاطهما في لبنان خاضع للتنسيق مع حزب الله الذي لا تتشابه اعتباراته بالضرورة مع اعتباراتهما، وهذا ينبع من محدودية مشاركتهما في "محور المقاومة"، بحسب هآرتس.

"حماس سيكون لها دور في تشكيل النظام السياسي"

عام 1969، تم توقيع "اتفاق القاهرة" بين ياسر عرفات وقائد الجيش اللبناني إميل البستاني. وهذا الاتفاق سمح للفلسطينيين بحمل السلاح والمشاركة في نضالهم الوطني ضد إسرائيل من لبنان. وكان بمثابة الأساس لإنشاء "أرض فتح" أو المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان ولكنه أُلغي عام 1987 على يد الرئيس أمين الجميل.

وسيكون من السذاجة الافتراض أن حزب الله، رغم دعمه للقضية الفلسطينية ولحماس والجهاد الإسلامي، سيساعد في إنشاء "أرض حماس" على الحدود الإسرائيلية، لأن هذا قد يحرمه من احتكار استخدام السلاح ضد إسرائيل ويعكر صفو الوضع الراهن الحساس في لبنان، الذي يحاول حزب الله أن يحركه لصالحه، بحسب هآرتس. وتحويل لبنان إلى ساحة معركة للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل من شأنه أن يقوّض أسس استراتيجية حزب الله، لأنه يقدم نفسه كمنظمة لبنانية تحافظ على معادلة الردع ضد إسرائيل لأسباب لبنانية، وليست أجنبية أو إيرانية أو فلسطينية.

ومع ذلك، لا يزال بإمكان حماس أن تساهم بدور مهم في السياسة الفلسطينية داخل لبنان، وتؤثر على السلوك السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، بل وحتى أن تشن هجمات من أي مكان على إسرائيل. ومن الصعب تقدير تأثير الحرب على الدعم الشعبي الفلسطيني لحماس الآن، وهذا الدعم قد يتطور في المستقبل ويكبر.

ولكن حين تتحدث أو تكتب شخصيات في فتح -وبعضها يشغل مناصب عليا في السلطة الفلسطينية، مثل رئيس الوزراء السابق سلام فياض- عن اليوم التالي للحرب، فإنها لا تستبعد الافتراض بأن حماس سيكون لها أيضاً مكانة ودور في تشكيل النظام السياسي المستقبلي في رام الله. وفي رأيهم، من الضروري أن تخضع فتح والسلطة الفلسطينية لإصلاح هيكلي ومفاهيمي لخدمة المصالح الفلسطينية، وهذا يتطلب إشراك جميع الفصائل، التي من بينها حماس والجهاد الإسلامي، للمطالبة عن حق بلقب "الممثل الوحيد" للشعب الفلسطيني. وهذه الأفكار ليست جديدة.

إذ يُذكر أن مروان البرغوثي، الزعيم الفلسطيني المعتقل الذي يعتبر الخليفة الطبيعي لقيادة السلطة الفلسطينية بعد محمود عباس، مقرب جداً من حماس. بل وقبل سبع سنوات، صاغ البرغوثي وثيقة استراتيجية للتعاون السياسي مع حماس. وكثيراً ما طالبت الحركة بإطلاق سراحه في صفقات تبادل أسرى مع إسرائيل، بل وربما تحاول فرض قيادته في اليوم التالي للحرب.

تحميل المزيد