غادر جراحٌ آخر مستشفى ما زال يعمل كلياً في مدينة غزة بعد نفاد أي أدوية تخدير للعمليات، متجهاً سيراً على الأقدام إلى مخيم النصيرات في وسط القطاع، وذلك تزامناً مع اهتزاز جدران المستشفى الأهلي الذي كان يعمل فيه من نيران الدبابات الإسرائيلية.
الجراح الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة، قال لوكالة رويترز، الجمعة 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن مئات المرضى يحتاجون بشدة لمساعدته، لكنه لم يعد يملك ما يفعله لهم، مشيراً إلى أنه ترك مصاباً "وأنت تعلم أنه لم يعد بوسعك ما تفعله من أجلهم، هذا أكثر شيء مفجع كان علي أن أفعله على الإطلاق".
وكتب في منشور على تطبيق إكس: "لم أعد قادراً على إجراء عمليات في المستشفى الأهلي. المستشفى أصبح الآن فعلياً مركزاً للإسعافات الأولية. مئات المصابين في المستشفى يتعذر الآن إجراء جراحة لهم. سيموتون بسبب إصاباتهم".
وأمرت إسرائيل السكان في النصف الشمالي من قطاع غزة، الذي يضم مدينة غزة، بالإخلاء بينما تواصل قصفها على القطاع، وتوقفت جميع المستشفيات في الشمال عن العمل.
وفي اتصال عبر الإنترنت، أوضح أبو ستة: "يمتلئ المستشفى الأهلي على آخره بالمصابين، وعملنا طول الليل (يوم الأربعاء). وبحلول الساعات الأولى من (يوم الخميس)… أدركنا أن أدوية أجهزة التخدير قد نفدت لدينا واضطررنا إلى إيقاف غرفة العمليات".
"المستشفى امتلأ بالمصابين"
كما أضاف أبو ستة أنه وفريقه انشغلوا في الأسابيع القليلة الماضية، على وجه التحديد، بعلاج المصابين بعد ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مسجداً قريباً وبعدما حاصرت القوات الإسرائيلية ودخلت مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة.
وأشار إلى أن رسالة تلقاها المستشفى الأهلي، تقول إنه محاط أيضاً بدبابات إسرائيلية.
وفي مسيرته من المستشفى إلى مخيم اللاجئين والتي استغرقت خمس ساعات، قال أبو ستة إنه رأى "مشاهد الدمار" والجثث الملقاة في الشارع، مضيفاً أن مرضى يحتاجون علاجاً ظلوا في المستشفى الأهلي، وأن مستشفى آخر في شمال غزة لم يستطع أخذهم.
وتابع: "بشكل أساسي، لا يوجد مستشفى يعمل في شمال غزة بأكمله الآن"، موضحاً: "كنا نجري عمليات دون توقف في الأسبوع الماضي منذ (حصار) مستشفى الشفاء. اتخذت قراراً بأنني في حاجة للنوم حتى أتبين ما الذي أريد فعله فيما بعد".
والخميس، قالت وزارة الصحة في غزة، إنه حتى 16 نوفمبر/تشرين الثاني، كان تسعة مستشفيات فحسب تعمل في القطاع من 35 مستشفى ولو بشكل جزئي. وذكرت الوزارة أن عدد القتلى الفلسطينيين المؤكد تجاوز 11500 حتى الجمعة الماضية، منهم 4700 طفل على الأقل.
وتكدست مستشفيات غزة وعانت من قلة الإمدادات منذ أن بدأت القوات الإسرائيلية عدوانها على القطاع في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على إسرائيل التي تقول إنه أودى بحياة 1200 إسرائيلي.