تحاول حكومة نتنياهو الإجرامية إعادة وتعميم فكرة ومصطلح "الجيش الذي لا يُقهر"، وذلك بعد كشف عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي حقيقة إسرائيل الهشة، التي تعتمد على صانعيها وداعميها في الغرب، وخاصةً إدارة بايدن، حيث لا يختلف اثنان بشأن العلاقة الاستراتيجية التي تربط إسرائيل والإدارات الأمريكية المتعاقبة، التي ترسَّخت خلال العقود الماضية؛ نظراً للدور الذي لعبته إسرائيل في إطار المصالح الأمريكية والغربية الشرق أوسطية، وقد تكشَّفت تلك العلاقة أكثر من أي وقت مضى خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، والمجازر المرتكبة التي طالت المدنيين والمدارس والمخابز والمشافي ودور العبادة.
يلحظ المتابع انحياز الغرب للرواية الإسرائيلية الكاذبة، ويتضح ذلك من خلال مواقف إدارة بايدن إزاء المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على مدار الساعة، وهي مواقف تؤكد مدى الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في العدوان. لم تتوقف وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة عن الدفاع عن الموقف الإسرائيلي، الذي يَعتبر القصف الإسرائيلي على غزة من قبيل الدفاع عن النفس، وأبعد من ذلك قامت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بعملية تضليل إعلامي ممنهجة، حيث سلَّطت الضوء على حالة الخوف بين الإسرائيليين، دون ذكرٍ للضحايا من الفلسطينيين، وخاصةً الأطفال والشيوخ والنساء منهم، بعد تدمير الأبنية فوق رؤوسهم، فضلاً عن ذلك لم تتوقف الإدارة الأمريكية عن تزويد آلة البطش الإسرائيلية بالأسلحة المتطورة والقذائف القاتلة.
وقد أكد ذلك الرئيس بايدن وآخرون في إدارته، وتبعاً لذلك فإن إدارة بايدن شريكةُ إسرائيل في المجازر التي تُرتكب على مدار الساعة في قطاع غزة والضفة، بما فيها القدس، سواء في قتل الأطفال أو في عملية تدمير البنى التحتية ومدارس ومراكز الأونروا الصحية في قطاع غزة خلال العدوان المستمر، حيث زوّدت الإدارة الأمريكية الجيش الإسرائيلي بعدة أنواع من الذخائر وقذائف الهاون، ويعتبر ذلك مشاركة أمريكية مباشرة في المجازر، واللافت أنه قد تمّ تزويد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة والعتاد العسكري الأمريكي من المستودعات العسكرية الأمريكية الموجودة في فلسطين المحتلة، وثمة أنباء عن جلب عتاد أمريكي من مناطق وجود الجيش الأمريكي في مناطق أخرى قريبة، جنباً إلى جنب مع الدعم المالي المستمر للاقتصاد الصهيوني للتعويض عن خسائره.
لم تكن الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في العدوان على الشعب الفلسطيني حديثة العهد، بل تجاوبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1948 مع الاستراتيجية التي تقوم على تطوير التحالف مع إسرائيل وترسيخه، في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية، وقد تجلّى ذلك بالدعم الأمريكي لإسرائيل في أروقة المنظمات الدولية واستخدام الفيتو ضد أي محاولة لاستصدار قرار يدين ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وقد اتضح التوجه الأمريكي لدعم إسرائيل خلال فترة انتفاضة الأقصى، وقبل ذلك الضغط الأمريكي على المنظمة الدولية، التي ألغت القرار الذي يوازي بين العنصرية وإسرائيل، لكن المساعدات الأمريكية لإسرائيل برزت لكونها الأهم في إطار الدعم الأمريكي لها، فحلت تلك المساعدات العديد من الأزمات الاقتصادية الإسرائيلية، أو حدَّت منها على الأقل، ناهيك عن أثرها المهم في تحديث الآلة العسكرية الإسرائيلية، وتجهيزها بصنوف التكنولوجيا الأمريكية المتطورة، وفي هذا السياق تُقدر قيمة المساعدات الأمريكية التراكمية لإسرائيل بنحو 146 مليار دولار، منها نحو 60% هي قيمة المساعدات العسكرية، و40% قيمة المساعدات الاقتصادية، ولم تتوانَ الإدارات الامريكية المتعاقبة ومنها إدارة بايدن الحالية، ولو للحظة، عن تقديم دعمها السياسي والمالي والعسكري والدبلوماسي والإعلامي لإسرائيل، وقد اتضح ذلك بشكل جلي خلال عملية "طوفان الأقصى" والعدوان المستمرعلى قطاع غزة الذي أصاب البشر والحجر، الأمر الذي أكد ويؤكد استراتيجية العدوان الإسرائيلي الأمريكي الغربي المشترك على الشعب الفلسطيني، ولهذا لم تكن أمريكا وغالبية الأنظمة الغربية يوماً مع حقوق الفلسطينيين رغم عدالتها، بل كانت منحازةً إلى جانب التصورات والسياسات الإسرائيلية، وفي مقدمتها المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، ناهيك عن شراكة الغرب في تعميم الروايات الصهيونية الزائفة حول احتلال فلسطين وطرد شعبها، وكذلك المجازر الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة منذ شهر ونيف من الآن. وسيُهزم الجيش الإسرائيلي في غزة كما انكسرت قوافل نابليون على أسوار عكا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.