قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن مسؤولي إدارة بايدن على خلاف متزايد مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن الهجوم العسكري على حماس، وكذلك بشأن تصوُّر المستقبل السياسي لغزة، وفق ما نقلت شبكة NBC News الأمريكية، الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وسط المشاهد الأليمة من مستشفيات غزة، وارتفاع عدد القتلى المدنيين، يتزايد الإحباط بين مسؤولي الإدارة الأمريكية الذين ناشدوا نتنياهو وحكومته مراراً باتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية المدنيين الفلسطينيين، والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
من سيحكم غزة؟
يعود الخلاف بين الحكومتين إلى أسئلة حاسمة طويلة المدى حول من سيحكم القطاع الفلسطيني بعد أن تكمل إسرائيل هجومها العسكري، إذ قال المسؤولون الأمريكيون إن ذلك يشمل دور السلطة الفلسطينية، التي تحكم حالياً الضفة الغربية، وإحياء الجهود الدبلوماسية لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية.
وقال مسؤول أمريكي سابق: "هناك فجوة تلوح في الأفق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بشأن ما سيكون عليه الحال خلال شهر أو شهرين".
رغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل حاولتا تقديم جبهة موحدة علناً، فإن الانقسام انكشف بعد أن قال نتنياهو الأسبوع الماضي إن إسرائيل سيكون لها دور أمني في غزة لفترة غير محددة.
وبعد أقل من 24 ساعة، ردّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن، موضحاً أن الولايات المتحدة لن تقبل أي اقتراح بإعادة احتلال قطاع غزة أو حصار القطاع.
وقال بلينكن خلال زيارة إلى طوكيو إن الولايات المتحدة تعتقد أنه لا يمكن أن تكون هناك "إعادة احتلال لغزة بعد الصراع، وبالتالي لا محاولة لحصار غزة أو تطويقها"، و"لا تقليص في أراضي غزة".
وعرض بلينكن رؤيته الأكثر تفصيلاً حتى الآن لمستقبل غزة، قائلاً إنها "يجب أن تشمل حكماً بقيادة فلسطينية، وأن تتحد مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية".
بدوره، رفض نتنياهو اقتراح بلينكن، وقال لبرنامج Meet the Press على شبكة NBC News الأمريكية، إن "غزة بحاجة إلى نزع السلاح والتطرف، وإن أي قوة فلسطينية، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، ليست على مستوى هذه المهمة".
"منطقة عازلة في غزة"
بدوره، قال ماثيو ليفيت، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن الإدارة تنتظر أن تضع إسرائيل الخطوط العريضة لاقتراح واقعي لما يمكن أن يحدث بعد عملياتها العسكرية في غزة.
وسيتفاقم الخلاف بين إسرائيل وإدارة بايدن في الأشهر المقبلة، إذ إن إنشاء دولة فلسطينية هو أمر يعارضه بشدة أعضاء اليمين المتشدد في حكومة نتنياهو.
ويشعر مسؤولو إدارة بايدن بالقلق من الفكرة التي طرحها مسؤولون إسرائيليون سابقون لإقامة "منطقة عازلة" شديدة التحصين في شمال غزة، لحماية إسرائيل من أي هجوم مستقبلي من غزة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت لشبكة NBC News: "ما نريد القيام به هو الحفاظ على شريط أمني بعد الحرب، منطقة عازلة، لإبعادهم عن إسرائيل، بعمق كيلومتر واحد على سبيل المثال".
أضاف: "سيكون هناك نوع من الفترة الانتقالية، وبعدها سيكون هناك شكل من أشكال الحكم الذاتي الذي يناسبهم".
ضم "فعليّ" لأراضي غزة
من جانبها، قالت زها حسن، المحامية الحقوقية والزميلة بمعهد كارنيغي للسلام الدولي، إن مثل هذا الاقتراح من شأنه أن ينتهك القانون الدولي و"سوف يعني فعلياً ضم أراضي غزة".
وأضافت أن إنشاء منطقة أمنية على أراضي غزة يعني تهجير مجتمع فلسطيني يتكون معظمه من اللاجئين إلى "مساحة أصغر"، ما يعزز المخاوف في المنطقة من أن إسرائيل تخطط لطرد الفلسطينيين بشكل دائم من شمال غزة.
وقال مسؤولون في إدارة بايدن إن المنطقة العازلة التي تسيطر عليها إسرائيل داخل غزة ستعني تقليص مساحة القطاع، وهو ما يعتبره البيت الأبيض غير مقبول.
وقالت الولايات المتحدة إنه لا ينبغي من حيث المبدأ أن يكون هناك تهجير للفلسطينيين من غزة، وقال مسؤول كبير آخر في الإدارة: "لسنا مقتنعين بأن هذا هو أفضل طريق للمضي قدماً فيه".
وتشعر إدارة بايدن بالقلق إزاء تصاعد أعمال العنف ضد الفلسطينيين من قِبَلِ المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وقالت وزارة الخارجية إنه عندما التقى بلينكن مع نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر، أخبر رئيس الوزراء وحكومته الحربية بأن هذه الأحداث "غير مقبولة".
يأتي ذلك بينما يشنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفاً و500 شهيد فلسطيني، بينهم 4710 أطفال و3160 امرأة، فضلاً عن 29 ألفاً و800 مصاب، 70% منهم أطفال ونساء، وفق مصادر رسمية فلسطينية.