تحث إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل على إعادة التفكير في خططها لشن هجوم بري كبير في قطاع غزة، وفي المقابل شن عملية "دقيقة" باستخدام الطائرات وقوات العمليات الخاصة، التي تنفذ غارات محددة على أهدافٍ وبُنى تحتية قيِّمة بالنسبة لحركة حماس.
ونقلت صحيفة Washington Post عن 5 مسؤولين أمريكيين مطلعين على المناقشات الدبلوماسية الحساسة الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن مسؤولي الإدارة أصبحوا قلقين للغاية بشأن التداعيات المحتملة لهجوم بري كامل، ويشككون بشكل متزايد في أن ذلك سيحقق هدف إسرائيل المعلن المتمثل في القضاء على حماس.
واشنطن قلقة على مفاوضات الأسرى
وقال أحد المسؤولين إن إدارة بايدن قلقة أيضاً من أن ذلك قد يعرقل المفاوضات للإفراج عن ما يقرب من 200 أسير لدى حماس، خاصةً أن الدبلوماسيين يعتقدون أنهم حققوا تقدماً "كبيراً" في الأيام الأخيرة لتحرير عدد منهم، ومن المحتمل أن يكون من بينهم بعض الأمريكيين.
وفي العلن، أشار الرئيس بايدن وكبار مسؤوليه إلى دعمهم لهجوم بري مخطط له إذا خلصت إسرائيل إلى أن هذا هو أفضل تحرك لها، في حين أضافوا أنهم يطرحون "أسئلة صعبة" حول الفكرة. وتمثل النصيحة الخاصة خروجاً مهماً عن الموقف العام للإدارة، وهي أيضاً تحوُّلٌ واضح عن موقف الإدارة في الأيام التي تلت عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة.
ورفض البيت الأبيض التعليق لواشنطن بوست على مساعي الإدارة لإجراء عملية دقيقة بدلاً من الغزو البري واسع النطاق، وهو جهد لم يُبلَغ عنه من قبل. وأشار المسؤولون إلى تصريحات بايدن التي تفيد بأن إسرائيل تتخذ قراراتها العسكرية بنفسها.
ورغم التحذيرات الخاصة، فإن المسؤولين الأمريكيين ليس لديهم ثقة كبيرة في أن إسرائيل سوف تتراجع عن عزمها على شن هجوم بري واسع النطاق. ومع أن الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ كبير على إسرائيل، باعتبارها أكبر داعم عسكري وسياسي واقتصادي لها، لم يهدد المسؤولون الأمريكيون بسحب الدعم أو فرض أي عواقب على الدولة اليهودية إذا مضت قدماً في خططها الخاصة.
بل على العكس من ذلك، تعمل إدارة بايدن على تزويد إسرائيل بحزمة أمنية جديدة بقيمة 14 مليار دولار لتجديد صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية وذخائرها ولتوفير تمويل عسكري إضافي.
وبينما أعرب المسؤولون الأمريكيون عن تفضيلهم لعملية أخف، شنت القوات الإسرائيلية غارات محدودة على غزة في الأيام الأخيرة، رغم أنه ليس من الواضح ما إذا كانت تلك الغارات تمثل استجابةً لما تحث عليه واشنطن.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم ينصحون إسرائيل بتبني مثل هذه الغارات كجزء أساسي من استراتيجيتها لمطاردة حماس. لكن إسرائيل اعتبرتها جزءاً من "الاستعدادات للمراحل المقبلة من القتال"، في إشارة واضحة إلى الهجوم البري واسع النطاق.
وفي أعقاب عملية "طوفان الأقصى" مباشرة، أيّد العديد من كبار المسؤولين الأميركيين سراً رداً إسرائيلياً هائلاً، والذي اعتبروه ضرورياً لردع إيران وحزب الله عن فتح جبهة ثانية في شمال إسرائيل.
ولكن مع مرور الأيام وإبلاغ المسؤولين الإسرائيليين لواشنطن بخططهم، أصبح المسؤولون الأمريكيون قلقين بشكل متزايد من أن الهجوم البري سيتحول إلى مستنقع مفتوح. وبعد زيارة وزير الدفاع لويد أوستن إلى إسرائيل في 13 أكتوبر/تشرين الأول، بدأ قادة البنتاغون يشاركون مخاوفهم مع وزارة الخارجية.
وبعد 3 أيام، عقد وزير الخارجية أنتوني بلينكن اجتماعاً استمر 8 ساعات تقريباً مع حكومة الحرب الإسرائيلية في تل أبيب، وغادر الدبلوماسيون الأمريكيون الاجتماع قلقين من أن الإسرائيليين لم يضعوا خطةً عسكرية سليمة وقابلة للتنفيذ. ورغم أن الاجتماع تناول في الغالب القضايا الإنسانية، فقد ناقش المسؤولون أيضاً الاستراتيجية العسكرية، وخرج المسؤولون الأمريكيون أكثر قلقاً، وليس أقل، بشأن احتمالات التصعيد الإقليمي.