رصيد التعاطف بدأ بالنفاد.. بلومبيرغ: إسرائيل تخسر الدعم الغربي مع تنامي الغضب من قصفها لغزة

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/27 الساعة 00:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/27 الساعة 00:52 بتوقيت غرينتش
دمار كبير يسببه قصف الاحتلال لغزة/ رويترز

أُتيحَت للملكة الأردنية رانيا العبد الله فرصة للتعبير عن رأيها في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، حين سُئِلَت في مقابلة مع شبكة CNN عن شعورها، بصفتها "عربية فلسطينية، وإنسانة، وأماً؟". وشرعت الملكة الأردنية في إدانة مُتَّقِدَة للقصف الإسرائيلي على غزة والمعايير المزدوجة التي يتبعها الغرب، الذي وضع ما حدث بجنوب إسرائيل في مقاربة مع ما يحدث في غزة. وتساءلت: "هل يقال لنا إنه من الخطأ قتل عائلة بأكملها بالرصاص، لكن من المقبول قصفهم حتى الموت؟".

وتمثل المقابلة، التي استُقبِلَت بغضب في إسرائيل، جزءاً من التباعد المتزايد بين الطريقة التي تنظر بها الدولة الإسرائيلية إلى الصراع، وكيف تنظر إليه بقية دول الشرق الأوسط والغرب والعديد من المناطق الأخرى، كما تقول وكالة Bloomberg الأمريكية.

ففي داخل إسرائيل، تجلّى شعورٌ قوي بالقلق، من خلال استطلاع جديد للرأي أظهر أنَّ 64% من الإسرائيليين يخشون الآن على سلامتهم البدنية. وتواصل حماس إطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية على البلاد كل يوم بينما يحاول المسلحون التسلل عبر البر أو البحر برغم القصف التاريخي على القطاع. ويعتقد مسؤولو الأمن أنَّ بعض الذين دخلوا يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ربما يكونون مختبئين استعداداً لهجوم ثانٍ.

"هجمات حماس لم تحدث من فراغ"

بينما يرى كثيرون خارج إسرائيل الأمور من منظور مختلف. ويوم الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنَّ "هجمات حماس لم تحدث من فراغ؛ فالشعب الفلسطيني يتعرض للاحتلال الخانق منذ 56 عاماً".

وكان سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، غاضباً للغاية من فكرة أنَّ عنف حماس يحتاج إلى هذا السياق، لدرجة أنه دعا غوتيريش إلى الاستقالة. ولم يقتصر هذا الشعور على أولئك الموجودين على يمين السياسة الإسرائيلية. إذ نشر زعيم المعارضة بيني غانتس على منصة X "تويتر سابقاً"، قائلاً: "إنها أيام مظلمة عندما يتغاضى الأمين العام للأمم المتحدة عن الإرهاب"، حسب تعبيره.

لكن ألمانيا، التي سارعت إلى إظهار دعمها لإسرائيل في الأيام التي تلت هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، أكدت رفض طلب حليفتها. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت، في برلين: "الأمين العام للأمم المتحدة يحظى بالطبع بثقة الحكومة الألمانية".

ولا ينكر الإسرائيليون أنَّ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول تتطلب سياقاً. لكن بالنسبة لهم، فإنَّ هذا السياق لا يتعلق بإساءة معاملة الفلسطينيين؛ فهم ينظرون إلى هجوم حماس على أنه "امتداد للاعتداءات المعادية للسامية عبر القرون"، بحسب اعتقادهم.

وقد استعرض الزعماء الغربيون تضامنهم ودعمهم عبر تل أبيب. ويأتي ذلك بعد زيارة أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي قدم مساعدات عسكرية بالمليارات وأشار إلى "التاريخ اليهودي المؤلم"، كما يعتقد.

رصيد التعاطف الغربي مع إسرائيل بدأ بالنفاد

بعد تلك الزيارة، شعر الإسرائيليون بأنهم محميون. واعتقدوا أنَّ خطتهم لتدمير حماس ستحظى بتعاطف عالمي، ومع تحليق الطائرات المقاتلة الإسرائيلية في سماء غزة وقصفها الجنوني للمدنيين؛ مما أسفر عن استشهاد الآلاف، جاء هذا التعاطف بتبعات لم يتوقعها الإسرائيليون.

فقد ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول، زيارة لإسرائيل كان من المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام، وأضاف أنَّ "حماس ليست منظمة إرهابية، بل بالأحرى مجموعة من المحررين والمجاهدين الذين يدافعون عن أرضهم وشعبهم. ولن نسمح أبداً بقتل الأطفال". وجمّدت تركيا أيضاً خططاً للتعاون في مجال الطاقة مع إسرائيل.

وفي أماكن أخرى من العالم الإسلامي، قال رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، إنه لا يوجد زعيم مسلم يتوقع حل الأحداث في غزة بسهولة. وأضاف أنَّ السبب في ذلك هو أنَّ "إسرائيل صارت متعجرفة للغاية بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا. من الجنون السماح بذبح الناس، وقتل الأطفال، وقصف المستشفيات، وتدمير المدارس. إنها ذروة الهمجية في هذا العالم".

وتحاول إسرائيل تصوير حماس في الغرب بأنها "داعش الجديدة"، وتعهدت بتدمير الحركة الفلسطينية المسلحة، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها منظمة إرهابية.

وقالت لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في SOAS بلندن: "وصف حماس بأنها داعش الجديدة ليس غير دقيق من الناحية التحليلية فحسب، بل يحمل أيضاً خطر جعل جميع سكان غزة أهدافاً معرضة للخطر. العرب والمسلمون يرفضون على نطاق واسع، هذا التوصيف التبسيطي والخطير".

حرب ستتسع

ويدعو العديد من زعماء العالم إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه السماح بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة، على الرغم من أنَّ البعض يصف ذلك بأنه "هدنة إنسانية". ويوم الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول، دخلت 8 شاحنات، تلتها 17 شاحنة أخرى يوم الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين، قالوا إنَّ ضباطهم يفحصون جميع الشاحنات للتأكد من عدم دخول أي شيء لمساعدة حماس.

وقال توماسو ديلا لونغا، المتحدث باسم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إنَّ المساعدات التي وصلت حتى الآن "قطرة من محيط" المساعدات اللازمة.

وفي إسرائيل، ومع تزايد المخاوف من أنَّ حزب الله قد ينضم إلى الحرب ويفتح جبهة على الشمال، يتحدث البعض عن المغادرة إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، على الأقل لفترة من الوقت. في حين يقول آخرون إن المظاهرات المناهضة لإسرائيل في المدن الغربية تجعلهم يشعرون بقدر أقل، من الأمان في الخارج مقارنة بوطنهم.

بينما يقول كثير من الإسرائيليين إنَّ هذه معركة من أجل "الوطن اليهودي"، وهي "حرب استقلال ثانية"، على حد زعمهم. لكن لا يزال من غير الواضح ما الذي سيترتب على ذلك داخلياً. ويقول المسؤولون إنَّ طلبات ترخيص الأسلحة من المتوقع أن تتضاعف ثلاث مرات.

تحميل المزيد