نفى الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، طلبه من إسرائيل إرجاء هجومها البري في قطاع غزة، وذلك بعد أن نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، قولهم إن تل أبيب وافقت على طلب من الولايات المتحدة بتأجيل الاجتياح البري لقطاع غزة، إلى حين نشر أمريكا دفاعاتها الجوية في المنطقة.
حيث قال بايدن في مؤتمر صحفي، إن ما أشار إليه خلال مباحثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو أنه "إذا أمكن إخراج الأسرى المحتجزين لدى المقاومة في غزة بسلام، فهذا ما يجب علينا فعله".
الصحيفة الأمريكية أشارت في وقت سابق، إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" تسعى جاهدة لنشر ما يقرب من 12 نظاماً للدفاع الجوي في المنطقة، وضمن ذلك القوات الأمريكية العاملة في العراق وسوريا والكويت والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ لحمايتها من الصواريخ والقذائف.
أضافت أن المسؤولين الأمريكيين أقنعوا الإسرائيليين بتأجيل الاجتياح البري لغزة، حتى يتم وضع تلك القطع الدفاعية، في وقت مبكر من هذا الأسبوع.
تهديدات تواجه واشنطن
وقال مسؤولون أمريكيون إن التهديدات التي تواجه القوات الأمريكية، تشكل مصدر قلق بالغ، ويعتقد الجيش الأمريكي ومسؤولون آخرون أن القوات الأمريكية سيتم استهدافها من قبل الجماعات المسلحة المختلفة بمجرد بدء التوغل البري في غزة.
الصحيفة نقلت عن مسؤولين أمريكيين، أنه حتى الآن، وقع ما لا يقل عن 13 هجوماً من هذا القبيل في العراق وسوريا، باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ، مما أدى إلى مقتل مقاول أمريكي وتدمير طائرة أمريكية بدون طيار.
كما قال مسؤولون دفاعيون إن ما لا يقل عن 24 جندياً أصيبوا في سوريا و10 آخرين في العراق، جميعهم تقريباً أصيبوا بجراح طفيفة.
هذه الأنباء أكدتها صحيفة The Financial Times البريطانية مساء الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين قالت إن الولايات المتحدة تستغل تأجيل إسرائيل بدء غزوها البري الذي تجهز له ضد قطاع غزة، من أجل الإسراع بتدفق منظوماتها الدفاعية إلى المنطقة، في خضم تزايد المخاوف من أن إيران والفصائل التابعة لها سوف يصعّدون هجماتهم ضد القوات الأمريكية ومصالح الحلفاء بمجرد بدء الغزو، وذلك وفقاً للمسؤولين.
حيث قال فرانك ماكنزي، الذي قاد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط بين عامي 2019 و2022: "يسهل علينا ردعهم مع تدفق مزيد من القوات إلى الساحة، الوقت حليفنا هنا".
وتشير تقديرات الولايات المتحدة إلى أنَّ تحركها لنشر مزيد من العتاد العسكري في المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين -وضمن ذلك وصول مجموعتين جديدتين من حاملات الطائرات الضاربة في البحر الأبيض المتوسط- ساعد في إبقاء إيران خارج المعركة. لكن المسؤولين يقولون إن وكلاء طهران لا يزالون يشكلون تهديداً هائلاً على الأصول الأمريكية والقوات الأمريكية في المنطقة.
وقال مسؤول أمريكي بارز: "ما نشهده مقلق. لدينا إشارات إلى وجود مجموعات في المنطقة لديها رغبة في التصعيد، ولهذا عززنا وجودنا العسكري وأوصلنا رسالةً مفادها أننا عززنا وجودنا العسكري".
وقال كثير من المسؤولين إن الولايات المتحدة كانت قلقة بشكل خاص من حزب الله في لبنان، المدعوم من إيران.
وأوضح المسؤولون أن تحركات حزب الله تمثل علامة مشؤومة على التصعيد حتى قبل أن تنفذ إسرائيل غزوها ضد غزة.
وقال الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، الذي قاد القيادة المركزية الأمريكية بين عامي 2016 و2019: "الفرصة التالية التي ربما تقدم نفسها، هي توغل بري هائل داخل غزة، لأن ذلك سوف يتضمن كثيراً من الموارد وسوف يضع كثيراً من التركيز [هناك]".
صحيحٌ أن تقييمات إدارة بايدن تشير إلى أن طهران لا تريد مواجهة الولايات المتحدة ولا إسرائيل بصورة مباشرة، ولكن من المتوقع أن تستمر في تفعيل وكلائها الإقليميين من أجل أن يشنوا الهجمات بدلاً منها. وقال المسؤولون إن إيران، فضلاً عن دعم شن الهجمات ضد الولايات المتحدة وقواعدها وتشجيع هذه الهجمات، فإنها في بعض الحالات تسهل تنفيذها.
وقال السيناتور الأمريكي جيم ريش، كبير الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، الذي تلقى العديد من الإحاطات حول الصراع الدائر والرد الأمريكي: "أرى أنهم لا يريدون التورط في الأمر معنا، وبالتأكيد لا نريد التورط في الأمر معهم".
وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم قلقون بدرجة خاصة، بشأن تصعيد التهديدات ضد أفراد القوات الأمريكية في العراق ولبنان، حيث طلبوا مغادرة الجميع ما عدا موظفي الطوارئ. وتعمل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ووزارة الخارجية على تجهيز خطط طوارئ لمزيد من عمليات الإجلاء المنتشرة للمواطنين الأمريكيين الموجودين في هذه البلاد والبلاد الأخرى بالمنطقة.
لكن حلفاء واشنطن في الخليج، الذين يعتمدون على الولايات المتحدة في الدفاع، قد يكونون في وضع ضعيف أيضاً.
تحدث بايدن مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول، "وأكد أن الولايات المتحدة تدعم تماماً الدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة في وجه التهديدات الإرهابية، سواء كانت أطرافاً تمثل دولاً أو غير تابعة لدول".
قال المسؤولون الأمريكيون السابقون والحاليون إن واشنطن وطهران تتسلقان ما أطلقوا عليه "سلم التصعيد"، مع وجود احتمالية كبيرة للحسابات الخاطئة أو سوء الفهم.
وقال فوتيل: "نحن على بعد حادثة مأساوية واحدة، وعلى بعد لحظة واحدة من صعود درجة أخرى من السلم أكثر مما نريد، وأعتقد أننا كنا مدركين لذلك للغاية".
ويرى المسؤولون أن طهران تشعر بأن أمامها الكثير الذي يمكنها كسبه من تمكين تحركات الوكلاء ضد إسرائيل والولايات المتحدة وتشجيع هذه التحركات ودعمها علناً، حتى لو لم تكن منخرطة كلياً في الصراع.
قال نورمان رول، أحد كبار المسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين سابقاً والذي يركز على شؤون الشرق الأوسط: "هذه التحركات تعزز نفوذ إيران في المنطقة، وربما تحد من نفوذ الولايات المتحدة وتعقد خطط الدول العربية المعتدلة التي تستهدف تقارباً مبكراً مع إسرائيل".
وأوضح أن إيران ووكلاءها يعتقدون أيضاً أنهم قادرون على شن هجمات بدرجةٍ ما دون المخاطرة بتحول الوضع إلى صراع شامل.
وأوضح رول: "ثمة إحساس واسع في المنطقة بأن واشنطن لا يُحتمل أن توظف قوتها ضدهم؛ خوفاً من أن ذلك قد يخاطر بإطلاق صراع متعدد السنوات، مثل العراق أو أفغانستان".
ولليوم الـ19 يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف غزة بغارات جوية مكثفة دمّرت أحياء بكاملها، وقتلت 6546 فلسطينياً، بينهم 2704 أطفال و1584 سيدة و295 مسناً، وأصابت 17439 شخصاً، إضافة إلى أكثر من 1600 مفقود تحت الأنقاض.
وخلال الفترة ذاتها قتلت حركة "حماس" أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت 5132، وفقاً لوزارة الصحة الإسرائيلية، كما أسرت ما يزيد على 200 إسرائيلي، بينهم عسكريون برتب عالية، ترغب في مبادلتهم بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.