أصدرت رابطة جماهير نادي سيلتك الاسكتلندي "الكتيبة الخضراء" بياناً داعماً للشعب الفلسطيني في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلّف آلاف الشهداء وأكثر من عشرة آلاف مصاب.
وجددت جماهير نادي سيلتك دعمها وتأييدها لنضال الشعب الفلسطيني ضد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، ودعت "الكتيبة الخضراء" جماهير النادي لرفع الأعلام الفلسطينية في مباراة الفريق بدوري أبطال أوروبا أمام نادي أتلتيكو مدريد، "مع تسارع الإبادة الجماعية للفلسطينيين، فإننا ندعو مرة أخرى الجماهير للوقوف بفخر إلى جانب شعب فلسطين. في 25 أكتوبر، ضد أتلتيكو مدريد، نطلب من جميع المشجعين رفع العلم الوطني لفلسطين".
أشار بيان الرابطة إلى أهمية هذه المساندة للشعب الفلسطيني في هذا التوقيت، وقال البيان: "ستعني هذه الوقفة الصغيرة الشيء الكثير لأولئك الذين يتعرضون حالياً للقصف العشوائي والمعاناة التي لا يمكن تصورها، لأنه يجعلهم يعرفون أنهم ليسوا وحدهم".
شدد البيان على أهمية إحضار الأعلام الفلسطينية إلى ملعب المباراة، فقالت الرابطة: "إذا لم تتمكن من الحصول على العلم، يرجى طباعة العلم على الورق".
توقعت الرابطة أن تواجه تلك المبادرة بتعسف من قوات الأمن الاسكتلندية المكلفة بتأمين اللقاء، لكنها طلبت من الجماهير التحلي بالصلابة، فأشار البيان إلى أنه "من الممكن أن تكون هناك عرقلة أمام هذا العمل القانوني تماماً والمبرر تماماً للتضامن الإنساني الأساسي، يرجى التحلي بالشجاعة في مواجهة أي محاولة من هذا القبيل".
ومنذ بدء معركة "طوفان الأقصى" وجماهير النادي الاسكتلندي تقف مؤازرة للشعب الفلسطيني في نضاله للتحرر من الاستعمار الإسرائيلي وإنهاء دولة الفصل العنصري. وهذه ليست المرة الأولى التي تدعم فيها "الكتيبة الخضراء" وعموم جماهير سلتيك الشعب الفلسطيني. لقد سبق لها رفع الأعلام الفلسطينية في مباريات النادي في المسابقات المحلية والأوروبية كلما صعدت القضية الفلسطينية إلى مسرح الأحداث العالمي. ففي عام 2014، رفعت الجماهير الاسكتلندية الأعلام الفلسطينية ولوّحت بها دعماً للشعب الفلسطيني ضد الاعتداءات الإسرائيلية، وقام الاتحاد الأوروبي بتغريم سلتيك آنذاك. وفي عام 2016، كررت جماهير سلتيك دعمها للشعب الفلسطيني، وعاود الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) تغريم ناديها. ورداً على ذلك قامت الجماهير بإطلاق حملة تبرعات قامت فيها بجمع مبلغ الغرامة التي فرضها اليويفا على ناديهم. آخر حلقات الدعم الأخضر للقضية الفلسطينية، جاءت يوم التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، عندما رفعت لافتات تدعو بالنصر للمقاومة الفلسطينية وتطالب بالحرية للبلاد المحتلة منذ عام 1948.
هذا الدعم غير المسبوق للقضية الفلسطينية من جماهير نادٍ أوروبي، لدرجة مواجهة الآلة الإعلامية الأوروبية الداعمة لممارسات إسرائيل الوحشية، والاستعداد لتحمل العقوبات المفروضة على النادي، أثارت الكثير من الأسئلة عند الجمهور العربي. في هذا التقرير محاولة للإجابة عن أسباب دعم جماهير نادي سلتيك القوي لأهل فلسطين وقضيتهم.
لماذا تتعاطف جماهير نادي سلتيك مع فلسطين؟
لفهم سبب دعم مشجعي سلتيك الصريح لنضال الشعب الفلسطيني يجب أن نفهم جذور النادي وأصل مشجعيه. قصة الشعب الفلسطيني في القرن الـ21 هي قصة أجداد مناصري سلتيك الاسكتلندي في القرن الـ19.
ضربت مجاعة مروّعة آيرلندا عام 1845 واستمرت حتى عام 1849، وقامت حينها السلطات البريطانية بنزع ملكية الأراضي من المواطنين، وتركتهم للجوع يفتك بهم، حتى أودت المجاعة بأكثر من مليون قتيل. تسببت المجاعة في شتات الشعب الآيرلندي وهجرته إلى جميع أنحاء العالم، واستقر كثيرون في العاصمة الاسكتلندية؛ غلاسكو.
لم تفتح اسكتلندا ذراعيها لاحتضان الجيران الفارين من الموت جوعاً، بل تم ازدراؤهم واعتبارهم بشراً أدنى عرقياً وثقافياً، وكذلك دينياً إذ كان معظم الآيرلنديين كاثوليكيين. لم تقم السلطات الاسكتلندية بتوفير مساعدات وفرص عمل للآيرلنديين الذين تم اجتثاثهم من أراضيهم غصباً وتم دفعهم خارج أوطانهم دفعاً.
تدهور أحوال الآيرلنديين في غلاسكو، ألهم أندرو كيرنز وهو رجل دين كاثوليكي، واسمه الكنسي الأخ ويلفريد، لتأسيس نادي كرة قدم من أجل تحقيق إيرادات لإطعام المهاجرين الآيرلنديين المقيمين في غلاسكو والتخفيف من معاناتهم.
تذكر المأساة الفلسطينية جماهير سلتيك بمأساة أجدادهم الذين هجروا من أراضيهم وتركوا لوحش الجوع يفترسهم بلا رحمة. تذكرهم أيضاً بأجدادهم الذين فقدوا حياتهم جوعاً بعدما سلبتهم السلطات البريطانية من أراضيهم وهجرتهم منها، ومنحتها لآخرين زوراً. ومن كان يسرق الملاك الجدد ليطعم صغاره كان يعاقب بالنفي إلى أستراليا مدى الحياة!
هذه المأساة المروّعة التي عاشها الآيرلنديون، جعلتهم يقفون إلى جوار الشعوب المضطهدة. فأظهر مشجعو سلتيك تضامنهم مع شعب جنوب أفريقيا المضطهد في ظل نظام الفصل العنصري، وشعب الباسك الذي يسعى للاستقلال عن إسبانيا، كما رحبوا باستقبال اسكتلندا للاجئين من مناطق الحروب في العالم.
بينما تم حل معظم الصراعات العرقية بالعالم أو على الأقل توقفت عمليات التطهير العرقي فيها، إلا أن محنة الفلسطينيين تفاقمت وازدادت سوءاً.