قام الجنرال سليمان قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بزيارات لكل من سوريا والعراق للترتيب مع "فصائل محور المقاومة"، لشن أي هجوم محتمل على الاحتلال الاسرائيلي بسبب حربه المستمرة على غزة.
ورتب الجنرال الإيراني، حسب مصادر "عربي بوست" مع حلفائه من محور المقاومة لكل من العراق وسوريا واليمن أيضاً، خطة الهجوم المحتمل على الاحتلال الإسرائيلي.
ووضعت طهران الخطوط الحمراء، التي ستتدخل إذا ما تم تجاوزها من طرف إسرائيل في حربها الحالية على غزة، والتي أوقعت أكثر من 3000 شهيد، أغلبهم من المدنيين.
في هذا التقرير يرصد "عربي بوست" متى يُمكن لإيران أن تتدخل، وتشن هجوماً على الاحتلال الإسرائيلي.
متى يمكن أن يكون تدخل إيران ضد إسرائيل؟
في مقابلته مع وسائل الإعلام الإيرانية، بعد عودته من رحلته الإقليمية، حذّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من تصعيد كبير محتمل في المستقبل.
وحذّر عبد اللهيان من أن "توسيع الحرب الناتج عن الغزو البري الإسرائيلي سيغير الخريطة الجغرافية لنظام الاحتلال"، مضيفاً أنه "في الوقت الحالي تتعرض مستشفى للأطفال في غزة لهجوم بالقنابل الفسفورية، إذا لم ندافع عن غزة اليوم فيجب علينا غداً الدفاع عن مستشفيات الأطفال في بلادنا".
وكرر المسؤولون الإيرانيون، وعلى رأسهم وزير الخارجية الإيراني، أن التدخل الإيراني والتصعيد وفتح جميع الجبهات، واندلاع حريق في المنطقة سيكون سببه الغزو البري الاسرائيلي لغزة، فهل هذه المسألة هي الخط الأحمر لإيران للتدخل في الحرب الحالية؟
يجيب عن هذا السؤال، الخبير الاستراتيجي والعسكري المقرب من الحرس الثوري ودوائر صنع القرار في إيران، لـ"عربي بوست" قائلاً: "بصراحة إيران لا تريد التدخل في هذه الحرب، إنها تعلم كم الخسائر الفادحة التي ستتكبدها هي وفصائل محور المقاومة".
وأضاف: هناك معضلة ضخمة في الدخول في هذه الحرب، وهي الاحتمالات الكبيرة لتكبد فصائل محور المقاومة الخسائر، بعد أن ظلت طهران لعشرات السنوات تحاول تقوية هذا الفصائل لتكون نفوذها العسكري في المنطقة.
ويضيف المصدر ذاته قائلاً: "لا يمكن لإيران أن تقف موقف المتفرج وهي ترى غزة تُباد وحماس، التي هي جزء من محور المقاومة تطلب العون، سيكون الأمر بمثابة تخلي إيران عن حلفائها، لكن الغزو البري الإسرائيلي ليس هو الخط الأحمر لإيران للتدخل، انهيار حماس هو الخط الأحمر".
وبحسب الخبير العسكري والاستراتيجي الإيراني، الذي تحدث لـ"عربي بوست"، فإن لدى إيران عدداً من الخطوط الحمراء غير الغزو البري الإسرائيلي لغزة للدخول في الحرب.
وأضاف المتحدث "عندما تصل حماس إلى شفا الانهيار، ستتدخل إيران وحلفاؤها بسرعة كبيرة، ولا مجال للتراجع، وعندما يتعرض حزب الله لضربة إسرائيلية قوية، ستتخذ طهران قرارها بدخول الحرب، وأيضاً عندما تتعرض إيران لهجمة إسرائيلية كبيرة، سيكون من المستحيل عدم المشاركة في هذه الحرب".
كما أكد المصدر السابق على نقطة أن انهيار حركة حماس سيكون العامل الأبرز لتدخل إيران وحلفائها بشكل مباشر وكبير في الحرب، قال المصدر العسكري الإيراني المقرب من حزب الله اللبناني، إن مسألة احتمالية انهيار حماس هي الأهم في دفع فصائل المقاومة وإيران للتدخل في الحرب.
متى سيتدخل حزب الله؟
لكن التخطيط للبدء من الجهة السورية لا يعني تقليل دور حزب الله اللبناني، الذي قد وضع خطته للتعامل مع إسرائيل في حالة الغزو البري الإسرائيلي لغزة، كما قالت المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست".
في هذا السياق، قال مصدر عسكري إيراني مقرّب من حزب الله في لبنان لـ"عربي بوست" إن "حزب الله وضع 3 مستويات للدخول في الحرب الحالية موزعة كالتالي:
- المستوى الأول: هو بقاء الجبهة الشمالية نشطة، لكن بشكل محدود من خلال الأسلحة الخفيفة، والهجوم على السطح وليس العمق.
- المستوى الثاني: سيكون في حالة الغزو البري الإسرائيلي، وسيتم استخدام الأسلحة الثقيلة لضرب أهداف إسرائيلية محددة.
- المستوى الثالث: في حالة ردت إسرائيل بالهجوم علي لبنان، أو تعرّضت إيران لهجمات اسرائيلية، سيقوم حزب الله باستخدام الهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار لإصابة أهداف استراتيجية وحساسة داخل إسرائيل، بالإضافة إلى انتشار كبير وواسع لقواته البرية.
من الجولان ستكون البداية
من جهته، قال مسؤول استخباراتي إيراني مقرّب من الحرس الثوري والقيادة العليا لـ"عربي بوست" إنه "في حالة التصعيد سيكون من الجهة السورية وليس من لبنان؛ حفاظاً على حزب الله".
وأضاف المتحدث أن "التصعيد من ناحية حزب الله سيجر لبنان بأكمله إلى الحرب، وهذا ما لا يريده حزب الله ولا إيران، لأن طهران تريد الحفاظ على البنية التحتية العسكرية لحزب الله لأطول وقت ممكن".
كشفت مصادر لـ"عربي بوست" أن إسماعيل قاآني، خلال زيارته الأخيرة لدمشق، أخبر بشار الأسد بشكل مباشر وجدّي برغبة إيران وباقي فصائل محور المقاومة بتجهيز الجبهة السورية؛ لأنها ستكون بداية التصعيد على إسرائيل في حال تحقق ذلك.
وقال مسؤول إيراني رفيع المستوى، مقرب من دوائر صنع القرار في طهران: "نعلم أن الأسد ليست لديه نية جادة في دخول حرب غزة، وقد أخبر قاآني بأن الوضع في سوريا صعب على جميع الأصعدة، ولا يحتمل الدخول في حرب جديدة، لكنه في نفس الوقت لا يمكن أن يرفض طلباً لحلفائه".
وبحسب مصدر "عربي بوست"، فإن الخطة الإيرانية لبدء التصعيد ضد إسرائيل ستبدأ تحديداً من الجولان بعملية برية محدودة في البداية، والتجهيز لهذه الخطة قد بدأ بالفعل بعد ساعات قليلة من مغادرة الجنرال إسماعيل قاآني لدمشق.
وبحسب قائد عسكري إيراني موجود الآن في سوريا، فإنه "تمت إعادة انتشار وتمركز القوات الإيرانية وقوات حزب الله بالقرب من هضبة الجولان السورية المحتلة"، مضيفاً: "نحن أصبحنا على بُعد أمتار قليلة من القوات الإسرائيلية".
تصريحات وزير الخارجية
في مقابلته مع وسائل الإعلام الإيرانية، قال وزير الخارجية الإيراني إنه يتم بذل الكثير من الجهود حتى لا تستمر الحرب الحالية على غزة"، وألمح أمير عبد اللهيان إلى أن فكرة "العمل الوقائي تدرسها حركة حزب الله اللبنانية وباقي فصائل المقاومة في العراق واليمن وسوريا".
وابتعدت تصريحات وزير الخارجية الإيراني كثيراً عن الدبلوماسية بعد عودته من رحلة إقليمية شملت كلاً من: قطر، سلطنة عمان، العراق، لبنان، وسوريا.
وأثارت هذه التصريحات العديد من التكهنات بخصوص خطة إيران لشن هجوم على إسرائيل من قبل حزب الله اللبناني، خاصة أن فكرة العمل الوقائي كانت بدعم وتشجيع كبير من الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بحسب ما أخبرتنا به المصادر الإيرانية.