“غير مسؤول ولا مؤهل”.. “معاريف”: الأمريكيون يأتون إلى إسرائيل لعلمهم بأنه لا يمكن الوثوق بنتنياهو

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/17 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/17 الساعة 12:02 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية الأمريكية بلينكن ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة، أكتوبر 2023/ رويترز

في البداية ذهب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وتبعه وزير الدفاع لويد أوستن. والرئيس الأمريكي بايدن في طريقه إلى إسرائيل، وهم لا يأتون بلا سبب. فبلينكن لا يستمتع بقطع لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ليحتمي بملجأ، لأن حماس أطلقت رشقة صاروخية. الأمريكيون يأتون إلى إسرائيل؛ لأنهم يعرفون أن نتنياهو غير مؤهل ومتخبط، ويعلمون أيضاً بضرورة وجود شخص مسؤول، وأن لا أحد يمكن الثقة به لبحث ما سيحدث في هذه المواجهة مع غزة، كما تقول صحيفة Maariv الإسرائيلية.

وبحسب التقارير، شارك بلينكن في مناقشات مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي، ويتلقى بايدن تقارير منتظمة عن هذا الوضع. وهذا يذكرنا بقطار المسؤولين الأمريكيين الجوي الذي اتجه إلى إسرائيل قبل أكثر من عشر سنوات، حين كانوا يخشون أن يهاجم نتنياهو إيران. وكان خوفهم حينها غير مبرر، فلم يكن لدى نتنياهو الشجاعة لمهاجمة إيران، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية. أما الآن فالظروف مختلفة، ليس في أن نتنياهو أصبح شجاعاً فجأة، فهذا لم يحدث، لكنه ببساطة فقد القدرة على إدارة الأحداث بعد هجوم حماس المباغت، ولذلك فالأمريكيون يتولون المسؤولية؛ لأن نتنياهو لا يفعل.

"لم يتحمل نتنياهو يوماً المسؤولية عن أي شيء"

تقول معاريف إن مدير الشاباك رونان بار اعترف بمسؤوليته عن فشل جهازه في التحذير من هجوم حماس في رسالة إلى مرؤوسيه. وأقر رئيس الأركان اللواء هرتسي هاليفي قبل أيام قليلة بفشل قسم الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، الذي يخضع لسلطته، في مهمته.

لكنّ شخصاً واحداً فقط ليس مسؤولاً. ما مسؤوليته؟ لم يتحمل نتنياهو يوماً المسؤولية عن أي شيء. لا في كارثة ميرون، ولا في حريق غابات جبل الكرمل، ولا في اقتراب إيران من تحولها إلى دولة نووية، ولا في الإفراج الكارثي عن أكثر من ألف فلسطيني في صفقة شاليط. سيجد دائماً شخصاً آخر يحمله المسؤولية. هذا هو بطل العالم في مسؤولية المسافات الطويلة. في وقت تلقي الأوسمة أو التكريمات أو الكوبونات، تجده على رأس الصف. أما حين تبحث عن شخص يتحمل مسؤولية الإخفاقات، فيختفي ولا يمكن العثور عليه.

وزوجة هذا الرجل، في محادثات مغلقة، تلوم الجميع. وتقول إن رئيس الأركان ورئيس الموساد ورئيس الشاباك هم المسؤولون عن الفشل. زوجها لم يفعل إلا ما كانوا يأمرونه به. ليس هو المسؤول، بل هم. وآلة نتنياهو الدعائية السامة تنشر، ومقابل أجر، منشورات تهاجم رئيس الموساد. وتكتيكاته القديمة والسخيفة في وسائل الإعلام تعمل باستمرار على تقويض موقف القادة العسكريين ونظام الاستخبارات. ورفاقه  الفاسدون يهاجمون الرجال القلائل الذين تحملوا مسؤولية أفعالهم. 

وتقول الصحيفة التي شنت هجوماً على نتنياهو إنه من الضروري أن نتذكر أن هذا الرجل لم يقدم قط على إنشاء لجنة تحقيق حكومية. وأنه رئيس الوزراء الذي تولى منصبه لفترة أطول من أي شخص آخر، لكنه لم يفكر قط في تشكيل أي لجان تحقيق. ولا حتى بعد أعنف كارثة مدنية في التاريخ في جبل ميرون. لا  شيء ليحقق فيه. كل شيء واضح: نتنياهو ليس المسؤول، وأي شيء آخر لا يهم.

"نتنياهو لن يفلح بالهروب هذه المرة من المسؤولية"

وتضيف الصحيفة: المذهل أنه يتصور أن هذا سيفلح هذه المرة أيضاً. أنه سيتمكن من إغماض عينيه من جديد، وأنه سيجد كبش فداء يحمله المسؤولية، وأنه سيفلت بطريقة ما من عدوه الأكبر: المسؤولية. لكنه مخطئ. فلن نتركه حتى يعترف بالأمر الواضح: أنه المسؤول الأكبر. 

وأنه رئيس الدولة، رئيس الوزراء. وهو لم يشغل هذا المنصب قبل نصف عام من الكارثة، بل يسعى إليه ويتشبث به، منذ أكثر من 15 عاماً. وفي كل هذه السنوات، صاغ بنفسه الاستراتيجية الأبرز لإدارته: التنازل أمام مع حماس. هو اعترف بذلك، واعترف به رفاقه، وقالها وكتبها ونادى بها: علينا تقوية حماس وإضعاف السلطة الفلسطينية لأجل تبرير المستوطنات. وبهذه الطريقة، التي تعتمد على مبدأ فرق تسد، شرعن هذا الوضع الراهن والركود، دون يفعل شيئاً سوى الاستمتاع بوقته.

وهذه الاستراتيجية لم يبتكرها رئيس أركان أو رئيس الشاباك أو أي كيان عسكري آخر. إذ يتلقى الجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع التوجيهات من السلطة السياسية ويضعونها موضع التنفيذ. وحين سرب العرض التقديمي للجيش الإسرائيلي، في خضم عملية "الجرف الصامد"، الذي يقول فيه إن احتلال غزة سيؤدي إلى مقتل مئات الأشخاص، أراد الاختباء وراءه ليفسر للجمهور سبب هروبه مرة أخرى، وتجنبه الإقدام على أي فعل، وخلف مرة أخرى وعده الانتخابي الذي قطعه عام 2009.

لكن مهمة الإنقاذ انتهت هذه المرة يا سيد نتنياهو، طوال حياتك كنت تهرب من المسؤولية. وفي النهاية، لحقت بك. ومن المؤسف أن الثمن الذي ندفعه مقابل هذه المطاردة باهظ جداً، تقول معاريف.

رحلة بلينكن للشرق الأوسط كانت فوضوية

في السياق، تقول صحيفة New York Times الأمريكية، يوم الثلاثاء 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إن الرحلة التي أجراها وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، إلى الشرق الأوسط امتدت من يومين إلى 6 أيام، وتوقف خلالها في 10 محطات حتى صباح الثلاثاء 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما يؤشر إلى حجم وتعقيد الأزمة الدبلوماسية التي يواجهها الوزير الأمريكي، مع تصاعد الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية. 

وخلال حديثه إلى المراسلين في العاصمة المصرية القاهرة يوم الأحد الفائت، قال بلينكن: "أعتقد أنني نسيت عدد الدول التي هبطت فيها طائرتي". لكنه سرعان ما ذكر العدد الصحيح للدول التي زارها منذ مغادرته واشنطن بعد ظهر يوم الأربعاء، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي: مصر والبحرين وقطر والإمارات، بالإضافة إلى زيارتين لكل من إسرائيل والأردن والسعودية.

هذه الرحلة التي أجراها بلينكن والتي وصفتها الصحيفة بأنها "فوضوية"، بدأت بعد أيام قليلة من هجوم حماس، حيث قدّم بلينكن موعد زيارته للمنطقة التي كان مخططاً لها في الأسبوع التالي، وأعلنت وزارة الخارجية أنه سيغادر لزيارة إسرائيل والأردن في الـ11 من أكتوبر/تشرين الأول، قبل العودة في يوم الجمعة الـ13 من أكتوبر/تشرين الأول.

إلا أنه مع تصاعد الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة، سرعان ما أُلغيت تلك الخطة، بعد أن وسع مسؤولو وزارة الخارجية مسار رحلة بلينكن، ليضم عدة عواصم كبرى أخرى، بالتنسيق مع البيت الأبيض.

وتُشير الصحيفة الأمريكية إلى أن بلينكن لم ينجح حتى الآن في تحقيق أحد أهدافه، وهو تأمين المرور للمواطنين الأمريكيين من غزة إلى مصر عبر معبر حدودي، إذ ظل المئات عالقين عند المعبر المغلق حتى يوم الإثنين، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

لكن بلينكن لم يدخر جهداً رغم إخفاقه حتى الآن، فبعد وصوله إلى المنطقة، وضع بلينكن ومساعدوه في يوم الخميس 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جدول رحلتهم لليوم المقبل، واستقروا على زيارة أربع دول هي الأردن وقطر والبحرين والسعودية.

وكثّف بلينكن اجتماعاته بالسفر في رحلةٍ نهارية سريعة من الرياض إلى الإمارات يوم السبت، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم عاد إلى العاصمة السعودية ثانيةً، واستعد في مساء السبت للقاء ولي العهد محمد بن سلمان.

بحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه طُلِبَ من المراسلين المسافرين مع بلينكن الاستعداد لخروج موكب الوزير من فندق الإقامة في أي لحظة من أجل التوجه للقاء ولي العهد، لكن الانتظار استمر لساعات منذ منتصف الليل وحتى الثانية صباحاً، ثم الرابعة صباحاً بعدها. 

في النهاية، وافق الأمير على لقاء بلينكن بعد الساعة الـ7:30 من صباح الأحد داخل مقر إقامته الخاص في مزرعته، مما يعني منع دخول الصحفيين الذين سهروا طوال الليل تقريباً.

المسؤولون قالوا إنه من المعتاد لولي العهد أن يُبقي أهم زواره في الانتظار، ومع ذلك، كانت تلك الواقعة نادرةً ومحبطة على الأرجح بالنسبة لبلينكن المحروم من النوم، والمعتاد على تكيّف المسؤولين الأجانب مع جدول زيارته.

تحميل المزيد