تضغط الولايات المتحدة على الزعماء العرب من أجل اتخاذ خطوات للحيلولة دون أي تصعيد ناجم عن اجتياح الاحتلال الإسرائيلي المحتمل لغزة أو احتواء هذا التصعيد إن وقع، بينما يخشى المسؤولون العرب أن سكوتهم على اجتياح إسرائيل لغزة قد يشعل احتجاجات في الشوارع، وفق ما ذكرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
الصحيفة الأمريكية أوضحت في تقرير لها، السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن بعض المسؤولين العرب يخشون أن تدفع صور القصف العنيف في غزة ومبانيها التي سويت بالأرض مواطني بلادهم إلى الاحتجاج في الشوارع؛ وزيادة تأييد حماس على نحو يجعلها القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني؛ وتقوية حزب الله وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن.
فيما سعى المسؤولون الأمريكيون، خلال الأسبوع الماضي، إلى نقل هذه المخاوف من اجتياح إسرائيل لغزة إلى نظرائهم في تل أبيب.
تأطير الرد العربي على اجتياح إسرائيل لغزة
قال أحد الدبلوماسيين العرب إن الهدف من جولة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في العواصم العربية هو السعي لتأطير الرد المنتظر من تلك الدول على اجتياح إسرائيل لغزة الذي قد يكون شديد التدمير لغزة.
سعى بلينكن، في الاجتماعات التي عقدها في تل أبيب وفي الدول التي زارها بالمنطقة، إلى حثِّ الدول العربية على تنحية عدم الثقة بإسرائيل والتعاون لعزل حماس، والوقوف بثبات في وجه تهديدات حزب الله في لبنان وداعمه القوي إيران.
تتكئ الضغوط الأمريكية في المنطقة على جهد أمريكي طويل الأمد لتطبيع علاقات مستقرة بين الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية، وقدرة هذه الجهود على تخطي التعقيدات الناشئة عن أعمال العنف الأخيرة والوضع الإنساني المتردي في غزة، وفق ما ذكرته "وول ستريت جورنال".
حيث قال بلينكن قبيل اجتماعه مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: "حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني ولا تطلعاته المشروعة للمستقبل"، بل إن "حماس جماعة إرهابية. وبرنامجها الوحيد هو تدمير دولة إسرائيل وقتل اليهود. ومن المهم أن يراها العالم أجمع على هذا النحو".
فيما قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أجرى، السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول، اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
كما قال بايدن لنتنياهو إن إسرائيل تحظى بدعم الولايات المتحدة "الراسخ"، وناقش التنسيق الأمريكي مع الأمم المتحدة ومصر والأردن وإسرائيل، "لضمان حصول المدنيين الأبرياء على الماء والغذاء والرعاية الطبية". وقال لعباس إنه سيقدم "دعمه الكامل" لجهود السلطة الفلسطينية في السعي لتوفير المساعدة الإنسانية في غزة.
المهمة الأمريكية لن تكون سهلة
مع ذلك، لم يكن قطع الطريق على حماس -ولا طمأنة الحلفاء العرب الذين لا يثقون كثيراً بإسرائيل- أمراً سهلاً. وقد أرادت الأسرة الحاكمة في قطر الاستمرار في استضافة المكتب السياسي لحماس على أراضيها لتمكين الاتصالات بشأن الأسرى الذين احتجزتهم حماس في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
حيث قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع بلينكن، الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول، إن مكتب حماس سيظل مفتوحاً "ما دامت الاتصالات مفتوحة في الوقت الحالي، والعمل جارياً على وضع نهاية لهذا الصراع".
فيما يدرك المسؤولون الأمريكيون أن هناك قيوداً على الزعماء العرب تحول دون جهرهم بانتقاد حماس، خشيةَ أن يخالفوا بذلك التأييد الشعبي في بلدانهم للنضال الفلسطيني في مواجهة إسرائيل. ومن الشواهد على ذلك أن السعودية انتقدت إسرائيل في تعليقها على هجوم حماس وما تبعه من هجمات إسرائيلية على قطاع غزة.
إذ قال وزير الخارجية السعودي، يوم السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول: "من المهم أن ندين جميعنا استهداف المدنيين بأي شكل، وفي أي وقت، ومن أي شخص".
في مصر، ضغط المسؤولون الأمريكيون على نظرائهم المصريين للتفاوض بشأن خروج المقيمين الأجانب في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية.
كما قال مسؤولون أمريكيون وعرب أن المناقشات بين البلدين ركزت على تأمين الخروج الآمن لما يقدر بنحو 500 إلى 600 أمريكي في غزة. وقد أجرت حكومة الرئيس المصري محادثات مماثلة مع الدول العديدة التي تتطلع إلى إخراج رعاياها من غزة بعد اندلاع الحرب.
إلا أن هذه المحادثات لم تتناول مصير الفلسطينيين الذين قد يرغبون في الخروج من قطاع غزة قبل الغزو البري الإسرائيلي المتوقع. وقال مسؤول عربي: "لم تُناقَش فكرة فتح معبر رفح أمام [جميع] المدنيين"، بل "تحدث الأمريكيون فقط عن المرور الآمن لحاملي الجنسية الأمريكية".
دعم بايدن لإسرائيل
من جهة أخرى، فإن الدعم القوي الذي قدمته إدارة بايدن لإسرائيل أحد العوامل التي تضفي صعوبات على مهمة بلينكن في الضغط على الدول العربية.
مع ذلك، ترى الولايات المتحدة أن الدعم العسكري القوي لإسرائيل أمر بالغ الأهمية لردع حزب الله اللبناني عن فتح جبهة ثانية في شمال إسرائيل، والحيلولة دون توسع العنف إلى الضفة الغربية.
علاوة على ذلك، فإن أي تردد في دعم إسرائيل من شأنه تقوية الهجمات السياسية لأنصار الحزب الجمهوري الساعين إلى استعادة الرئاسة في البيت الأبيض.
على الرغم من ذلك، يزعم المسؤولون الأمريكيون أنهم لا يسعون إلى صياغة الحملة العسكرية الإسرائيلية على حماس، وإنما يدعمونها فقط، ويؤكدون أنهم يريدون الاعتماد على الاحتلال الإسرائيلي لتقليل التداعيات على المدنيين، وهو مطلب رئيسي للدول العربية.